ميقاتي يعول على دور فرنسي يجنب لبنان الحرب

سيجورنيه يؤكد دعم قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان وسعي بلاده داخل مجلس الأمن لتمديد مهامها لعام إضافي وتعزيز الجيش اللبناني في الجنوب.

بيروت – شدد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خلال لقاءه مع وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه في بيروت الخميس على "أهمية دعم التمديد للقوة الدولية في جنوب لبنان لفترة سنة"، إذ يعول لبنان على الدعم الفرنسي في هذه الخطوة إلى جانب دعم الجيش ومحاولة تجنيب البلاد الحرب مع إسرائيل.

وأضاف ميقاتي "في هذه الفترة الصعبة التي نمر بها لا يمكن الا ان نتحلى بالصمت والصبر والصلاة".

وتأتي زيارة سيجورنيه الى بيروت في إطار "دعم الجهود الدبلوماسية الجارية من أجل خفض التصعيد في المنطقة"، وفق ما أورد في تعليق على منصة اكس قبيل وصوله الى بيروت، فيما ينتظر الساسة اللبنانيون حراك فرنسي فاعل.

وجدّد الوزير الفرنسي خلال لقائه ميقاتي "تأكيد دعم فرنسا للبنان، ووقوفها إلى جانبه، وثقتها به"، وتمنّى "استمرار عدم التصعيد من الجانب اللبناني"، مقدِّراً "ضبط النفس في هذه الفترة الصعبة".

وأوضح سيجورنيه الذي زار بيروت مرات عدة منذ بدء التصعيد، "رسالتنا بسيطة للغاية تتعلق بخفض التصعيد، موجهة هنا الى السلطات اللبنانية بوضوح وسيتم كذلك توجيهها الى دول أخرى في المنطقة، ما يسمح لنا أن نرى في المستقبل وضعاً أكثر هدوءاً في هذه اللحظة الحساسة".

وأكد المسؤول الفرنسي "دعم قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) وتعزيز الجيش اللبناني في الجنوب" مشيراً الى سعي بلاده داخل مجلس الأمن لتمديد مهام اليونيفيل لعام إضافي.

وتحاول فرنسا منذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي احتواء المواجهات على الحدود بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران والتي تتسع رقعتها، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يونيو/حزيران الماضي أن فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل ضمن إطار "ثلاثي" على خارطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان.

وأكد ماكرون خلال قمة مجموعة السبع في جنوب إيطاليا "لقد أعربنا جميعا عن قلقنا حيال الوضع على الحدود مع لبنان، وخصوصا مع الولايات المتحدة الأميركية". وأضاف "اعتمدنا مبدأ ثلاثية (تجمع) إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا للتقدم نحو خارطة الطريق التي اقترحناها. سنقوم بالأمر نفسه مع السلطات اللبنانية".

وكانت باريس طرحت مبادرة أولى، تم تعديلها في مايو/أيار بناء على طلب بيروت التي اعتبرت أن صيغتها تصب إلى حد بعيد في مصلحة إسرائيل.

وتنص الخطة خصوصا على وقف أعمال العنف من الجانبين وانسحاب قوة الرضوان التابعة لحزب الله ومجموعات مسلحة أخرى حتى مسافة عشرة كيلومترات من الحدود مع اسرائيل، بحسب مسؤولين لبنانيين. كما تنص أيضا على أن تمنح قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، حرية تحرك كاملة في المنطقة، مع تعزيز دور الجيش اللبناني. ويرفض حزب الله الخوض في أي مفاوضات من هذا النوع، مشترطا وقفا دائما لإطلاق النار في قطاع غزة.

ولطالما كرر حزب الله، الذي يتبادل القصف وإسرائيل منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب في غزة، أن وقف هجماته من جنوب لبنان مرتبط بالتوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة.

