إسرائيل لا تجد أي صعوبة في تصفية قيادات حزب الله
بيروت - أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس اغتياله قياديا ميدانيا من حزب الله في غارة جوية في بلدة دير كيفا بقضاء صور جنوب لبنان وذلك بعد أيام قليلة من تصفية طالب سامي عبدالله الذي يعدّ من أبرز قيادات الجماعة اللبنانية، ما يؤشر على أن إسرائيل لا تجد صعوبة في قتل قيادات الحزب المدعوم من إيران في وقت تستعد فيه لشن هجوم واسع على الجبهة الشمالية.
وقال الجيش في بيان "هاجمت طائرة لسلاح الجو في دير كيفا فضل إبراهيم قائد عمليات منطقة جُويّا في حزب الله وقضت عليه"، كافشا أن "إبراهيم كان مسؤولًا عن تخطيط وتنفيذ اعتداءات ضد الأراضي الإسرائيلية وبالتزامن مع ذلك عمل في قيادة قوات مشاة في منطقة جُويّا".
وأكد أن إبراهيم حاول خلال الأشهر الأخيرة تحسين القتال البري لحزب الله في منطقة جنوب لبنان، مشيرا إلى أن "طائرات حربية في منطقة ريحان أغارت على منصة صواريخ أرض - جو تابعة لقوة الدفاع الجوي في الحزب والتي كانت تشكل تهديدًا على قطع جوية تعمل في الأجواء اللبنانية".
وقال إن "سلاح الجو سيواصل العمل لتطبيق مهام الجيش الإسرائيلي عبر المجال الجوي اللبناني موسعًا حرية عمله هناك".
وفي وقت سابق من اليوم الخميس أعلن حزب الله مقتل إبراهيم قبالة الحدود الجنوبية للبنان، ما يرفع حصيلة قتلاه إلى 347 منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونعى الحزب في بيان "عباس إبراهيم حمزة حمادة (فضل إبراهيم) مواليد عام 1985، من بلدة الشهابية جنوب لبنان والذي ارتقى شهيدا على طريق القدس"، وهو تعبير يستخدمه الحزب للإشارة إلى قتلاه في المعارك الدائرة مع الجيش الإسرائيلي.
والأسبوع الماضي اغتالت إسرائيل القيادي في حزب الله طالب عبدالله المعروف باسم "الحاج أبوطالب" وكان يتولي قيادة مقاتلي الجماعة في المنطقة الوسطى من الشريط الحدودي الجنوبي، فيما وصف الاغتيال بأنه الأهم منذ اندلاع الاشبتاكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وأعلن حزب الله اليوم الخميس قصف موقع عسكري في شمال إسرائيل بعشرات الصواريخ رداً على مقتل أحد مقاتليه بغارة اسرائيلية في جنوب لبنان، وغداة توجيه الأمين العام للحزب تحذيرات شديدة اللهجة إلى إسرائيل.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار بشكل شبه يومي منذ اندلعت الحرب في قطاع غزة بسبب الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب الدولة العبرية.
لكن المخاوف من حرب شاملة ارتفعت بعد تحذير حسن نصرالله الأربعاء من أن أي مكان في إسرائيل "لن يكون بمنأى" عن صواريخ مقاتليه في حال اندلاع حرب.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن مقتل شخص بغارة "مسيرة" إسرائيلية في هذه البلدة الواقعة في جنوب لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف "منصة إطلاق صواريخ أرض جو تابعة لحزب الله شكّلت تهديداً على الطائرات التي تنشط فوق لبنان".
وكان نصرالله قال في كلمة الأربعاء ألقاها خلال تأبين طالب عبدالله "يعرف العدو جيدا أننا حضرنا أنفسنا لأسوأ الأيام وهو يعرف أنه لن يكون هناك مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا"، مضيفا "عليه أن ينتظرنا براً وجواً وبحرا" وجاءت مواقف نصرالله بعد إعلان الجيش الإسرائيلي "الموافقة" على خطط عملياتية لهجوم في لبنان.
وحذّر نصرالله أيضاً "الحكومة القبرصية" من أن "فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الاسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية أصبحت جزءا من الحرب وستتعامل معها المقاومة على أنها جزء من الحرب".
وغداة ذلك، أكّدت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان أن "العلاقات اللبنانية - القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الدبلوماسي" وأضافت أن "التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة" بين البلدين "على أعلى المستويات".
ورد الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس قائلا "جمهورية قبرص ليست متورطة بحال في صراع حرب"، ووصف تصريحات نصر الله بأنها "غير مستساغة"، فيما قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي "أي تهديد لدولنا الأعضاء هو تهديد للتكتل".
وقبرص دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وهي الأقرب إلى الشرق الأوسط، ودائما ما تعتبر نفسها محايدة لا تتدخل في شؤون جيرانها وقدمت الملاذ لعشرات الآلاف من اللبنانيين الفارين من الحرب الأهلية في السبعينيات والثمانينيات.
