لبنان يشكو إسرائيل لمجلس الأمن مع تصاعد القصف المتبادل في الجنوب
بيروت – قتل جندي اسرائيلي ومقاتلان من حزب الله الاثنين في تبادل قصف بين الجيش الاسرائيلي والحزب عبر الحدود، كما أعلن الجانبان وسط مخاوف من ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة واتساع رقعة الحرب، فيما قدم لبنان الاثنين شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل بعد خرق مقاتلاتها الحربية جدار الصوت فوق عدة مناطق من ضمنها العاصمة بيروت.
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان إن "بعثة لبنان الدائمة في نيويورك وجهت شكوى لمجلس الأمن، اليوم (الاثنين)، بناء على توجيهات وزير الخارجية عبد الله بو حبيب"، وأضافت "الشكوى تناولت انتهاكات الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، بما في ذلك اختراق جدار الصوت فوق العاصمة بيروت".
وعدّت الخارجية اللبنانية في بيانها هذه الأعمال "مخالفة للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر العقاب الجماعي والترهيب النفسي، خاصةً تلك الممارسات التي تهدف إلى بث الذعر بين المدنيين، مما يزيد من معاناة الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال".
وبشكل شبه يومي، يخرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت فوق الأجواء اللبنانية محدثا دويا قويا يشبه أصوات انفجارات الغارات الجوية، ما يتسبب بحالة من الذعر بين السكان.
ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر غداة بدء الحرب في قطاع غزّة إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على جنوب الدولة العبرية، يتبادل حزب الله المدعوم من إيران القصف مع إسرائيل بصورة شبه يومية عبر الحدود "إسناداً" لغزة و"دعماً لمقاومتها".
وأعلن الجيش الاسرائيلي الاثنين مقتل أحد جنوده "خلال القتال" في منطقة شمال إسرائيل. وخلال مؤتمر صحافي أشار المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر إلى "هجوم بطائرة مسيرة من إرهابيي حزب الله" في الشمال. ولم يدل بتفاصيل عن ضحايا محتملين لهذا الهجوم.
وقال مصدران أمنيان لرويترز إن غارة إسرائيلية مساء الاثنين استهدفت مستودع أسلحة لجماعة حزب الله في وادي البقاع بشرق لبنان.
ونعى حزب الله من جهته في بيانين منفصلين اثنين من مقاتليه قضيا "على طريق القدس"، وهي العبارة التي يستخدمها منذ بدء التصعيد لنعي مقاتليه الذين يقتلون في جنوب لبنان.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أفادت في وقت سابق عن مقتل شخصين في غارة إسرائيلية على بلدة حولا هذا الصباح. وقال الجيش الاسرائيلي من جهته إنه قصف مقاتلين من حزب الله الاثنين في منطقة حولا.
يأتي ذلك فيما أعلن حزب الله في بيان الاثنين أن عناصره شنّوا هجوماً جوياً مُتزامناً بأسراب من المسيرات الانقضاضية على موقعين عسكريين أحدهما ثكنة قرب مدينة عكّا الساحلية على بعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود، والثاني قاعدة لوجستية.
وأشار بيان حزب الله إلى أن هجوم المسيّرات جاء "ردّاً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو الإسرائيلي في منطقة قدموس" في منطقة صور في جنوب لبنان، فيما كان الجيش الاسرائيلي قال السبت إن قواته "قضت" على "قائد في قوة الرضوان" في حزب الله في غارة جوية على منطقة صور.
واضاف الجيش الإسرائيلي أن منظومة الدفاع الجوي التابعة له اعترضت "أهدافاً جوية مشبوهة آتية من لبنان" ونجحت بإسقاط بعضها في منطقة يعارا في الجليل الغربي.
وارتفع منسوب التوتّر في الفترة الأخيرة بعد مقتل القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بغارة اسرائيلية في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
وقتل شكر قبل ساعات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة في طهران في ضربة نسبت الى إسرائيل. وتوعّدت طهران وحزب الله بالردّ على مقتلهما.
وأعلن حزب الله ليل الأحد الاثنين أن مقاتليه استهدفوا "بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية" جنوداً إسرائيليين عند رصد "تسلّل" مجموعة منهم قرب الحدود، ما أجبرهم على التراجع.
وجدّد الحزب صباح الاثنين قصفه بالصواريخ والمدفعية على ثكنة عسكرية إسرائيلية "ردّاً على اعتداءات العدو الإسرائيلي" وفق ما ذكر في بيان.
وعلى وقع استمرار التصعيد، قال منسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا في بيان إنه لا يزال "نحو 150 ألف شخص يعيشون في مناطق وقرى تتعرض للضربات المدفعية والهجمات الجوية يومياً" في جنوب لبنان.
وأشار إلى أن "الملايين يسترجعون ذكريات أليمة من حرب 2006، ويخشون من مخاطر أي تصعيد محتمل".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد نزح أكثر من 110 آلاف شخص من جنوب لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر بسبب التصعيد. وتقول السلطات الإسرائيلية من جهتها إن نحو 100 ألف نزحوا من شمال اسرائيل.
وأوضح ريزا أنه في لبنان "قُتل 21 مسعفاً كانت مهمتهم إنقاذ الآخرين" في التصعيد، مضيفا أن "الإفلات الواضح من العقاب الذي ارتكبت به هذه الأعمال" يظهر "تجاهلاً مقلقًا للقانون الدولي الإنساني".
وأدّى التصعيد عبر الحدود إلى مقتل 584 شخصا على الأقل في لبنان، من بينهم 377 مقاتلا من حزب الله وما لا يقل عن 128 مدنياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس، استنادا إلى السلطات اللبنانيّة وبيانات نعي الحزب والمجموعات الأخرى.
وأعلنت السلطات الإسرائيليّة مقتل 23 عسكريّا و26 مدنيّا على الأقلّ منذ بدء التصعيد، بينهم 12 في الجولان السوري المحتلّ.