بغداد تحصن الحشد بتبرئته من الهجمات على المطاعم الأميركية

حكومة السوداني تبدو عالقة بين انفلات الميليشيات المسلحة الموالية لإيران وضغوط أميركية.

بغداد - رفضت وزارة الخارجية العراقية الاتهامات التي طالت الحشد الشعبي بمهاجمة المطاعم والشركات الأميركية، مشيرة إلى أن منفذي تلك الهجمات "خارجون عن القانون"، في رد على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية التي يبدو أنها أحرجت بغداد بالقول إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن قوات الحشد لن تطيع أوامر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بصفته القائد العام للقوات المسلحة، خصوصا بعد تقارير عديدة عن خلافات بين الجانبين وخشية الأخير من التصعيد.

وقالت الوزارة العراقية في بيان "تابعنا تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، التي تضمنت معلومات غير دقيقة، حمل فيها الحشد الشعبي مسؤولية أعمال تنتهك الأمن في العراق"، موضحة أن الحشد الشعبى هو مؤسسة أمنية عراقية تخضع بالكامل للقوانين العراقية، وتلتزم بأوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وتعمل بكل جهد لتحقيق الأمان والاستقرار في البلاد وفقا للأطر القانونية المحددة".

وتابعت الوزارة، أن "الاعتداءات التي تمت على بعض المطاعم نفذتها مجموعات من الخارجين على القانون ولا تمثل بأي حال من الأحوال مؤسسة الحشد الشعبي، أما المتورطون في هذه الحوادث، فيخضعون الآن للعقوبات الإدارية والانضباطية المناسبة".

لكن مصادر من داخل المليشيات تؤكد أن الحكومة لا تجرؤ على ملاحقة "مثيري الشغب" على الرغم من علمها بهويتهم، خوفًا من التصعيد. وحذروا من مزيد من الهجمات على المصالح الأميركية في حال توقف انسحاب القوات الأميركية من العراق بشكل أكبر.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، قال الجمعة الماضية إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن قوات الحشد الشعبي لن تطيع أوامر القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني.
وأضاف ميلر في مؤتمر صحافي، "نحن قلقون من أن عناصر الحشد الشعبي لا يطيعون القائد العام للقوات المسلحة العراقية ويشاركون في أعمال عنف وزعزعة الاستقرار في العراق وسوريا". وتابع أن "الهجمات على القوات الأميركية، وقوات التحالف الدولي، وأفراد الجيش العراقي، والمواقع التجارية تنتهك أمن العراق واقتصاده". ونوه "سنواصل مطالبة الحكومة العراقية بكبح جماح هذه الجهات، وتحميلها مسؤولية خرق القانون".

ومنذ أواخر شهر مايو/أيار الماضي تعرضت مطاعم وشركات تحمل علامات تجارية أميركية لهجمات واعتداءات كان آخرها مساء الاثنين الماضي حيث هاجم أشخاص مطاعم في منطقة شارع فلسطين وسط بغداد، وكانت قد سبقتها هجمات على مطاعم وشركات في مناطق متفرقة من العاصمة.

وذكرت مصادر مطلعة أن قسمًا كبيرًا من هؤلاء ينتمون للأجهزة الأمنية، في إشارة إلى أفراد "الحشد الشعبي" باعتباره، وفق القانون جزءًا من تلك الأجهزة.

كما أكد مسؤولان من المليشيات المدعومة من إيران في العراق لوكالة أسوشيتد برس، أن المهاجمين كانوا من أنصارهم، وأن هدفهم هو الترويج لمقاطعة العلامات التجارية الأميركية وردع وجودهم في البلاد.
وقال المسؤولان، اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما بما يتماشى مع لوائح مجموعاتهم، إنها أيضًا "محاولة لتعزيز صورة المليشيات".

وكشف مصدر خاص عن خلاف دائر بين رئيس الوزراء العراقي وفصائل مسلحة داخل الحشد، مشيرا إلى أن الهجمات على المطاعم الأميركية أشعلت فتيل تلك الأزمة بين الطرفين. خصوصًا بعد أن تم إلقاء القبض على عدد من منفذي تلك العمليات.

وأضاف المصدر أن فصيل مسلح متورط باستهداف المطاعم طالب السوداني بالإفراج عن المعتقلين، إلا أن السوداني أصر على معاقبتهم تحت طائلة المادة الرابعة من قانون الإرهاب، وهذه المرة الأولى التي يُلقى فيها القبض على مجموعات من فصائل مسلحة داخل الحشد وفق قانون مكافحة الإرهاب.

والواقع أن جذوة الخلاف موجودة بين الطرفي منذ فترة لكن استهداف المطاعم الأميركية أججها، حيث باتت حكومة السوداني تترنح بين هجمات الميليشيات المسلحة وضغوط واشنطن للسيطرة عليها.

وفي تصريحات سابقة لحكومة السوداني، أعلنت بأن لا حول لها ولا قوة أمام الميليشيات وأمام الإدارة الأميركية، حيث لا تقدم أية ضمانات لأي من الأطراف المتصارعة على الساحة العراقية سواء أثناء عملية التفاوض لخروج القوات الأميركية أو من انتقام الأخيرة من الميليشيات في حال عاودت ضرب قواعدها.

وتتخذ الحكومة الأميركية احتياطات أمنية بهذا الصدد، فقد أصدرت السفارة الأميركية في بغداد بيان تحذير للمواطنين الأميركيين إثر استهداف بعض المطاعم والشركات في العراق من قبل فصائل مسلحة، ونصحت بمواصلة تجنب السفر إلى البلاد.

وتراقب السفارة الأميركية في بغداد التقارير المتعلقة بالهجمات والتهديدات على الشركات والمؤسسات التي يُنظر إليها على أنها تابعة للولايات المتحدة، وفقاً للبيان.

وشددت على أن "يكون مواطنو الولايات المتحدة على دراية بهذا الاحتمال، وأن يراقبوا وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات، وأن يتوخوا الحذر بالقرب من الشركات والمؤسسات الأخرى الموجودة في الولايات المتحدة أو التابعة لها".

وأشار البيان إلى أنّ "تحذير وزارة الخارجية بشأن السفر إلى العراق يظل عند المستوى 4: لا تسافر، بسبب الإرهاب والاختطاف والصراع المسلح والاضطرابات المدنية، وقدرة بعثة العراق المحدودة على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين".