الأردن يدعو للتهدئة وطهران تصرّ على ردّ انتقامي
طهران – دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأحد في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "تهدئة شاملة" في المنطقة، لتجنيبها "المزيد من الفوضى"، بينما طالب وزير الخارجية أيمن الصفدي من طهران بوقف التصعيد، بينما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اجتماعه مع الصفدي إن اغتيال هنية "خطأ كبير للنظام الصهيوني لن يمر دون رد".
وتسعى إيران والأردن إلى تحسين علاقاتهما في أعقاب التوتر الذي حدث في الآونة الأخيرة بسبب اتهام المملكة لفصائل متحالفة مع إيران في سوريا بتهريب المخدرات إلى البلاد وإعلان عمان مشاركتها في اعتراض أول هجوم مباشر تشنه طهران على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي.
وقال الوزير الأردني في مؤتمر صحفي عقده في طهران مع نظيره الإيراني "كلفني جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أن ألبي الدعوة إلى طهران لندخل في حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية بما يحمي مصالح كل من بلدينا".
وأضاف "أنا وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية، التي لم تكن يوما إلا سباقة في الدفاع عن القضية الفلسطينية وفي الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق وفي إدانة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة وفي رفض كل ما تقوم به إسرائيل من إجراءات تصعيدية تحول دون تحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل الذي نريده".
وتابع "نطالب بأن يكون هنالك تحرك فاعل يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ويوقف مثل هذه الخطوات اللاشرعية الإسرائيلية وارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، لنحمي المنطقة كلها من تبعات حرب إقليمية سيكون أثرها دماري على الجميع"، مضيفا "نحن نريد لمنطقتنا أن تعيش بأمن وسلام واستقرار ونريد للتصعيد أن ينتهي".
وكان الصفدي قد قال الخميس الماضي في مؤتمر صحفي "إذا كان هناك أي تصعيد فإن أولويتنا الأولى هي حماية البلاد وسلامة الأردنيين وأي شخص يريد أن ينتهك سماءنا فإننا سنواجه ذلك، فالأردن لن يكون ميدانا للمعركة، نحن نتعرض للكثير من التبعات والعواقب".
وفي الهجوم الذي شنته طهران على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، عبرت بعض الصواريخ والمسيرات فوق أجواء عمان، فيما أسقطت الدفاعات بالمملكة بعضها لـ"انتهاكها سيادة البلاد".
وندد الأردن باغتيال هنية يوم الأربعاء الماضي، ووصفه بأنه "جريمة نكراء وخطوة تصعيدية تشكل خرقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واعتداء على سيادة الدول، نرفضها بالمطلق".
وتأتي زيارة الصفدي لطهران مع توقعات بتصعيد الهجمات المتبادلة بين إيران وحزب الله اللبناني من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، بعد اغتيال تل أبيب القيادي البارز بالحزب فؤاد شكر الثلاثاء الماضي، واتهام حركة حماس وإيران للأخيرة باغتيال هنية الأربعاء.
وتوعدت كل من إيران وحزب الله وحماس بالرد على اغتيال هنية وشكر، فيما تتواصل اتصالات دبلوماسية من قبل الولايات المتحدة وشركائها بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ومصر السبت، لمنع المزيد من التصعيد في المنطقة.
وكان الصفدي قد تلقى الخميس اتصالا هاتفيا من القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، بحث خلاله الطرفان التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وسبل خفضه، وحماية المنطقة من التبعات الكارثية للتطورات الأخيرة، وفق ما نقلته وكالة الانباء الأردنية 'بترا'.
وتسعى إيران والأردن إلى تحسين العلاقات بينهما في أعقاب التوتر الأخير المتعلق باتهام عمان لفصائل متحالفة مع طهران في سوريا بتهريب المخدرات إلى البلاد وإعلان المملكة مشاركتها في اعتراض أول هجوم مباشر تشنه القوات الايرانية على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت عمان قد استدعت القائم بأعمال السفير الإيراني للاحتجاج على إشراك أراضيها في الهجوم على إسرائيل، في الوقت الذي واجهت فيه انتقادات شديدة من دوائر محسوبة على طهران.
وتسببت الخلافات في تقليص التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى ما دون سفير منذ 2016. وفي ذلك العام، خفَّضت عمان مستوى علاقاتها مع طهران من سفير إلى قائم بالأعمال؛ تضامنا مع السعودية إثر قطع علاقتهما مع إيران، لكن الرياض وطهران استأنفتا علاقتهما الدبلوماسية بوساطة الصين في 2023.
ويرى متابعون أن السلطات الأردنية تجد نفسها في وضع صعب جدا، حيث تربط الأردن حدودا مع سوريا والتي قد تنطلق منها ضربات الرد الإيرانية، كما أنه أيضا على الحدود العراقية التي ستكون واحدة من المناطق المحتملة للرد الإيراني.
وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية – الأردنية (حكومية) بدر الماضي إن "العلاقة الأردنية – الإيرانية قائمة على عدم الثقة منذ انتهاء عهد (الرئيس الإيراني) محمد خاتمي (1997 – 2005) آخر رئيس إصلاحي".
وأضاف أن "الأردن مازالت تساوره الشكوك في نوايا إيران تغيير سلوكها القائم على التدخل في شؤون الدول، وعدم وجود صوت إيراني واحد يمثل حقيقة الموقف السياسي والعسكري". وتابع "لا تزال إيران تعتقد أن الأردن جزء من تحالف دولي معادٍ لها، ويطمح دائما لرؤية تغير جذري في التركيبة الأيدولوجية والسياسية بطهران".
واستطرد "كما أن إيران تعتقد أنه على الأردن الانضمام إلى التحالفات التي تنسجها ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية".
وتعاني المملكة من تبعات وتداعيات ما يجري في قطاع غزة اقتصاديا وسياسيا وحتى على المستوى الداخلي، حيث تستمر المسيرات والاحتجاجات المنددة بالعدوان الإسرائيلي بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، الذي خلف أكثر من 130 ألف قتيل وجريح من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.