وضغطت على شركائها في الاتحاد الأوروبي لحملهم على تقديم المساعدة المالية إلى لبنان وأنشأت في الآونة الأخيرة ممرا بحريا لإرسال مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين المهددين بالمجاعة في غزة.
وقال كونستانتينوس ليتيمبيوتيس المتحدث باسم الحكومة "قبرص من العوامل التي يعتمد عليها في تحقيق الاستقرار ومركز إقليمي محل تقدير للعمليات الإنسانية، وذلك استنادا إلى علاقاتها الممتازة مع جميع دول المنطقة".
وقال قبارصة في العاصمة المقسمة نيقوسيا إنهم لا يزالون يعانون تبعات الغزو التركي لشمال قبرص عام 1974 بعد انقلاب قصير الأمد بإيعاز من اليونان ولا يريدون بالتالي مواجهة مشكلات أخرى.
وقال فيليوس كريستودولو (84 عاما) "حين سمعت هذه الأخبار الليلة الماضية، نعم، شعرت بقلق"، لكن ستيلا باتاتيني (62 عاما) لم تقلقها التصريحات وقالت "لا شأن لنا بهذه الحرب... بل على العكس نحن نساعد في السلام بالمنطقة ونساعد الفلسطينيين، لذا أشعر بالأمان في قبرص".
وفي لبنان لا تريد تارا ثابت أن ترى بلادها تنزلق إلى حرب واسعة النطاق مع إسرائيل لكنها مثل كثيرين من بني جلدتها تستعد لصراع محتمل بعد تهديدات جديدة من جماعة حزب الله المسلحة ضد كل من إسرائيل وقبرص.
وقالت تارا (32 عاما) في بيروت اليوم الخميس "الوضع شوية بيقلق لأنه بتطلع لكل شيء صار من تمانية أشهر لهلأ (إلى الان)... ما حدا عم بيوقفهم وأكيد ما بدنا حرب معهم لكن إذا هيدا تضامن مع الشعب في غزة فليكن".
وردا على سؤال عما إذا كان التهديد لقبرص قد أثار قلقها، قالت تارا إن ذلك قد يعرقل خططها للزواج المدني. وفي لبنان، تخضع قوانين الأحوال الشخصية لمحاكم كل دين، مما يدفع كثيرين من الأزواج من خلفيات دينية مختلفة إلى السفر لمدة 40 دقيقة بالطائرة إلى قبرص للزواج أمام القضاء.
وأضافت أنه "من المجهد العيش في ظل هذا القدر الكبير من عدم اليقين الذي يمثل حياتنا كلنا ببيروت... وفيه شوية إنكار إن بتصير فيه حرب في الجنوب لكن باشتغل كأن ما في شيء".
ويرى كثيرون من اللبنانيين أن صراع حزب الله المستمر منذ ثمانية أشهر مع إسرائيل هو أحدث حلقة في سلسلة من الانتكاسات في الآونة الأخيرة، من عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا إلى انفجار مرفأ بيروت عام 2020 والأزمة الاقتصادية التي سحقت الليرة المحلية وقضت على مدخراتهم في البنوك.
وقال سامي المصري، وهو رجل أعمال من الجنوب يبلغ من العمر 38 عاما ويدير مقهى في بيروت، إن الضربات الإسرائيلية منعته من اصطحاب عائلته إلى التلال في جنوب لبنان لقضاء عطلات نهاية الأسبوع، مثلما يفعلون عادة في الصيف.
وهذا يعني إنفاق أموال أكبر للوصول إلى الشواطئ الخاصة القريبة من بيروت لكن هذا لن يكون ممتعا أيضا، كما يقول المصري الذي أضاف "إنتي مش مبسوطة لأنك بالفعل ما بتعرفي في أي لحظة... محضرين باسبوراتنا، محضرين شنطنا، محضرين حالنا".
وقد فر بالفعل نحو 90 ألف لبناني من منازلهم في الجنوب. وغادر البعض لبنان، ويقيم آخرون مع أقاربهم، بينما يعيش الأشخاص الذين يعانون مصاعب اقتصادية في ملاجئ جماعية، بما في ذلك في مدينة صيدا الساحلية.
وظهرت بانا بعلبكي، إحدى سكان صيدا التي تحدثت ووجهها يكتسي بشجاعة وهي تقول "ما عندي خوف لأن إحنا مش (لسنا) أحسن من أهل غزة ولا أهل الجنوب"
لكن آخرين، مثل صاحب المتجر قاسم قرام، عبروا عن مخاوفهم وقال قرام "طبعا كله خايفان واللي ما بيقولك مش خيفان بيكذب على حاله".
وأضاف "كل واحد بيحكي على مسؤوليته الخاصة. يعني انبارح أول مرة السيد حسن نصر الله وسع النطاق إلى دولة أوروبية. لو هو ما واثق من نفسه وواثق من الحكي اللي هو بيحيكيه وعنده معطيات ما بيطلع يحكي هذا الكلام".