المغرب يعدّ خارطة لتعبيد طريق الصناعة التقليدية

الحكومة المغربية تهدف إلى مواجهة تحديات القطاع بما في ذلك المحافظة على التراث، وتعميم التأمين الصحي لفائدة الحرفيين، ودعم وتطوير الحرف، والتسويق والرفع من الصادرات.

الرباط - يعتزم المغرب إعداد خارطة الطريق لتطوير الصناعة التقليدية للنهوض بالقطاع. وتتميز المملكة بتراثها الثقافي الغني الذي ينعكس في العديد من الصناعات التقليدية التي ما زالت تزدهر حتى اليوم، من أبرزها الصناعة التقليدية للنسيج والفخار والخزف والجلود والنحاس والفضة والخشب المنحوت وصناعة العطور والزيوت.

وتهدف الحكومة إلى مواجهة تحديات القطاع بما في ذلك المحافظة على التراث، وتعميم التأمين الصحي لفائدة الحرفيين، ودعم وتطوير الحرف، والتسويق والرفع من الصادرات، عبر إستراتيجية موسعة لتعزيز القطاع.

وتأتي هذه الإستراتيجية في ظل صعوبات تعتري الحرفيين التقليديين، كالمنافسة الكبيرة للمنتجات الحديثة، فضلا عن إحجام الشباب على امتهان هذه الحرف.

وأعلن المغرب مؤخرا، اعتزامه إعداد خارطة الطريق لتطوير الصناعة التقليدية للنهوض بالقطاع، عقب ترؤس رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش الاجتماع الأول للمجلس الوطني للصناعة التقليدية (حكومية)، في 17 يوليو/تموز الجاري.

ولفت بيان للحكومة إلى أنه تم تشكيل اللجنة الخاصة التي ستتابع إعداد خارطة الطريق الإستراتيجية الجديدة لتطوير الصناعة التقليدية.

ووفق البيان، فإن الإستراتيجية تهدف إلى مواجهة تحديات القطاع بما في ذلك المحافظة على التراث، وتعميم التغطية الصحية (التأمين الصحي)، وتعزيز دور غرف الصناعة التقليدية (حكومية)، ودعم وتطوير التعاونيات (تجمع يضم 3 حرفيين أو أكثر) والتكوين المهني والمواد الأولية، والتسويق والرفع من الصادرات.

وأوضح البيان أن "هذا المجلس يعتبر مرحلة حاسمة في الإستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة التقليدية، حيث تتمثل مهمته الرئيسية في وضع واقتراح إجراءات ملموسة، تهدف إلى تنشيط وتحديث وتطوير القطاع".

وقال عبدالرحيم الزمزمي، رئيس غرفة الصناعة التقليدية بالرباط وسلا (حكومية) إن خارطة الطريق هذه تهدف إلى تطوير الحرف التقليدية.

وأضاف المسؤول المغربي أن هذه الإستراتيجية ستوفر عددا من الإمكانات لفائدة الحرف والحرفيين، مثل التكوين والدعم وتثمين المنتجات ودعم المواد الأولية، متابعا "هذه الإستراتيجية تشمل جميع الحرف، والجديد أيضا أنها تشمل الحرف الخدماتية، مثل الميكانيكي والحلاق وصباغ السيارات".

وبحسب الزمزمي، فإن هذه الإستراتيجية تهدف أيضا لاستفادة الحرفيين من التأمين الصحي، و"الحكومة تعهدت بميزانية إضافية لدعم القطاع، وهو ما سينعكس إيجابا على الحرفيين التقليديين".

تأتي الإستراتيجية، بالنظر إلى الصعوبات التي تعتري قطاع الحرفيين التقليديين، في ظل منافسة المنتجات الصناعية.

وأشار حميد العيسي، وهو خياط تقليدي، إلى أن هناك إقبالا على الصناعة التقليدية في بلاده رغم ما يعتريها من إكراهات، موضحا أنه رغم هذا الإقبال، إلا أنه قل بالمقارنة مع سنوات سابقة، لافتا إلى أن الحرفة التقليدية الأصيلة بدأت تنقرض، خاصة الحرفيين الذين يعملون بأيديهم فقط، دون الحاجة إلى الآلات.

وأوضح أن استعمال اليد فقط في الحرف التقليدية مثل الخياطة أصبح قليلا، حيث يستعين الحرفيون بآلة الخياطة لربح الوقت من جهة، وللأسعار المنخفضة للملابس التقليدية المصنوعة عبر هذه الآلات من جهة ثانية.

وحذر العيسي من انقراض بعض الحرف بسبب عدم إقبال الشباب على امتهانها، خاصة في ظل تراجع أرباح الحرفيين، وعدم قبول الشباب امتهانها دون مقابل مالي منذ الشهور الأولى.

ويهدف المغرب للحفاظ على الحرف التقليدية، بالنظر إلى المنافسة الكبيرة للمنتوجات الصناعية وكلفتها المنخفضة، فضلا عن إحجام الشباب على امتهان هذه الحرف.

وأعلن المغرب خلال مارس/ آذار 2024، عن برنامج يمتد حتى 2026، للحفاظ على 32 حرفة مهددة بالانقراض.

جاء ذلك، حسب بيان لوزارة السياحة المغربية، عقب الاجتماع الثاني للجنة قيادة برنامج "الكنوز الحرفية المغربية" بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

ويهدف البرنامج إلى الحفاظ على المعارف والمهارات المرتبطة بحرف الصناعة التقليدية المهددة بالانقراض من خلال ضمان انتقالها للشباب. كما تسعى الوزارة إلى مساعدة الحرفيين للانخراط في التأمين الصحي.

وقالت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية المغربية، فاطمة الزهراء عمور، إنه تم تسجيل أكثر من 400 ألف حرفي بالسجل الوطني للصناعة التقليدية، إضافة إلى 647 ألف حرفي في نظام التأمين الإجباري عن المرض (التأمين الصحي)، مما يعد تقدما كبيرا للقطاع.

وأشارت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية إلى أن حجم معاملات قطاع الصناعة التقليدية في بلادها بلغ 147 مليار درهم (14.7 مليار دولار) خلال 2023.

وأشادت الوزيرة وفق بيان لوزارتها، بالأداء المميز للقطاع سنة 2023، حيث تجاوزت الصادرات المباشرة عتبة 1 مليار درهم (100 مليون دولار) في 2023، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا للسنة الثانية على التوالي.

وأكدت الوزيرة على الأهمية البالغة للصناعة التقليدية في الاقتصاد الوطني والمحافظة على التراث الثقافي المغربي، مبرزة الأثر الكبير للسياحة على القطاع، مشيرة إلى أن مشتريات منتجات الصناعة التقليدية من قبل السياح في المغرب بلغت 10 مليارات درهم (1 مليار دولار).

ويتوفر المغرب على 150 حرفة، منها 100 في الصناعة التقليدية الإنتاجية، و50 في الصناعة التقليدية الخدماتية، حسب دليل "مرجعيات الحرف والمهن" (حكومي).

ويشغل قطاع الصناعة التقليدية في المغرب أكثر من 2.3 مليون حرفي، يمثلون قرابة 20 في المئة من الأيدي العاملة، أغلبهم في الأرياف. وتساهم الصناعة التقليدية بما بين 8 و9 في المئة من الناتج الداخلي الخام.