بايدن يحث زعيمي مصر وقطر على التوصل لاتفاق هدنة في غزة
بيلتون (كاليفورنيا) - تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن هاتفيا مع زعيمي قطر ومصر الجمعة ليضغط من أجل التوصل إلى اتفاق صعب المنال لوقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن في وقت يجتمع فيه مفاوضون في القاهرة في محاولة للتغلب على العقبات المتبقية.
وقال البيت الأبيض في بيان إن بايدن تحدث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشكل منفصل، لمناقشة "الجهود الدبلوماسية لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن".
وفي السياق نفسه، قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية أحمد فهمي إن اتصال بايدن مع الرئيس السيسي "أتى في إطار جهود الوساطة المكثفة التي تبذلها الدولتان لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل المحتجزين".
وأضاف أنه تم خلال الاتصال "استعراض آخر تطورات جولة التفاوض التي تستضيفها القاهرة حاليا"، حيث أكد الرئيسان أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق.
ووفقاً للمتحدث نفسه، فقد حرص السيسي، في هذا الصدد، على "تأكيد أن التوصل إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار يكتسب أهمية فائقة في هذا التوقيت الدقيق، سواء لضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية الكارثية في القطاع، أو لإنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسّع نطاق الصراع، بما لذلك من تداعيات خطيرة على شعوب الإقليم كافة".
وفي سياق متصل بدأ رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي.كيو براون زيارة لم تكن معلنة لمنطقة الشرق الأوسط اليوم السبت لمناقشة سبل تجنب أي تصعيد جديد للتوتر لئلا تتسع رقعة الصراع، إذ إن المنطقة في حالة تأهب لهجوم تهدد إيران بشنه ضد إسرائيل.
وبدأ براون رحلته في الأردن وقال إنه سيسافر أيضا إلى مصر وإسرائيل في الأيام المقبلة لسماع وجهات نظر القادة العسكريين.
وتأتي زيارته في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل تبادل إطلاق سراح المحتجزين في غزة وإسرائيل. ولا يلوح اتفاق في الأفق لكن براون قال إن التوصل إليه "سيساعد في خفض حدة التوتر".
وأضاف براون قبل أن تهبط طائرته في الأردن "في الوقت ذاته، أبحث مع نظرائي ما يمكننا القيام به لمنع أي نوع من التصعيد وضمان أننا نتخذ كل الخطوات المناسبة (لتجنب)... صراع أوسع نطاقا".
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحد من تداعيات الحرب في غزة بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل التي دخلت شهرها الحادي عشر. ودمر الصراع مساحات شاسعة من قطاع غزة وأدى إلى اشتباكات على الحدود بين إسرائيل وجماعة حزب الله المدعومة من إيران وهجمات يشنها الحوثيون في اليمن على السفن في البحر الأحمر.
كما تتعرض القوات الأميركية في الوقت ذاته لهجمات من فصائل مسلحة متحالفة مع إيران في سوريا والعراق والأردن.
وعزز الجيش الأميركي في الأسابيع الماضية وجود قواته في الشرق الأوسط لتوفير الحماية من وقوع هجمات كبرى جديدة من إيران أو حلفائها، وأرسل حاملة الطائرات أبراهام لينكولن إلى المنطقة لتحل محل الحاملة تيودور روزفلت.
كما أرسلت الولايات المتحدة إلى المنطقة سربا من الطائرات إف - 22 رابتور التابعة لسلاح الجو الأمريكي ونشرت غواصة مزودة بصواريخ كروز.
وقال براون "عززنا قدراتنا في المنطقة لتوجيه رسالة ردع قوية بهدف منع اتساع نطاق الصراع... وأيضا لحماية قواتنا إذا ما تعرضت لهجوم" ، مضيفا أن حماية القوات الأميركية "أمر بالغ الأهمية".
وفي الدوحة، قال الديوان الأميري القطري في بيان، إن اتصال بايدن بالأمير تميم، مساء الجمعة، تناول "تطورات الأوضاع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وجهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع".
وأضاف البيان أنه تم خلال الاتصال كذلك "بحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية".
ويقضي بايدن عطلة لمدة أسبوع في مزرعة في وادي سانتا ينز بولاية كاليفورنيا ويراقب عن كثب محادثات وقف إطلاق النار في غزة.
وجاءت المحادثتان الهاتفيتان بعد أن وصف البيت الأبيض المحادثات في القاهرة التي تستهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار بأنها "بناءة"، وحث جميع الأطراف على التعاون للعمل نحو تنفيذ الاتفاق المقترح.
