بن غفير يضاعف التوتر باقتحام جديد لباحة المسجد الأقصى
القدس - دخل أكثر من ألفي إسرائيلي الثلاثاء باحات المسجد الأقصى يتقدمهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير وأدوا الصلوات بمناسبة ذكرى خراب الهيكل، الأمر الذي وصفه مسؤول في الأوقاف الإسلامية بأنه "استفزاي" فيما دانته دول عربية.
وقال بن غفير إن إسرائيل "ستهزم حماس"، داعيا إلى عدم الذهاب إلى أي مفاوضات دعت اليها الدول الوسيطة في النزاع في الدوحة أو القاهرة.
والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم "جبل الهيكل" ويعتبرونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولّى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن.
وبموجب الوضع القائم بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في 1967، يمكن لغير المسلمين زيارة المسجد الاقصى في أوقات محدّدة بدون الصلاة، وهي قاعدة يخرقها أكثر فأكثر اليهود المتشدّدون.
ويعتبر الفلسطينيون ووزارة الأوقاف الأردنية زيارات اليهود القوميين الى المسجد الأقصى استفزازا لمشاعر المسلمين.
وذكرى خراب الهيكل التي توافق التاسع من آب/أغسطس، وفق التقويم العبري، هي يوم للصوم والحداد على تدمير هيكل سليمان أو الهيكل الأول.
وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إن "2250 يهوديا متطرفا أدّوا الصلوات والرقصات الاستفزازية ورفعوا العلم الإسرائيلي خلال الاقتحامات".
وأشار الى أن الوزير "بن غفير بصفته وزيرا للأمن القومي أشرف على عمليات التهويد وساهم في تغيير الواقع داخل المسجد الأقصى بدلا من الحفاظ على المعاهدات الدولية".
وبحسب المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فرضت الشرطة الإسرائيلية "قيودا" على دخول المصلّين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ولم تسمح إلا "لعدد قليل بالدخول".
وأظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها ما نشرته دائرة الأوقاف الإسلامية، بن غفير وهو يتجوّل في باحات المسجد الأقصى.
وفي مقطع فيديو مصوّر نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، تعهّد بن غفير بـ"النصر" قائلا "يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى مباحثات في الدوحة أو القاهرة"، في إشارة إلى الدعوة الى مفاوضات نعقد في 15 آب/أغسطس. وأضاف "يجب أن نهزم حماس، يجب أن نركعهم".
وأكّد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان أصدره "عدم وجود أي سياسة خاصة لأي وزير على جبل الهيكل، ولا حتى لوزير الأمن الوطني" مضيفا "ما حدث هذا الصباح على جبل الهيكل استثناء للوضع المعمول له".
ويدرس حزب "يهدوت هتوراه" الديني الإسرائيلي بقاءه في الحكومة بعد عملية الاقتحام حيث قال عضو الكنيست موشيه غافني في منشور على منصة "إكس" "إن المس بقدسية جبل الهيكل (المسجد الأقصى) والوضع القائم، ليس له أهمية بالنسبة للوزير بن غفير الذي يقف ضد رجال إسرائيل العظماء والحاخامات الكبار منذ أجيال".
وأضاف أن "الضرر الذي يلحقه بالشعب اليهودي كبير بشكل لا يطاق، كما أنه يسبب كراهية لا مبرر لها في يوم خراب الهيكل" متابعا "سيتعين علينا أن نتحقق من الحاخامات ما إذا كان بإمكاننا أن نكون شركاء معه وأن نوضح ذلك لرئيس الوزراء أيضًا".
ويلتزم حزب "يهدوت هتوراه" بالفتوى الصادرة عن حاخامات إسرائيل منذ العام 1967 بعدم اقتحام منطقة المسجد الأقصى "لعدم توفر عنصر الطهارة".
ويلتزم الغالبية العظمى من الإسرائيليين بهذه الفتوى ويمتنعون عن الاقتراب من منطقة المسجد الأقصى. وتعتقد الغالبية من اليهود إن المسجد الأقصى أقيم على أنقاض الهيكل.
واندلعت الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 111 منهم في غزة، وتوفي 39 منهم، حسب الجيش الإسرائيلي. وبلغت حصيلة الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب 39897 قتيلا، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.
ووجه الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، الثلاثاء تحذيرات من تداعيات الاستفزازات الخطيرة لاقتحامات المستعمرين الإرهابيين للمسجد الأقصى المبارك، محملا "حكومة الاحتلال مسؤولية هذه الممارسات وخطورتها في استفزاز مشاعر شعبنا والعرب والمسلمين".
وقال أبوردينة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا ) "نطالب الإدارة الأميركية بالتدخل بشكل فوري لإجبار حكومة الاحتلال على وقف هذه الاستفزازات بحق الأماكن الدينية المقدسة، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني في مدينة القدس، ووقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية إذا ما أرادت منع انفجار المنطقة بشكل لا يمكن السيطرة عليه".
وأوضح أن "هذه الاستفزازات تأتي في إطار الحرب الشاملة التي تشنها حكومة الاحتلال المتطرفة بحق شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس"، مؤكدا أن "السلام والأمن في المنطقة بأسرها لن يتم دون حل عادل لقضيتنا وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية".
ونددت الخارجية الأردنية بخطوة بن غفير حيث نقلت وكالة الأنباء الأردنية ( بترا) عن الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، قوله إن ذلك يعد "خرقا فاضحا للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، وبما يعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية وأعضائها المتطرفين على الضرب بعرض الحائط القوانين الدولية، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال".
وأكد أن "استمرار الإجراءات الأحادية الإسرائيلية والخروقات المتواصلة للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، يتطلب موقفا دوليا واضحا وحازما يدين هذه الانتهاكات والخروقات، ويوفر الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية".
وأكد على أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه.
وشدد على "حق دولة فلسطين بالسيادة على مدينة القدس المحتلة وأنه ليس لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال أي حق أو سيادة على مدينة القدس المحتلة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".
بدورها دانت الخارجية المصرية اقتحام وزيرين إسرائيليين وأعضاء في الكنيست ومئات المستوطنين باحات المسجد الأقصى مؤكدة أنه "خرق للقانون الدولي".