نتنياهو يرفض أي سيادة فلسطينية على غزة مابعد الحرب

الجيش الإسرائيلي يقول أن قواته مدعومة بإسناد جوي وبحري تدمّر "البنية التحتية" للفصائل الفلسطينية في جميع أنحاء غزة.
حماس تعتبر أنّ بايدن يحاول "بيع الوهم"
خان يونس الساحة الجديدة للقتال البرّي والغارات الجوّية

غزة – كرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت رفضه منح الفلسطينيين السيادة على غزة لضمان ألا تُشكّل "بعد الآن تهديدا لإسرائيل" فيما احتدم القتال في القطاع الفلسطيني في اليوم السادس بعد المئة من الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس.

وقال مكتب نتنياهو في بيان وصفته صحيفة تايمز أوف اسرائيل بـ"النادر" إنّه "في محادثته مع الرئيس (الأميركي جو) بايدن، أكّد رئيس الوزراء نتنياهو مجددًا سياسته المتمثلة في أنه بعد تدمير حماس، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان ألا تشكّل غزة بعد الآن تهديدًا لإسرائيل، وهو شرط يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية".

وقال مكتب تنتياهو إن على إسرائيل أن تحافظ على سيطرتها الأمنية الكاملة على غزة، بعد أن أشار الرئيس الأميركي إلى أن الزعيم الإسرائيلي قد يقبل "نمطا" ما لحل الدولتين، نافيا تقريرا أفاد بأنه أبلغ بايدن أنه لا يستبعد إقامة دولة فلسطينية.

وجاء البيان بعد أن أفادت شبكة "سي.إن.إن" نقلا عن شخص مطلع على المحادثة، أن نتنياهو قال لبايدن إن التصريحات العلنية التي أدلى بها في اليوم السابق  والتي بدا فيها أن رئيس الوزراء يرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية  لا تعني أنه يستبعد هذه النتيجة بالكامل.

وأضاف البيان أنه في محادثته مع الرئيس بايدن، كرر رئيس الوزراء نتنياهو موقفه الثابت لسنوات، والذي أعرب عنه في مؤتمر صحفي في اليوم السابق "بعد القضاء على حماس، يجب أن تحافظ إسرائيل على سيطرة أمنية كاملة على قطاع غزة لضمان ألا تشكل غزة بعد الآن تهديدا لإسرائيل  وهذا يتناقض مع المطالب بسيادة فلسطينية".

نتنياهو يرفض رؤية بايدن لغزة ما بعد الحرب التي تنص على توحيدها سياسيا مع الضفة الغربية تحت حكم السلطة الفلسطينية كجزء من مبادرة دبلوماسية أوسع تهدف إلى تحقيق حل الدولتين وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم".

وهناك خلافات متنامية بين القدس وواشنطن بشأن الحرب في غزة، التي شنتها إسرائيل ردا على الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر، عندما قتل مسلحون فلسطينيون حوالي 1200 شخص، واحتجزوا حوالي 240 رهينة.

وأبدى بايدن بعد المكالمة الجمعة تمسّكه بحلّ الدولتين موضحًا أنّ "هناك عددا من الأنواع لحلول الدولتين. ثمة عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليست لديها جيوش".

ويرفض نتنياهو رؤية بايدن لغزة ما بعد الحرب والتي تنص على توحيدها سياسيا مع الضفة الغربية تحت حكم السلطة الفلسطينية كجزء من مبادرة دبلوماسية أوسع تهدف إلى تحقيق حل الدولتين في نهاية المطاف وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم".

وفي حين استبعد نتنياهو فكرة إقامة دولة فلسطينية، فإنه لم يقدم سوى القليل من التفاصيل حول رؤيته البديلة لغزة، في حين منع مجلس الوزراء من إجراء مناقشات حول هذه المسألة لإدراكه بأن ذلك يهدد بانهيار ائتلافه.

وقال نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي الخميس "من يتحدث عن ’اليوم التالي لنتنياهو’، فإنه يتحدث في الأساس عن إقامة دولة فلسطينية مع السلطة الفلسطينية". مضيفا إن معظم المواطنين الإسرائيليين يعارضون إقامة دولة فلسطينية وأنه سيقاوم الفكرة دائما.

وتابع أنه في "كل الأراضي التي نخليها، نحصل على إرهاب، إرهاب رهيب ضدنا”، مستشهدا بغزة وجنوب لبنان وأجزاء من الضفة الغربية. لذلك، قال انه "في أي ترتيب مستقبلي، أو في حالة عدم وجود ترتيب"، يجب على إسرائيل الحفاظ على "السيطرة الأمنية" على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن – أي إسرائيل والضفة الغربية وغزة. "هذا شرط أساسي".