ومن بين القضايا التي تشكل موضوعا للمفاوضات المكثفة إصرار إسرائيل على السماح لها بالاحتفاظ بقوات على طول ممر فيلادلفيا البري بين مصر وغزة.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين "تمّ تحقيق تقدم. نحتاج الآن الى أن يعمل الطرفان من أجل التنفيذ".
وأفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات "الموسعة" ستنطلق الأحد بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين.
وتحدث عن "مناقشات موسعة تجري في القاهرة الجمعة والسبت للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد"، مشيرا الى أن واشنطن "تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس وآليات التنفيذ".
ورأى أن جولة الأحد ستكون "مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وأكد كيربي أن "المباحثات التمهيدية التي أجريناها في القاهرة الليلة الماضية كانت بنّاءة بطبيعتها. لذلك نريد أن نرى زخما مماثلا يتواصل هنا على امتداد الأيام القليلة المقبلة".
ومن المأمول أن يؤدي تحقيق انفراجة في المحادثات إلى منع إيران من توجيه ضربة انتقامية كبيرة ضد إسرائيل بعد مقتل قائد عسكري لحزب الله في لبنان ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وتجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، لم تحضرها حماس. ولم تعلن الحركة مشاركتها في جولة القاهرة.
كما تأتي بعد جولة إقليمية قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم تحقق انفراجا، وبعدما أكد بايدن في اتصال مع نتنياهو الأربعاء "الضرورة الملحّة" لاتفاق وقف النار وإطلاق الرهائن.
من جهته، أكد مكتب نتنياهو على تحقيق "جميع أهداف الحرب" التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. وشدد على أن "هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية" للقطاع مع مصر في مؤشر على تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة، وهو ما ترفضه حماس.
وجدد كيربي اقتناع واشنطن بأن نتنياهو وافق على المقترح الأخير، رغم إصراره على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي. وحضّ حماس على قبول الاقتراح الذي طرح في الدوحة.
وذكر موقع أكسيوس الجمعة أن بايدن طلب من نتنياهو سحب القوات الإسرائيلية من حدود غزة مع مصر في إطار مرحلة أولية من اتفاق وقف إطلاق النار حتى يمكن مواصلة المحادثات.
وقال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين لموقع أكسيوس إن نتنياهو قبل جزئيا بطلب بايدن الذي ذكره في مكالمتهما الأربعاء، ووافق على التخلي عن موقع تسيطر عليه القوات الإسرائيلية عند الحدود بين مصر وغزة.
وفي غضون ذلك، أفاد مصدر في حماس مطلع على سير المفاوضات الجمعة بأن الحركة "لم تتلقّ أي اقتراح جديد، كذلك لم يتم ابلاغ حماس باقتراح جديد بخصوص الشريط الحدودي مع مصر ومعبر رفح".
وكان مكتب نتنياهو أكد الخميس التزامه "بالمبدأ القائل بأن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا من أجل منع حماس من أن تعيد تسلّحها ما يسمح لها بأن ترتكب مجددا الفظائع التي ارتكبتها في 7 أكتوبر".
ورأى القيادي في حماس حسام بدران أن "إصرار نتنياهو على إبقاء قوات الاحتلال في محوري طريق الشهداء (نتساريم) وصلاح الدين والشريط الحدودي مع مصر (فيلادلفيا) يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة العدوان وحرب الابادة وعدم التوصل لاتفاق نهائي".
وأكد "لن نقبل بأقل من انسحاب قوات الاحتلال بما في ذلك محور فيلادلفيا ونتساريم"، وأن واشنطن "تتحمل مسؤولية الضغط عليه لتحقيق وقف إطلاق النار".
وتتمسّك حماس بموقفها الداعي إلى التقيد بالمقترح وفق الصيغة التي أعلنها بايدن في 31 مايو، وأعلنت قبولها في مطلع يوليو.
وينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يصاحبها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 أكتوبر، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ومع تواصل المعارك، يتضاءل احتمال التوصل الى هدنة بالنسبة لكثيرين.
ومن هؤلاء عائلات الرهائن الذين التقى وفد منهم نتنياهو الجمعة لحثّه على إبرام اتفاق. وأعربت ابنة أحدهم عن شعورها بأن الاتفاق ليس وشيكا.
وقالت إيلا بن عامي التي خُطف والدها أوهاد في الهجوم، في بيان صادر عن منتدى عائلات الرهائن "غادرت بانطباع ثقيل وصعب بأن هذا لن يتمّ قريبا".
في قطاع غزة، قالت أم محمود وادي النازحة في مدينة دير البلح "أتمنى من الله عزّ وجلّ أن تستمر هذه المفاوضات ويعثروا لنا على حلول".