أزمة نازحي الضاحية الجنوبية تكشف انقساما طائفيا في لبنان

مخاوف لدى سكان المناطق الآمنة من وجود مسؤولين أو قادة ميدانيين من حزب الله بين المستأجرين، ما يعرّضهم لخطر الاستهداف الإسرائيلي.

بيروت - تشهد الضاحية الجنوبية معقل حزب الله  في العاصمة اللبنانية حركة نزوح لافتة، بعد عملية استهداف القيادي في الحزب فؤاد شكر في عمق الضاحية منذ أكثر من عشرة أيام، ومخاوف السكان من تداعيات التصعيد مع اسرائيل، وامتدت هذه المخاوف لتطال النازحين أنفسهم مع رفض البعض في بلدات آمنة إيواءهم.

وتسبب تصاعد حدّة المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي جنوب لبنان، بتجاوز عدد النازحين من من المنطقة عتبة المئة ألف بحسب آخر إحصاء لمكتب منسّق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة مع تسجيل أكثر من 535 قتيلاً منهم نحو 100 من المدنيين.

ودفعت التهديدات الإسرائيلية بمئات العائلات من الضاحية والجنوب اللبناني إلى الابتعاد عن تلك المناطق، والذهاب نحو بلدات أكثر أماناً سواء في بيروت أو جبل لبنان وكسروان وجبيل. وترافقت موجات النزوح بارتفاع أسعار الشقق من قبل السماسرة وأصحاب البيوت لجني الأموال بطريقة خيالية.

غير أن الأزمة تجاوزت ارتفاع الايجارات لتكشف عن انقسام طائفي وسياسي في المجتمع اللبناني. وعبّر عدد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم تأجير شقق سكنية أو استقبال نازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية، خوفاً من أن يكون من بين المستأجرين مسؤولون أو قادة ميدانيون من حزب الله، وهو ما يعرّضهم لخطر الاستهداف الإسرائيلي.

وانتشرت رسائل صوتية على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق واتساب، تطلب من سكان عدة مناطق وبلدات يطالبون بعضهم البعض بعدم التأجير للنازحين القادمين من جنوب لبنان.

وقالت أحد المواطنين الذي طلب عدم نشر هويته، "في إحدى مناطق الجنوب التي تعد آمنة اتفقت العائلات مع رئيس البلدية والمخاتير على عدم تأجير الشقق لنازحين من المناطق التي تتعرض للقصف".

وأكد ناشطون على مواقع التواصل هذه الممارسات، وقال أحدهم:

وبرز الصراع السياسي والطائفي في تعليقات البعض:

وسرد البعض أمثلة على المشاكل التي تسبب بها حزب الله في مناطقهم:

ووصل الأمر ببعض القرى إلى رفض استقبال سكان الضاحية والجنوب، إذ دعت بلديّة فالوغا في جبل لبنان، سكّانها إلى عدم تأجير المنازل في البلدة إلى أيّ جهة كانت "لبنانيّة أو غير لبنانيّة"، "محليّة أو غير محليّة"، إلا بعض الاطلاع على هويّة المستأجر والتّأكد من سجله وموافقة البلديّة مسبقاً.

فيما أحدثت تلك الدعوة ضجَة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم المتابعون بين مؤيّد يرفض تعريض منطقته لخطر الاستهداف الإسرائيلي، معتبرا أن حزب الله الذي فتح جبهة "المساندة والمشاغلة"، كما يسميها خلافاً لرغبة شريحة كبيرة من اللبنانيين، لذا عليه تحمّل كلفة هذه الحرب، وبين معارض، لاسيما من بيئة حزب الله,

واعتبر آخرون دعوة فالوغا طعناً لمبدأ الوحدة الوطنية في الأزمات، مشددا على أن حزب الله يخوض حرباً في الجنوب دفاعاً عن كل اللبنانيين وليس عن فئة محددة.

وقال رئيس بلدية فالوغا جوزيف أبو جوده في تصريح لقناة "العربية" "أن التعميم أتى بعد توصية تلقتها البلدية من الأجهزة الأمنية بضرورة التنبّه من تأجير شقق سكنية في البلدة قبل الاطلاع على الأوراق الثبوتية للشخص والتحقق من سجله العدلي إذا كان عليه إشارة".

وقال "لاحظنا في الأسبوع الأخير ارتفاعاً بالطلب على شقق للإيجار من قبل مواطنين لبنانيين، لذلك أتت التوصية من الأجهزة الأمنية بضرورة التنّبه والوعي، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الأمني الذي يُشكّل أحياناً نافذة للهاربين من العدالة".

واعتبر أن "بلدة فالوغا تعرّضت لحملات تجنٍّ من أهالي بلدات جنوبية نتيجة التعميم"، معربا عن أسفه لتفسير الأمر بغير محله. وأكد أبو جودة "أن البلدية لم تمنع أحداً من استئجار منزل في البلدة"، قائلا "هناك أكثر من 30 وحدة سكنية تم تأجيرها منذ فترة، وبعض أصحابها من سكان بلدات جنوبية".

ورأى في المقابل "أن خوف اللبنانيين مبرر، خصوصاً إذا كان الشخص الذي يريد استئجار منزل لمسؤول ميداني في حزب الله، وهو ما يُعرّض منطقتهم لخطر الاستهداف الإسرائيلي".

وأضاف قائلا "نحن حريصون على أمن بلدتنا وعلى سكانها، ولسنا عنصريين كما يُقال، وأي شخص يرغب باستئجار شقة في البلدة وتبيّن أنه يُشكّل خطراً أمنياً سنقوم بإبلاغ الأجهزة الأمنية لتقوم بواجباتها".