معاناة الطبقات الفقيرة في مصر بسبب رفع سعر رغيف الخبز

الملايين يشعرون بتأثير زيادة السعر لأن رغيف الخبز المدعم سلعة أساسية لا غنى عنها لأغلب سكان البلاد.

القاهرة - حوّل ارتفاع سعر رغيف الخبز المدعم بأربعة أمثال في مصر الحياة بالنسبة إلى جمال أحمد إلى معاناة أصعب من أي وقت مضى مثله مثل الملايين من المصريين.
ويكافح جمال، المتقاعد البالغ من العمر 64 عاما، أصلا لتلبية احتياجاته حتى قبل إصدار الحكومة المصرية للقرار الجديد.
وتواجه الحكومة في مصر ارتفاعا حادا في تكلفة استيراد القمح وأصدرت قرارا دخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو حزيران بزيادة سعر رغيف الخبز المدعم للمرة الأولى منذ عقود.
وهذه الأرغفة الصغيرة متاحة لأكثر من 70 مليون مصري ولا غنى عنها للفقراء. وعلى الرغم من أن سعرها بعد الزيادة لا يزال مخفضا بشكل كبير، إذ يبلغ بعد القرار 20 قرشا (0.0042 دولار) للرغيف ارتفاعا من خمسة قروش، فهذا السعر فوق طاقة تحمل الكثير من الأسر.
وقال جمال عن ارتفاع سعر الخبز وعدم قدرة الأسر على تحمل المزيد من الغلاء "العملية مش مستحملة" كما عبر عن قلقه من زيادة محتملة أعلنت عنها الحكومة في تكلفة المرافق أيضا وأضاف "فواتير الغاز والكهرباء والماء.. والأسعار عموما مرتفعة بصراحة الله يكون في عون صاحب العائلة أو أصحاب الدخل المحدود".
وسيشعر الملايين بتأثير زيادة السعر لأن رغيف الخبز المدعم سلعة أساسية لا غنى عنها لأغلب سكان البلاد البالغ عددهم 106 ملايين نسمة تقريبا.
ويقول متقاعد آخر هو محمد عبدالعزيز وهو يشتري الخبز المدعم في وسط العاصمة المصرية القاهرة "طبعا سيؤثر عليا ماديا لأني في التقاعد". ووصف الظروف المعيشية بأنها "ماشية بالعافية" أي بالكاد يتحملون النفقات.
وشرح كيف اضطر إلى مواصلة العمل لزيادة الدخل عن معاشه الشهري والإنفاق على ثلاثة أبناء لم يتزوجوا بعد.
وكانت زيادة سعر رغيف الخبز المدعم مسألة ذات حساسية سياسية مما أجل القرار لسنوات في بلد يشكل فيه الخبز الرخيص عنصرا رئيسيا على موائد الطعام بسبب انتشار الفقر.
ورغم جولات متكررة من الإصلاحات التقشفية، أبقت الحكومة أسعار الخبز دون تغيير منذ الثمانينيات لقلقها من رد فعل الشارع. وأثارت محاولة لتغيير نظام الدعم في 1977 أعمال شغب. وبدلا من زيادة السعر، لجأت الحكومة من قبل للحد من المستفيدين وتقليل وزن الرغيف نفسه. ونحو ثلثي السكان يستفيدون من دعم الخبز وأحقيتهم في ذلك تتحدد على أساس الدخل وهذا يمنحهم خمسة أرغفة يوميا.
وبذلك قد ترتفع فاتورة الخبز الشهرية لأسرة مكونة من أربعة أفراد إلى 120 جنيها من 30 جنيها فقط في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه ستة آلاف جنيه بعد زيادته 50 بالمئة في مارس/آذار.

العملة المحلية تواجه العديد من المصاعب
العملة المحلية تواجه العديد من المصاعب

واتخذت الحكومة القرار فيما بلغ معدل التضخم السنوي 32.5 بالمئة في أبريل/نيسان بعد أن وصل إلى 38 بالمئة في سبتمبر أيلول الماضي. كما أن لدى مصر فاتورة ضخمة لخدمة الدين وسمحت بانخفاض حاد في قيمة الجنيه في مارس آذار، عندما تحولت إلى نظام سعر صرف مرن.
ومصر غالبا أكبر مستورد للقمح في العالم. ويقول تجار إن من غير المتوقع أن يغير رفع السعر من كميات مشتريات الحكومة في الأمد القصير. وتسبب انهيار الجنيه والتضخم الجامح في زيادة حادة في فاتورة استيراد القمح الحكومية.
ويقول وزير التموين علي المصيلحي إن السعر الجديد يشكل 16 بالمئة فقط من تكلفة الرغيف التي زادت بسبب ضعف العملة المحلية وزيادة أسعار القمح عالميا.
وذكر المصيلحي أن الحكومة تخصص نحو 125 مليار جنيه (2.65 مليار دولار) لدعم الخبز في موازنة 2024-2025 ارتفاعا من 91 مليارا العام الماضي.
وأضاف أن الوزارة لم تتلق أي شكاوى من المواطنين بعد زيادة السعر.
وتقول الحكومة إنها توسع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي لكن بعض المنتقدين يتساءلون عن سبب خفض دعم الخبز في وقت تنفق فيه الحكومة بسخاء على مشروعات كبرى مما زاد من حجم الديون.
ويقول تيموثي كالداس نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط إن الدولة يجب بدلا من ذلك أن تعطي الأولوية لخفض إعفاءات الشركات التي يملكها الجيش التي تمتع منذ فترة طويلة بامتيازات مالية. وتابع قائلا إن رفع سعر رغيف الخبز المدعم سيكون "ضربة قوية للأسر الفقيرة".
وأضاف أن الخطوة قد تؤجج الإحباط والاستياء العام من الظروف الاقتصادية حتى وإن لم تدفع الناس للتظاهر بعد التضييق على المعارضة وحظر أغلب الاحتجاجات العامة.
ويوم السبت سألت الإعلامية المصرية لميس الحديدي في برنامجها الذي يذاع على إحدى القنوات المحلية وزير التموين عن أن أقساط الديون تشكل نسبة 62 بالمئة من إنفاق الميزانية بينما يمثل الدعم 11.5 بالمئة فقط.
ورد المصليحي بالقول إن مصر عليها أن تسدد الديون وأضاف "إحنا بنتكلم في واقع النهاردة وهنعمل إيه بكرة".