خيارات إيران للرد على اغتيال هنية تنذر بإشعال المنطقة

خامنئي أمر بالاستعداد للانتقام العسكري ضد إسرائيل، فيما شكل البنتاغون تحالفا دوليا في المنطقة لاعتراض الهجوم الإيراني المحتمل.

لندن - تتفق القوى الإقليمية والغربية الفاعلة في الشرق الأوسط على أن اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس إسماعيل هنية، يهدد بإشعال المنطقة وبدد الآمال بتحقيق وقف إطلاق النار إلى جانب أنه وضع إيران في موقف حرج وصفته صحيفة الغارديان بأنه ساهم بـ"إذلال قادة إيران".

وسلطت الصحيفة البريطانية الضوء على مدى إمكانية إيقاف انجراف منطقة الشرق الأوسط نحو حرب شاملة، بعدما هز انفجار مجمعا للحرس الثوري وسط طهران بعد أقل من 12 ساعة من أداء مسعود بزشكيان اليمين الدستورية، واستهدف هنية الذي كان ضيف الشرف في حفل التنصيب، وأحد أكثر المطلوبين في الشرق الأوسط.

 وكان بزشكيان قد وعد بإصلاح العلاقات المقطوعة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وكان الكثيرون يأملون أن يبشر فوزه بعصر اكثر انفتاحاً وتقدما، وأن ينزع فتيل التوترات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالارتداء القسري للحجاب، لكن اغتيال هنية بدد كل تلك الآمال، وأصبح الرئيس الايراني الجديد يجد نفسه في عين عاصفة دولية يحذر المحللون من أنها قد تقود الى حرب شاملة تجتاح الشرق الاوسط.

الانحدار الى حالة منبوذة عالمية، أدى الى دفع نتنياهو وحلفائه الى اظهار المزيد من التحدي.

وأغضب الهجوم الاسرائيلي صاحب السلطة المطلقة في إيران علي خامنئي الذي كان بمثابة إهانة له ولبلاده وقواتها المسلحة بحسب التقرير، وأمر المرشد الأعلى بالاستعداد للانتقام العسكري المباشر ضد إسرائيل، فيما يسارع البنتاغون إلى تشكيل تحالف دولي في المنطقة لاعتراض الهجوم الإيراني المحتمل، لكن بعض الدول قد لا توافق على الانخراط مجددا، وهو تردد يعكس الغضب الكبير ازاء الحكومة الاسرائيلية ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، حيث ينظر الى اغتياله لهنية ولقائد كبير في حزب الله اللبناني قبل أيام، على انه عمل استفزازي وتصعيدي متهور.

 وقد تكون خطوة إيران التالية حاسمة في تحديد ما اذا كان الشرق الأوسط سيغرق في الفوضى، فالموقع المحوري لإيران ليس مفاجئا وقد تسارع دورها تدريجيا كقوة بارزة في المنطقة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما أن "محور المقاومة" الذي يضم ميليشاتها من لبنان وسوريا والعراق واليمن، ويتمتع بدعم علني متزايد من الصين وروسيا، أصبح الآن قوة كبيرة تتحدى النظام الذي يقوده الغرب.

وتحدثت الغارديان عن وجود تطورين مترابطين آخرين يدفعان المنطقة نحو الهاوية، ومنها سلوك التدمير الذاتي للائتلاف اليميني الحاكم في اسرائيل، والذي يضم اليهود المتشددين دينيا والمتطرفين القوميين، مذكرا بأنه قبل بدء الحرب، كان المجتمع الاسرائيلي في حالة اضطراب وانقسام بسبب محاولات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الحد من استقلالية القضاء ومناهضة الديمقراطية، وذلك خدمة لمصالحه الذاتية، إضافة إلى أن اسرائيل تواجه في المحاكم الدولية اتهامات بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب.

وهذا الانحدار الى حالة منبوذة عالمية، أدى الى دفع نتنياهو وحلفائه الى اظهار المزيد من التحدي.

وظهر هذا التحدي عندما ألقى نتنياهو مؤخرا خطابا عدائيا لا يعكس الندم أمام الكونغرس، بينما التطور الآخر الذي يقوض الآن استقرار الشرق الأوسط، هو انحدار قوة الولايات المتحدة ونفوذها في المنطقة التي كانت تهيمن عليها فيما مضى.

وقد أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن يد نتنياهو في غزة، وهو خطأ فادح لم يتم تصحيحه حتى الان. ونتيجة لذلك، فإن مكانة الولايات المتحدة الإقليمية، المتضررة بالفعل بسبب الكوارث في العراق وافغانستان وسوريا والصومال وليبيا، شهدت المزيد من التدهور.

وبعد الصدمة والحرب المشتعلة في غزة، والذهول والوقوع في شرك المواجهة بين ايران واسرائيل، والافتقار الى القيادة الأميركية العادلة، فإن الشرق الأوسط وأطرافه المدججة بالسلاح، تقترب بشكل حتمي من حرب واسعة النطاق يزعمون جميعاً بأنهم لا يرغبون بها.

واتخذ العراق موقفا متشددا إزاء الصراع في غزة منذ البداية، حيث أدان الغزو الإسرائيلي ورفض انتقاد حماس، وهو ما يعكس الدعم التاريخي الذي يقدمه العراق للقضية الفلسطينية، وليس النفوذ السياسي لايران برغم أن هذا النفوذ كبير..

وتتزايد المخاوف من أن تؤدي حرب على مستوى المنطقة إلى جذب الجماعات المسلحة العراقية، بالإضافة إلى جماعات مماثلة في سوريا، بعد وقوع ثلاث هجمات على القوات الأميركية في الأيام الماضية، وبعدما شنت الولايات المتحدة غارات جوية جنوب بغداد الثلاثاء الماضي.

 والحوثيين في اليمن المتحالفون مع إيران وشنوا هجمات على السفن في البحر الاحمر بسبب صلاتها باسرائيل وعلى الرغم من أن الغرب قام بشن غارات على مواقعهم، إلا ان التهديد الذي يمثلونه تصاعد مؤخرا بعدما نجحوا في اصابة مبنى في تل ابيب بطائرة مسيرة، فشنت اسرائيل غارات جوية انتقامية على ميناء الحديدة على البحر الاحمر. واعتبر التقرير ان الحوثيين "سيكونون بالتأكيد على استعداد لمواجهة مع اسرائيل".

وذكر التقرير، أن الولايات المتحدة وأوروبا قد تنجران سريعا إلى حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، ولفت إلى أن المسؤولين الأميركيين يتوقعون هجوماً إيرانياً أكبر مما حدث في نيسان/ابريل الماضي، بما في ذلك تفعيل أذرع إيران في العراق وسوريا ولبنان، في وقت يتراجع فيه النفوذ الأميركي.

ويبرز هنا احتمال وحيد لخفض التصعيد إذ أن بايدن لم يتخلَ عن محاولة تنفيذ خطته للتوصل إلى صفقة كبرى تربط وقف إطلاق النار في غزة والمناقشات الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية حول حل الدولتين مقابل ضمانات أمنية اقليمية اميركية إضافية.

وتهدف مثل هذه الصفقة إلى نزع فتيل القنبلة الموقوتة المتمثلة في فلسطين، ونزع الفتيل الايراني، إلا أنه في الوقت الراهن يبدو الأمر وكأنه حلم مستحيل.