مقترح هاريس لحظر التلاعب بالأسعار يثير الانتقادات
واشنطن - تعرض مقترح كامالا هاريس، المرشحة الديموقراطية للرئاسة الأميركية، لحظر التلاعب بالأسعار في إطار برنامجها الاقتصادي لانتقادات خبراء اقتصاد ومحللين قالوا إنه غير تنافسي وقد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمستهلكين الأميركيين وليس مساعدتهم.
وأعلنت هاريس عن ذلك الأسبوع الماضي في إطار مجموعة مقترحات اقتصادية تتضمن إعفاء ضريبيا بقيمة 6 آلاف دولار للعائلات مع أطفال حديثي الولادة وإعفاء ضريبيا بقيمة 10 آلاف دولار لمشتري المنازل لأول مرة.
وقالت حملتها في بيان إنه في حال انتخابها رئيسة فإنها ستعمل مع الكونغرس لتقديم "أول حظر فدرالي على التلاعب بأسعار المواد الغذائية والبقالة".
وتهدف المقترحات إلى وضع "قواعد واضحة" لمنع الشركات الكبرى من تحقيق أرباح "مفرطة" من المواد الغذائية والبقالة وتعزيز السلطات التنظيمية على مستوى الولايات والحكومة الفدرالية لمعاقبة منتهكي القواعد.
وفي حين تحظى الخطط بشعبية لدى القاعدة الديموقراطية، أثارت رد فعل عنيفا من المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، الذي يخوض الانتخابات ضد هاريس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واتهم ترامب هاريس بأنها ترغب في "فرض ضوابط على الأسعار على الطريقة السوفيتية"، بينما يؤكد مؤيدو هذه السياسة أنه تمت إساءة تفسيرها وفهمها.
لكن العديد من المؤسسات الإعلامية الأميركية، بما فيها صحيفة ''واشنطن بوست''، ذكرت أن حملة هاريس ترى أن هذه السياسة بمثابة محاولة لرفع القواعد الحالية على مستوى الولايات بشأن التلاعب بالأسعار إلى المستوى الفدرالي.
وساهم ارتفاع التضخم العالمي مع انتهاء جائحة كوفيد في ارتفاع حاد في تكلفة السلع اليومية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وانخفض التضخم الاستهلاكي بشكل كبير منذ أن بلغ ذروته عند أكثر من تسعة في المئة في عام 2022.
لكن ما زال الأميركيون يعانون من زيادة الأسعار إجمالا بأكثر من 20 في المائة منذ تولى جو بايدن منصبه، وفقا لبيانات وزارة العمل الأميركية.
"ما يفعله هذا التلاعب بالأسعار هو تحويل اللوم من إدارة بايدن التي كانت هاريس جزءا منها، إلى الشركات".
ومع ذلك، قال كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في أكسفورد إيكونوميكس راين سويت إن "قليلا جدا" من هذه الزيادة يرجع إلى التلاعب بالأسعار.
وبدلا من ذلك، يشير سويت إلى صدمة العرض التي غذتها الجائحة، وزيادة الطلب على السلع والخدمات التي حفزها - جزئيا - الدعم الفدرالي السخي للأسر أثناء الجائحة.
وقال غاري هوفباور، وهو زميل أول غير مقيم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي "ما يفعله هذا التلاعب بالأسعار هو تحويل اللوم من إدارة بايدن التي كانت هاريس جزءا منها، إلى الشركات"، مضيفا "هذه حجة سياسية ناجحة إلى حد كبير، لا أساس اقتصاديا لها".
وتعد تجارة التجزئة صعبة بشكل خاص، كون هوامش الربح فيها محدودة، على النقيض تماما من قطاعات ذات هامش ربحية أعلى مثل التكنولوجيا.
وتساءل الرئيس التنفيذي لشركة تارغيت براين كورنيل، في مقابلة مع "سي ان بي سي" الأربعاء، تطرقت إلى خطط هاريس لحظر التلاعب بالأسعار ، "هل هناك مساحة أكثر تنافسية من تجارة التجزئة؟".
وأضاف "إنها مساحة تنافسية للغاية، ونحن نقدم القيمة التي يبحث عنها المستهلكون"، لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من تكاليف المعيشة، فهذا يبدو صعب التصديق.
وقال سويت من اكسفورد إيكونوميكس "يرى الناس أن أسعار البنزين أعلى مما كانت عليه قبل بضع سنوات، وستكون أسعار المواد الغذائية أعلى مما كانت عليه قبل بضع سنوات".
وأضاف "لكننا لن نعود إلى الأسعار التي رأيناها قبل الوباء"، لأن تخفيف التضخم لا يؤدي إلى انخفاض أسعار الملصقات في متجر البقالة.
وبدلا من ذلك، عندما ترتفع الأجور بشكل أسرع من التضخم - كما كانت الحال منذ أكثر من عام ــ تنخفض تكلفة هذه المواد نسبة إلى الأجور بمرور الوقت ولكنها عملية بطيئة.
ويبدو الاحتياطي الفدرالي واثقا بشكل متزايد بأنه سيفوز في معركته لجهة خفض التضخم إلى هدفه المعلن منذ فترة طويلة بـ2 في المئة.
والجمعة، أكد رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول أن "الوقت حان" للشروع في خفض معدلات الفائدة، مشيرا إلى أن "ثقته ازدادت" بأن معركة مكافحة التضخم على الطريق الصحيح.
ولاحظ سويت أن "هناك أدلة واضحة على أن قوة تسعير الشركات بدأت تتضاءل"، مضيفا "أعتقد أنه بمرور الوقت، ومع عودة التضخم إلى هدف الاحتياطي الفدرالي، فإن الحديث عن التلاعب بالأسعار سيبدأ بالتلاشي".