قرى جنوب لبنان تتحول إلى أنقاض مع تصاعد القصف الإسرائيلي

الضرر يتركز بشكل كبير في المناطق الشيعية بينما ظلت بعض المناطق ذات الأغلبية المسيحية القريبة سليمة تقريبا.

بيروت - نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا ميدانيا يرصد تحول أجزاء واسعة من قرى جنوب لبنان إلى أنقاض نتيجة القصف الإسرائيلي، والتي أصبحت شبه مهجورة، بعد نزوح غالبية سكانها باتجاه الشمال هربا من القصف، مع تزايد المخاوف من أن يتحول القصف المتبادل إلى حرب شاملة.

وقال المقدم خوسيه إيريساري، الضابط الإسباني الذي يخدم في كتيبة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) "من هنا وحتى نهاية العديسة، لا نرى الناس في الشوارع. فقط سيارات الإسعاف والمسعفين".

وتظهر آثار القصف الإسرائيلي في العديسة وغيرها من المناطق التي تمكن مراسل الغارديان من الوصول إليها الأسبوع الماضي مع دورية من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وقال المراسل مايكل صافي، "لقد تحولت مساحات شاسعة من العديسة وقرية كفر كلا المجاورة إلى أنقاض متناثرة من الخرسانة وقضبان الحديد والكابلات الكهربائية والأثاث المدمر وبرزت زهور وردية من بين أنقاض منازل أخرى".

وأضاف "لا تزال بعض المباني القليلة الواقعة على طول الطريق الرئيسي في العديسة قائمة، ولكنها متضررة نتيجة الضربات المتكررة للقرية بالقنابل الثقيلة، حيث تحطمت النوافذ وأبواب المحلات المعدنية أصبحت ملتوية".

ورصدت الصحيفة تحركات للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وسيارات إسعاف تابعة لمنظمات مرتبطة بحزب الله وحركة أمل. وقد قتل ما لا يقل عن 16 مسعفا في لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول.

ولم تكن هناك أي علامات على الحياة في وسط العديسة وكفر كلا، ويقول إيريساري وهو يفحص الأضرار من خلال نافذة السيارة المصفحة "كنا نسمي هذا لبنان السعيد". فعلى مدى سنوات منذ خاضت إسرائيل وحزب الله آخر حرب في صيف عام 2006، اعتبرت قوات حفظ السلام هذه التلال الخلابة التي تبعد أقل من ساعة عن شواطئ شرق البحر الأبيض المتوسط ​​موقعا رائعا.

وقد تغير ذلك منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، بعد يوم من الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على مواقع ومناطق في جنوب إسرائيل، وذلك عندما أطلق حزب الله وابلا من الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية "تضامناً" مع حلفائه في غزة.

ووفقا للتقرير تركز الضرر بشكل كبير في المناطق الشيعية بينما ظلت بعض المناطق ذات الأغلبية المسيحية القريبة سليمة تقريبا. ويقول إيريساري "من مرجعيون إلى كفر كلا، على بعد حوالي 5 كيلومترات، يمكنك رؤية قرى مختلفة تماما. وفي بعضها يمكننا أن نرى الناس يتسوقون ويعيشون حياة طبيعية".

وأفادت وسائل إعلام رسمية لبنانية أنّ غارة إسرائيلية على بلدة في جنوب البلاد السبت استهدفت "مستودع ذخائر" ما أدّى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة.

وجاءت الغارة على بُعد 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل بعد أن أعلن حزب الله وحركة حماس أنّهما أطلقا وابلاً من الصواريخ على مواقع إسرائيلية.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أنّ "الغارة على بلدة عدلون استهدفت مستودع ذخائر"، بعد أن كانت قد تحدثت سابقاً عن غارة إسرائيلية على البلدة التي تقع بين مدينتي صيدا وصور، حيث "تستمرّ انفجارات الصواريخ" و"طالت أكثر من بلدة ما أدّى إصابة 3 مواطنين إصابات خفيفة".

وتحدثت عن قطع أوتوستراد صيدا صور بالاتجاهين وتحويل السير إلى الطرقات الداخلية. وتطايرت شظايا الانفجارات إلى القرى المجاورة للبلدة، حيث سقطت إحداها في بلدة برج رحال.

وفي وقت سابق السبت، ذكرت الوكالة أنّ مواطنين سوريين بينهم أطفال، أصيبوا بعد أن استهدفت "مسيّرة معادية سيارة رباعية الدفع فارغة" بالقرب من خيمتهم، على بُعد أقلّ من أربعة كيلومترات من الحدود.

وقال الطبيب مؤنس كلاكش الذي يرأس مستشفى مرجعيون الحكومي، إنّ امرأة وأطفالها الثلاثة، اثنان منهم قاصران، أُدخلوا إلى المستشفى لإصابتهم بشظايا بعد الغارة خارج بلدة برج الملوك.

وأوضح كلاكش أنّ من بينهم صبّياً يبلغ 11 عاماً في حالة حرجة بعد إصابته بشظايا ونزف في الرأس.

وأعلن حزب الله لاحقاً أنّه أطلق "عشرات صواريخ الكاتيوشا" على دفنا، وهي منطقة في شمال إسرائيل قال الحزب إنه استهدفها للمرة الأولى "ردا على الاعتداء على المدنيين".

وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله حذّر الأربعاء من أنّ تنظيمه المدعوم من إيران سيضرب أهدافاً جديدة في إسرائيل إذا قتل مزيد من المدنيين في الضربات الإسرائيلية.

والسبت أيضاً، أعلنت كتائب عزّ الدين القسّام الجناح العسكري لحركة حماس، أنّها أطلقت وابلاً من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه موقع عسكري إسرائيلي في الجليل الأعلى "ردّاً على المجازر الصهيونية بحقّ المدنيّين في قطاع غزة".

كذلك، أعلن حزب الله أنّه "شنّ هجوماً جوياً بِسربٍ من المسيرات الانقضاضية على مرابض المدفعية والصواريخ في الزاعورة" بالجولان السوري المحتلّ، مستهدفاً "أماكن تموضع واستقرار ضباطها وجنودها ومنصات القبّة الحديدية فيها".

وقبل الهجوم بالمسيرات، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 45 "مقذوفاً" أطلق من لبنان بعد ظهر السبت باتجاه هضبة الجولان المحتلة والجليل، بدون الإعلان عن إصابات.

وقال الجيش إنه ضرب "منصة الإطلاق... في جنوب لبنان التي أطلقت منها القذائف باتجاه هضبة الجولان"، كما استهدف "منصة إطلاق إضافية لحزب الله".

وأسفرت أعمال العنف منذ أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 515 شخصا على الأقل في لبنان، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس. ومعظم القتلى من المقاتلين، لكن بينهم 104 مدنيين على الأقل. وفي الجانب الإسرائيلي، قتل 18 عسكريا و13 مدنيا، بحسب السلطات الإسرائيلية.