محور المقاومة ينسّق للردّ على إسرائيل دون الانجرار إلى حرب
بيروت - تستعدّ المجموعات المنضوية في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" لرد منسّق على الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد حركة حماس وحزب الله، وفق ما يرجّح محللون، مع الحرص على عدم الانجرار إلى مواجهة شاملة.
وبحث مسؤولون إيرانيون مع ممثلين لمجموعات موالية للجمهورية الإسلامية، بينها حزب الله وحماس، خلال اجتماع عقد في طهران الأربعاء، في سيناريوهات الردّ المحتملة على إسرائيل، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من التنظيم اللبناني مطلّع على مضمون المباحثات.
وجاء الاجتماع على وقع دعوات للانتقام من اسرائيل، بعد اتهامها باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران فجر الأربعاء، وفؤاد شكر، أحد أبرز القادة العسكريين لحزب الله في ضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب.
وتعرب الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد عن اعتقادها بأن ردّ إيران وحزب الله "سيكون منسّقاً مع بقية أطراف المقاومة".
وترى أنّ أولى نتائج التصعيد الأخير ستكون "تعميق التنسيق التكتيكي بين إيران وحزب الله والحوثيين وفصائل الحشد الشعبي العراقي وحركتي حماس والجهاد الإسلامي"، مضيفة "سيكون هذا هو المشهد الجديد من الآن فصاعداً".
وشيّع إسماعيل هنية في طهران صباح الخميس، وشاركت حشود شعبية في الجنازة التي ترأسها مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي ودعت الى الثأر.
وشيّع عصراً فؤاد شكر، قائد عمليات حزب الله في جنوب لبنان، في الضاحية الجنوبية لبيرت وسط حشد غاضب وقال الأمين العام للحزب حسن نصرالله الخميس إن على إسرائيل أن تنتظر "الردّ الآتي حتماً" على اغتيال شكر.
وتحدّث أيضا عن اغتيال هنية، وخاطب الإسرائيليين بالقول "لم تعرفوا أي خطوط حمر تجاوزتم وأي نوع من العداون مارستم والى أين مضيتم وذهبتم"، مؤكدا أن إيران "لن تسكت" وقال إن المعركة اليوم "مفتوحة في كل الجبهات".
وأثار مقتل هنية وشكر مخاوف من اتساع نطاق المواجهة المستمرة بين حماس واسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وكان المرشد الأعلى للثورة الإيراني علي خامنئي توعّد إثر اغتيال هنية، بإنزال "أشدّ العقاب" بإسرائيل.
وأكّدت حماس على لسان الرجل الثاني في مكتبها السياسي في غزة خليل الحيّة أن "الاحتلال يعلم أن الجمهورية الإسلامية وفصائل المقاومة وجبهات المقاومة لن تمرّر له هذا الاغتيال".
وفي اليمن، قال زعيم المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران عبد الملك الحوثي "لن نألو جهداً بإذن الله وبالتعاون مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة في الانتقام"، تزامناً مع توعّد فصائل عراقية منضوية ضمن الحشد الشعبي الموالي لإيران بردّ "مزلزل".
وناقش المجتمعون في طهران الأربعاء، وفق المصدر المقرّب من حزب الله، "إمكان أن يحصل الردّ بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران وحزب الله والحوثيون أهدافا إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كلّ طرف بمفرده إنما بشكل منسّق".
إيران وحزب الله لا يرغبان بالانجرار للعبة نتنياهو أو منحه الطعم أو الذخيرة التي يحتاج اليها لجرّ الولايات المتحدة إلى حرب.
ورجّح قيادي في "المقاومة الإسلامية في العراق" رفض الكشف عن اسمه أن "تقود إيران الردّ الأول بمشاركة فصائل من العراق واليمن وسوريا ضد أهداف عسكرية، على أن يتبعه ردّ ثان من حزب الله".
ولم يستبعد أن تشمل ضربات حزب الله أهدافاً مدنية، بعد مقتل خمسة مدنيين في الضربة على الضاحية الجنوبية الثلاثاء التي قتل فيها أيضا مستشار عسكري إيراني الى جانب شكر.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، يعلن الحوثيون شنّ هجمات على سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، "دعماً" لغزة ومقاومتها.
وتعلن "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي ائتلاف فصائل موالية لطهران، منذ أشهر توجيه ضربات تقول إنها ضدّ أهداف في إسرائيل للسبب ذاته، وإن كان الجيش الإسرائيلي يؤكد في معظم الأحيان عدم بلوغ المقذوفات القادمة من العراق الأراضي الإسرائيلية.
ويرى محللون أنّ ردّ إيران وحزب الله مع حلفائهما لن يكون عشوائياً خشية استدراجهم الى حرب إقليمية حرصوا حتى اللحظة على تجنّبها.
وتقول سعد "أعتقد أن إيران وحزب الله لا يرغبان بالانجرار للعبة نتنياهو أو منحه الطعم أو الذخيرة التي يحتاج اليها لجرّ الولايات المتحدة إلى حرب".
وتضيف "أعتقد أنهما سيحاولان على الأرجح تجنّب الحرب وفي الوقت نفسه ردع إسرائيل بقوة" عن مواصلة شنّ ضربات موجّهة، موضحة أنه حتى لو "تجاوزوا خطوطاً حمراء" في الردّ "لكبح جماح" اسرائيل، إلا أنهم "لن يصعّدوا الى درجة المواجهة الشاملة".
ويقول خبراء إن واشنطن لا تزال تضغط على إسرائيل لمنعها من توسيع الحرب في قطاع غزة الى جبهات أخرى. وفي طهران، يقول أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية أحمد زيد عبادي إن "ردّ الفعل المتوقع سيكون أقوى" من الهجوم غير المسبوق الذي شنّته طهران ضد إسرائيل في 13 أبريل/نيسان.
وجاء الهجوم حينها ردا على استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر ذاته والذي نسب الى إسرائيل وقتل فيه عدد من المستشارين العسكريين الإيرانيين.
واستخدمت طهران خلال الهجوم 350 طائرة مسيّرة وصاروخا، لكنها حرصت قبل تنفيذه على إبلاغ واشنطن بنيّتها شنّ الهجوم عبر السفارة السويسرية في إيران.
ويرى عبادي أن "تكرار العملية السابقة لن يكون ذا مغزى كبير، لأنّ الصواريخ والمسيّرات لم تصل الى مناطق حساسة ولم يكن لها تأثير رادع"، مستبعداً في الوقت نفسه احتمال اندلاع "حرب شاملة لا يمكن احتواؤها".
ويقول المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط رودجر شاناهان "الأمر الوحيد الذي يهم إيران هو بقاء النظام، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى حزب الله"، متابعا "ستمارس إيران ضغوطا قوية على الإسرائيليين نيابة عن الفلسطينيين، لكنها لن تخاطر بأي تهديد وجودي".