ويتردد الوسطاء الدوليون على المنطقة، من بينهم المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، كما يبذلون قصارى جهودهم على مدار الساعة لمنع اندلاع صراع أوسع نطاقا. ووصل هوكشتاين إلى بيروت الأربعاء، في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية لوقف التصعيد عبر الحدود اللبنانية، تزامنا مع تصاعد حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل وكسر قواعد الاشتباك بين الطرفين.

وأكد ميقاتي خلال استقبال هوكشتاين ضرورة الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها وتهديداتها وان مدخل الحل هو في وقف إطلاق النار في غزة، وتطبيق قرارات مجلس الامن لا سيما القرار 1701 الذي يضمن استقرار الجنوب".

واعتبر أن لبنان "أمام فرص قلقة للدبلوماسية التي تتحرك لمنع الحرب ووقف العدوان الإسرائيلي"، متابعا أن "الجولات الخارجية مع رؤساء وقادة أجانب وأخوة عرب تكثفت نظراً لخطورة الوضع اللبناني والاقليمي وخطورته على امن المنطقة".

بدوره، قال المبعوث الأميركي "أن العمل يجري على مختلف المستويات الدبلوماسية وفي كل العواصم لإنجاح الحل الدبلوماسي الذي دعا اليه الرئيسان الاميركي والمصري وأمير قطر، وستتم مناقشته في اجتماعات الدوحة التي تبدأ غدا وستستمر اياما عدة".

وأمل" في التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة مما سيساهم في وقف وتيرة التصعيد في الجنوب". كما اعتبر "ان القرار 1701 هو ضمانة الاستقرار في الجنوب".

وقال هوكشتاين بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي يتزعم حركة أمل حليفة حزب الله، "تحدثتُ مع رئيس مجلس النواب (نبيه) بري حول الاتفاق الإطار المطروح لوقف إطلاق النار في غزة، وقد اتفقنا على أنه لم يبقَ وقت لإضاعته ولا أعذار مقبولة من أي طرف لتأخير إضافي".

واعتبر أن "الاتفاق سيساعد أيضا على التوصل إلى حلّ دبلوماسي هنا في لبنان، مما سيمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا"، حيث يتبادل حزب الله واسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في اليوم التالي لهجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وأضاف "ينبغي علينا أن نغتنم هذه النافذة للعمل الدبلوماسي والحلول الدبلوماسية. الوقت المناسب هو الآن".

وحذّر من أنه "كلما مرّ وقت على التصعيد … ازدادت احتمالات وقوع حوادث وأخطاء، واستهدافات تطال أهدافا غير مقصودة قد تتسبب بسهولة في تصعيد لا يمكن السيطرة عليه"، مضيفا "هنا في لبنان، نعتقد أنه يمكننا الوصول إلى نهاية النزاع الآن، اليوم. ندرك أن هناك من يريد ربطه بنزاعات أخرى وهذا ليس موقفنا".

لكن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم وصف الخميس، في تصريحات لقناة المنار، زيارة هوكشتاين بأنها "استعراضية" مشيراً الى ان الأميركيين "يريدون القول إنهم يتحركون لكن في الفراغ".

وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قال الأسبوع الماضي إن حزبه وإيران "ملزمان بالرد" على اسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وقائد عمليات الحزب في جنوب لبنان فؤاد شكر، مؤكداً المضي في هذا الخيار "أياً تكن العواقب". وشدّد نصرالله على أن "ردنا آت، قويا مؤثراً فاعلاً".

وأسفر التصعيد عبر الحدود عن مقتل ما لا يقلّ عن 568 شخصًا في لبنان، بينهم 118 مدنيًّا على الأقلّ، حسب تعداد لفرانس برس، استنادًا إلى السلطات اللبنانيّة وبيانات حزب الله.

وأعلنت السلطات الإسرائيليّة مقتل 22 عسكريًّا و26 مدنيًّا على الأقلّ منذ بدء التصعيد، بينهم 12 في الجولان السوري المحتلّ.