دمشق تغض الطرف عن التعزيزات العسكرية التركية شمال سوريا
ادلب (سوريا) - تواصل القوات التركية استقدام تعزيزات لوجستية وعسكرية إلى منطقة الاتفاق الروسي–التركي لتعزيز مواقعها، حيث شهدت المنطقة عمليات عسكرية، وسط صمت دمشق التي ألمحت عبر وسائل إعلام موالية لها أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تصعد التوتر مع القوات التركية شمال حلب، عبر تكرار محاولات التسلل باتجاه قواعده العسكرية لإشعال المنطقة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات التركية كثفت تعزيزاتها والعسكرية في منطقة "بوتين-أردوغان"، وتركزت على محاور جبل الزاوية جنوب إدلب، الذي يشكل خط تماس بين مناطق سيطرة قوات الجيش السوري من جهة ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل العاملة معها ضمن ما يعرف بغرفة عمليات "الفتح المبين".
ويأتي ذلك عقب اجتماع بين وفدي روسيا وتركيا، في مدينة سراقب شرق إدلب في 17 يوليو/تموز الجاري، حيث تداول الجانبان عدة ملفات من بينها المعابر الداخلية وفتح الطرقات بين مناطق النظام والفصائل برعاية تركية- روسية، إضافة إلى التصعيد العسكري المتبادل والمتكرر بين الفصائل في إدلب وقوات الجيش السوري، والقصف الذي تتعرض له النقاط التركية بشكل مستمر.
ومنطقة "خفض التصعيد" أو ما يعرف بمنطقة "بوتين-أردوغان" الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، تم الاتفاق بشأنها خلال اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في شهر آذار/مارس 2020.
ولفتت صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام السوري، أن "قسد واصلت إشعال جبهات الاحتلال التركي لإعاقة إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة"، وذكرت أن "قوات تحرير عفرين التابعة لـ"قسد" عمدت إلى مواصلة تسخين خطوط التماس مع الاحتلال التركي شمالي حلب، عبر تكرار محاولات التسلل باتجاه قواعده العسكرية غير الشرعية لإيقاع خسائر بشرية في صفوف جنوده والميليشيات التابعة له، ولإشعال المنطقة عبر ردود أفعال جيش الاحتلال التركي، بقصف قرى وبلدات الريف الحيوي، الذي يضم وحدات للجيش العربي السوري ونقاط مراقبة للشرطة العسكرية الروسية، وجيوباً لوحدات كردية تمثل قوامها قوات تحرير عفرين".
ولم تشر الصحيفة إلى التعزيزات العسكرية التركية التي يبدو أن دمشق تغض الطرف عنها لاستهداف الأكراد العدو المشترك للطرفية.
وقصفت القوات البرية التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة "درع الفرات" كل من قرية أم جلود وعرب حسن وعون الدادات والكاوكلي والدندنية في الريف الشمالي والغربي لمدينة منبج شرق حلب، ضمن مناطق سيطرة مجلس منبج العسكري، التابع لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" دون ورود معلومات عن خسائر بشرية وحجم الأضرار المادية حتى اللحظة.
وبالتوازي مع التطورات العسكرية، تتواصل الجهود التركية لتحسين العلاقات مع سوريا بعد انقطاع دام منذ عام 2012، ويجري التشاور بين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره السوري فيصل المقداد، دون تحديد موعد لهذه المشاورات التي ستتبعها إجراءات أمنية من المتوقع أن تؤثر على الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا والمتمركزة في شمال غرب وشرق سوريا.
وترتبط "الاندفاعة" التركية نحو دمشق بعدة "مشاكل" تتطلب الحل. أولها قضية اللاجئين وضرورة عودتهم إلى البلاد. إضافة إلى "الخطر" الذي يشكله "حزب العمال الكردستاني" على الأمن القومي التركي و"قوات سوريا الديمقراطية" التي تراها أنقرة مرتبطة به.
ويعتبر محللون أن تحركات الرئيس رجب طيب أردوغان مرتبطة بالتغير الذي طرأ على السياسة الخارجية التركية، للبحث عن المصلحة بدلا عن المواقف السياسية والإيديولوجية.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الفصائل المسلحة تخشى من أي تقدم في العلاقات التركية-السورية قد يؤدي إلى إنهاء نفوذها العسكري في المناطق التي تسيطر عليها والتي يتواجد فيها الجيش التركي أيضًا، مما دفع قادة المعارضة للتواصل مع حليف أردوغان في حزب الحركة القومية، الذي يقوده دولت بهتشلي.
وبحسب المصادر ذاتها، يسعى قادة الفصائل المسلحة للحصول على تعهدات بالانتقال إلى تركيا أو دولة أخرى في حال تم التقارب التركي-السوري رسميًا، خاصة أن بعضهم يواجه عقوبات أميركية مثل محمد الجاسم الملقب بأبو عمشة، قائد "لواء السلطان سليمان شاه"، الذي ظهر مؤخرًا مع بهتشلي.
ومن المرجح أن يضغط رئيس حزب "الحركة القومية" على حليفه الرئيس أردوغان لـ"التخفيف من الأضرار" التي قد تلحق بالفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في شمال غرب وشرق سوريا، وفقًا للمصادر التركية.
وأكدت بانغي بشير، الأكاديمية والمحللة السياسية التركية، أن الرئيسين التركي والسوري كانا أصدقاء مقربين قبل النزاع السوري، لكن أردوغان انحاز للغرب ودعا لإزاحة الأسد، ووصفه بألفاظ قاسية، لكن الظروف السياسية تبدلت اليوم.