وأقر بأن هذا "يتناقض مع فكرة السيادة (للفلسطينيين). ما الذي يمكن فعله؟ أقول هذه الحقيقة لأصدقائنا الأميركيين". ومع ذلك، أكد نتنياهو أن موقفه لن يمنع إسرائيل من توسيع دائرة السلام إلى دول عربية جديدة، "إلى جانب أصدقائنا الأميركيين".

كما ورد أن نتنياهو رفض اقتراحا أميركيا، قدمه وزير الخارجية أنتوني بلينكن عندما زار في وقت سابق من هذا الشهر، يقضي بقيام السعودية المساعدة في إعادة إعمار غزة إلى جانب العديد من الدول العربية الأخرى بالإضافة إلى الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة أن توافق الأخيرة على تزويد الفلسطينيين بمسار نحو إقامة دولة فلسطينية.

من جانبه، اعتبر عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق السبت أنّ بايدن يحاول “بيع الوهم الذي… لا ينطلي على شعبنا”.

وأكّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش السبت خلال قمة حركة عدم الانحياز في أوغندا أنّ "رفض قبول حلّ الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك إنكار حقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، أمر غير مقبول".

وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه السبت أنّ "للفلسطينيين الحق في السيادة وفي إنشاء دولة”، مؤكداً عبر منصة إكس أنّ “فرنسا ستبقى وفية لالتزامها من أجل بلوغ هذا الهدف".

ومساء السبت، تظاهر آلاف الإسرائيليين في وسط تل أبيب للمطالبة بإعادة الرهائن المحتجزين في غزة وإجراء انتخابات مبكرة لإطاحة نتنياهو.

وكثّف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في قطاع غزة السبت، حيث قُتل حوالي 25 ألف شخص منذ بداية الحرب حسب آخر حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحماس، في وقت تصاعدت التوترات في سوريا مع مقتل خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني في ضربة نسبها الحرس إلى إسرائيل.

وفي قطاع غزة، أفاد مراسل وكالة فرانس برس بحصول قصف مدفعي وغارات جوية إسرائيلية مكثّفة خصوصا في مدينة خان يونس (جنوب) التي باتت الساحة الجديدة للقتال البرّي والغارات الجوّية، بعدما تركّزت المرحلة الأولى من الحرب في شمال القطاع.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ قواته مدعومة بإسناد جوي وبحري تدمّر "البنية التحتية" للفصائل الفلسطينية في جميع أنحاء القطاع، كما استهدفت منصّات إطلاق صواريخ في خان يونس.

وأتى هذا التطور في وقت أفادت حماس بحصول معارك عنيفة في شمال القطاع المحاصر والمدمّر. وبحسب الحركة، قُتل 165 شخصا في الساعات الـ24 الأخيرة، فيما أصيب 62388 شخصا منذ بداية الحرب.

واندلعت الحرب التي دمّرت قطاع غزّة وشرّدت أكثر من 80 في المئة من سكّانه، إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر أسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب أرقام رسميّة.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن ونُقلوا إلى غزّة، وأطلِق سراح زهاء 100 منهم خلال هدنة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر. ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزّة، ويُعتقد أنّ 27 منهم لقوا حتفهم.

والسبت، ألقى الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح التي يتجمع فيها عشرات آلاف النازحين مناشير تُظهر صور الرهائن وتدعو السكان إلى مشاركة أي معلومات عنهم. وفي رفح "قُتل خمسة أشخاص بينهم امرأة" في "قصف استهدف سيارة مدنية"، وفق حماس.

وأعربت منظّمة الصحة العالميّة عن أسفها لـ"ظروف الحياة غير الإنسانيّة" في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة إلى كلّ شيء، بما في ذلك الاتّصالات.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن 375 ألف شخص مهددون بـ"سوء تغذية حادّ" في غزة. ونزح ما لا يقلّ عن 1.7 مليون شخص بسبب الحرب في غزة، حسب أرقام جديدة صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أعلنت الجمعة أنّ نحو 20 ألف طفل ولدوا "في جحيم" الحرب منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر في "ظروف لا يمكن تصورها، بينما عبرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن قلقها بشأن عدد "النساء والأطفال" القتلى، محذّرة من صدمة "تستمر لأجيال".