'السينما الأفريقية.. جمالية تسائل عصرها' في خريبكة
خريبكة (المغرب) - تحت شعار "السينما الأفريقية.. جمالية تسائل عصرها" انطلقت السبت الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الدولي للسينما الأفريقية في مدينة خريبكة بالمغرب، بمشاركة أكثر من 300 سينمائي.
وكرم المهرجان في الافتتاح الممثل المغربي محمد الخلفي (87 عاما) الذي يزخر مشواره بالأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، مع عرض فيلم توثيقي يبرز المكانة التي يحظى بها المحتفى به الذي أثرى رصيد السينما والفيلم المغربي بأعمال قيمة ما زالت صامدة إلى اليوم منها أفلام "الصمت اتجاه ممنوع" و"الوتر الخامس" و"الدم المغدور".
وقال رئيس مؤسسة مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية الحبيب المالكي إن هذه التظاهرة ذات البعد القاري، تروم الاحتفاء سنويا بالتعدد، والابتكار وتجذر السينما الأفريقية، مضيفا أنها تشكل منصة مواتية لتقاسم الأعمال السينمائية ذات الجودة الرفيعة، والجذابة، والملهمة.
وأبرز المالكي في كلمة بالمناسبة، قدرة هذه الأعمال على تجاوز الحدود التي تفرضها كافة الظروف الاجتماعية والثقافية، مؤكدا في هذا الصدد أهمية السينما في اكتشاف فضاءات جديدة، و"ضمان تشبيكنا مع واقع مختلف، وإذكاء خيالنا، مع حفز عواطفنا الجوانية".
ولفت إلى أن القارة الأفريقية تختزن مواهب استثنائية تتوسل بـ"الفن السابع" لتشاطر "رؤانا الفريدة، وتجاربنا وآفاقنا"، مسجلا أن المهرجان الذي ينفتح على باقة استثنائية من الأفلام تبرز الغنى الثقافي، والاجتماعي، والسياسي بالقارة الأفريقية"، يرم أيضا التعريف بالمواهب وإبرازها.
ويعرض المهرجان المستمر حتى الثامن عشر من مايو/أيار الجاري 13 فيلما ضمن مسابقة الأفلام الطويلة، و15 فيلما ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، وأربعة أفلام في قسم ضيف شرف المخصص هذا العام لدولة مالي.
وحل السينما المالية ضيفة شرف هذه الدورة، أوضح المالكي أن باقة الأفلام المنتقاة تقدم "لمحة أصيلة عن المعيش، والعادات والابتكار الصميمة بهذا البلد الجميل".
ووفق وكالة المغرب العربي للأنباء، أشار إلى أن السينما الأفريقية عموما، تنكب على عدة تيمات تتعلق أساسا بالقضايا المتعلقة بالهوية الفردية والجماعية، وعلاقة الفرد بتاريخ بلده وقارته، إضافة إلى تسليط الضوء على الحقبة الكولونيالية التي تركت "جروحا لا تندمل وحكتها السينما الأفريقية بأوجه وضروب شتى، كما تعرضت للرهانات السياسية، والاجتماعية، والثقافية الخاصة بهذه المرحلة، دونما إغفال للصعوبات المترتبة عن عسر تشكل هوية وطنية لحقبة ما بعد الاستعمار".
وأضاف أن المواضيع تتناول كذلك التصدي لإشكالية الهجرة، والنزاع بين التقليد والعصرنة بالمجتمعات الأفريقية، والشباب ومستقبل القارة، مبرزا أن التوجه الهام لتطوير السينما الأفريقية يكمن في تنويع الأصناف السينمائية والانكباب على مواضيع متنوعة تجذب الجمهور الواسع.
وينافس المغرب في مسابقة الأفلام الطويلة بفيلمي "صمت الكمنجات" للمخرج سعد الشرايبي و"كأس المحبة" للمخرج نوفل براوي، إلى جانب أفلام من تونس ومصر وتوغو وزامبيا وساحل العاج والكاميرون والسنغال ورواندا وبوركينا فاسو.
وتضم قائمة المسابقة الخاصة بالأفلام الطويلة من تونس "لك جدي" لسارة بن سعود، و"كواليس" لعفاف بن محمود وخليل بنكيران، ومن مصر "جحر الفئران" لمحمد السمان، ومن بنين "الطين" لأركاد أسوغبا، ومن طوغو "حقل المنسيين" لروجي غبيكو، ومن بوركينا فاسو "الحصان" لإليونوري يميغو، ومن كوت ديفوار "طاكسي وارين" لأو أسي، ومن زامبيا "خدمة القلب" لبول ويلو، ومن الكاميرون "عندما تنكسر القيود" لميسين ديريك تان، ومن السنغال "خروف سادا" لباب بونام لوبي، ومن رواندا "العروسة" لمريم بيرارا.
وستبت في مسابقة الأفلام الرسمية الطويلة لجنة تحكيم تضم خمسة أعضاء أجانب، بينما تتشكل لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة من ثلاث أعضاء مماثلين.
ويشمل برنامج المهرجان مجموعة من ورش التدريب في الإخراج والتصوير والمونتاج وإدارة الممثل وموسيقى الأفلام والتحليل السينمائي، إضافة إلى مسابقة في كتابة السيناريو.
كما ينظم المهرجان الأحد ندوة بعنوان "الجمالية في السينما الأفريقية" في مقر الخزانة الوسائطية بخريبكة.
وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد إن المهرجان الدولي للسينما الأفريقية "يبصم على مساره منذ سنة 1977، من أجل تأكيد الصوت الأفريقي، والمتخيل الأفريقي، والحق في الصورة، والمتخيل البصري للشعوب الأفريقية"، مؤكدا أن المهرجان كرس ريادته منذ بداياته من خلال الرهان على سينما حرة، وقريبة من جمهورها، وبعيدة عن النظم التي تفرضها القواعد الغربية الخاصة بالترفيه.
وتابع بنسعيد في كلمة تليت نيابة عنه أن هذا المهرجان واكب تطور وانبثاق السينما الأفريقية بطابع يزاوج بين الابتكار والشعبية، لكونه كان متقدما عما يلاحظ الآن، ويتمثل في مضاعفة الصناعات السينمائية الأفريقية القوية والتنافسية، موضحا أن ريادة المهرجان تتجلى في ثقته بالأندية السينمائية، وبالشغوفين بالسينما، بالمستقلين، وبالهواة، مبرزا أن التظاهرة تجلي أيضا مصادر الإلهام الكامنة في الشباب، والجرأة والخيال، وليس بالأساس في الوسائل الضخمة.
ولفت إلى أن السينما الأفريقية وصلت إلى مرحلة من النضج وبمقدورها الانطلاق في البحث عن الأسواق الوطنية والعالمية، مشيرا إلى أن المخرجين السينمائيين الأفارقة، تم تكريمهم في المقام الأول بخريبكة، قبل أن يشتهروا في المهرجانات السينمائية بأوروبا وبشمال أفريقيا.
وشدد على أن المغرب نجح أيضا في التقعيد لصناعة سينمائية قوية وذات مصداقية، تضع أفريقيا في خريطة الصناعات الإبداعية، "دون أن نضحي لا بالجودة، ولا بروح استقلالية المبدعين. ولأجل ذلك يظل مهرجان خريبكة بالنسبة إلينا نموذجا، نموذجا في المثابرة، والرؤية، والاستقلالية".
ويعد مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية الذي تعود نسخته الأولى إلى مارس/آذار 1977، أقدم مهرجان سينمائي بالمغرب وثالث أعرق مهرجانات القارة الأفريقية.