سكان أربيل يعانون ندرة المياه مع استمرار الجفاف منذ سنوات

العراق يعزو الجفاف أيضا إلى بناء الجارتين تركيا وإيران سدودا على نهري دجلة والفرات اللذين يرويان منذ آلاف السنين بلاد ما بين النهرين مهد الزراعة.

أربيل (العراق) – بات سكان أحياء عدة في مدينة أربيل وضواحيها في كردستان العراق يخشون أيام الصيف بسبب أزمة شحّ مياه تتكرّر منذ سنوات، الى جانب قلّة الآبار والانقطاع المتكرّر للتيار الكهربائي الضروري لضخّ المياه.

وعلى غرار مناطق مكتظة عدّة في المدينة الكردية يعتمد سكان دارتو على المياه الجوفية لتأمين حاجتهم من الماء. وينتظر السكان بفارغ الصبر صهاريج مياه لتعبئة خزاناتهم الفارغة. ويسعون الى شراء المياه أو ينتظرون الكميات التي تؤمنها المنظمات الإنسانية للغسيل والاستحمام والطبخ وري حدائقهم.

ويقول بابير وهو رجل ثمانيني، في ضاحية دارتو، "لا يوجد ما هو أسوأ من عدم توافر المياه خلال الصيف، ولا حياة من دون مياه"، متسائلا "ماذا نفعل؟ نحن نستحمّ كل 15 يوما".

ومن على سطح منزله، ينادي بابير على سائق صهريج مياه أرسلتها جمعية خيرية، أثناء مروره في الشارع طالبا منه تعبئة خزانه الفارغ، لكنه يضطر مرات عدّة لشراء المياه براتبه التقاعدي المتواضع.

ويقول "راتبي 220 ألف دينار (167 دولار) منها 170 الف (129.76 دولار) تذهب للإيجار و50 ألفا (38.166 دولار)  للمياه والكهرباء"، ما يجعله مضطرا لتلقّي مساعدة من أولاد عمه.

وخرج سكان المناطق المتضرّرة من شحّ المياه مرات عدّة إلى الشارع خلال السنوات الماضية، مطالبين بإيجاد حلول، لكن بابير يقول إن لقاءات عدّة مع مسؤولين محليين لم تسفر عن أي نتيجة. وتابع "قد اضطر إلى أن أغلق أبواب منزلي وأغادر الى مكان آخر توجد فيه مياه".

ويعاني العراق منذ أكثر من أربع سنوات من جفاف قضى على جزء كبير من الأراضي والمزروعات. وهو من بين الدول الخمس الأكثر تأثّرا ببعض أوجه التغيّر المناخي، وفق الأمم المتحدة.

وبالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار، يعزو العراق الجفاف أيضا إلى بناء الجارتين أنقرة وإيران سدودا على نهري دجلة والفرات اللذين يرويان منذ آلاف السنين بلاد ما بين النهرين، مهد الزراعة.

ويعدّ المصدر الأساسي للمياه في أربيل محطة إفراز التي تستمدّ مياهها من نهر الزاب الكبير ومصدره تركيا ويلتقي بدجلة في بغداد، فضلاً عن 1240 بئراً منتشرة في جميع أنحاء المدينة.

وقال محافظ أربيل أوميد خوشناو قبل أسابيع إن "أكثر من 25 في المئة من مياه الآبار جفّت العام الحالي في مدينة أربيل وضواحيها"، مشددا على أنه "حان الوقت للاعتماد بشكل أقلّ على المياه الجوفية".

وعلى وقع الأزمة المتكرّرة، أعلنت محافظة أربيل تخصيص مليار و500 مليون دينار (أكثر من مليون دولار) لحلّ مشكلة المياه في المنطقة، عبر حفر المزيد من الآبار وتأمين الكهرباء لها عبر الخط الوطني أو المولّدات.

وقال قائمقام أربيل نبز عبدالحميد إن انقطاع التيار الكهربائي خصوصا خلال الصيف عطّل تشغيل الآبار، مضيفا "حاليا قمنا بمعالجة المشكلة وزوّدناها بخط كهرباء وطني دون انقطاع"، متابعا "العمل جار لتشغيل باقي الآبار وإيجاد حلول أخرى للأزمة بينها تطوير محطة إفراز."

وفي دارتو، يملأ عامل خزانات منازل عدّة واحداً تلو الآخر بواسطة خرطوم مياه عادي، فيما تنتظر طفلة دورها لتعبئة زجاجات بلاستيكية، ويرشّ آخرون المياه على وجوههم لتخفيف وطأة حرارة الصيف.

أما سرور محمد (49 عاما) فقد ملأ شاحنته بسجّاد وحاجات منزلية أخرى استعدادا لنقلها إلى قرية قريبة لغسلها. ويقول "صحيح أن المنظمات تأتي بالمياه لكن هذا ليس علاجاً"، مشيراً إلى أن بين أسباب نقص الماء الكثافة السكانية وصغر حجم الأنابيب.

ويتابع "على الحكومة إيجاد حلول جذرية، لأن الاعتماد على مياه الآبار ليس حلا، خصوصا أن مستويات المياه فيها تتدنّى جراء الجفاف، عدا عن انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر"، لافتا الى أن "المياه الجوفية أصبحت قليلة ومن الصعب الاعتماد عليها".

وتتحسّر جارته ماهيا نجم على سنوات سابقة كان الماء خلالها "وفير" حتى في فصل الصيف. وتقول "لكن منذ أربع سنوات، تندر المياه مع ارتفاع درجات الحرارة، وبات وضعنا صعب جداً"، حتى إن أولادها وأحفادها باتوا يتفادون زيارتها بسبب نقص المياه. وتضيف "لا نستطيع الغسل أو حتى تحضير الطعام واستقبال الضيف".

وأردفت بعدما حصلت على حصتها من المياه من صهريج المساعدات "نحن في أمس الحاجة للمياه، هذه ليست حياة".