
عشرات مواقع التراث العالمي في مهب التغيرات المناخية
باريس - كشفت دراسة مؤخّرا أن مخاطر تحيط بـ 50 موقعا مدرجا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي بسبب التغيرات المناخية، مؤكّدة الحاجة الملحة لاتخاذ القطاع الثقافي الإجراءات اللازمة من أجل رفع مستوى الوعي بخطورة التهديدات.
وأوضحت الدراسة أنه تم استخدام النمذجة على جميع مواقع اليونسكو البالغ عددها 1223 موقعًا على مستوى العالم للتنبؤ بمدى تأثير المخاطر المناخية المختلفة مثل الأعاصير المدارية والحرارة الشديدة والفيضانات على المباني والمواقع الطبيعية على مدار القرن المقبل.
وأكدت أن من بين المواقع الأكثر عرضة لهذه التهديدات نجد نظام الري سوباك في إندونيسيا والذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع وهو عبارة عن سلسلة من حقول الأرز المنسقة بشكل جميل ويتبع نظام الري التقليدي. كما تهدد الفيضانات والانهيارات الأرضية كهف بون دارك المزخرف في فرنسا، والذي يضم بعض أفضل الرسومات التصويرية المحفوظة في العالم، وكذلك دار الأوبرا في سيدني.

كما تم تحديد أربعة مواقع في المملكة المتحدة وهي جسر فورث في اسكتلندا وجزيرة سانت كيلدا غير المأهولة في جزر هيبريدس وقرية الطاحونة التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر في نيو لانارك ومتنزه ستادلي الملكي في يوركشاير وتواجه جلها مخاطر الفيضانات الساحلية والانهيارات الأرضية والعواصف الشديدة.
وأكدت مديرة مؤسسة "جولي بايسكل الخيرية" أليسون تيكيل في حديث مع مجلة " ذي آرنيوزبايبير"((The Art Newspaper أن "الثقافة عنصر حاسم ولكنه غالبًا ما يتم تجاهله في العمل المناخي، الذي يلحق بالفعل دمارًا رهيبًا بالأماكن والمجتمعات".
وأضافت "نحن بحاجة إلى الاعتراف بالحلقة المفقودة في العمل المناخي وبذل كل ما في وسعنا لإزالة الكربون وتجديد الطبيعة، ليس لرفع مستوى الوعي ودعم حماة الثقافة، ولكن لفهم مقدار ما يمكن أن نخسره"، متابعة "هذا التقرير هو دعوة واضحة للمخاطر المترتّبة عن تغيّر المناخ، والتي تسبب بالفعل دماراً رهيباً في الأماكن والمجتمعات".
كما جددت عالمة آثار المواقع الطبيعية وخبيرة التراث الثقافي الدكتورة نادية خلف في جامعة "إكستر" التحذير من هذه المخاطر مشيرة إلى أن فقدان المواقع التراثية يمكن أن يكون له آثار اقتصادية واجتماعية عميقة لاسيما على السياحة ورفاهية المجتمع.
وفي السياق ذاته أطلق خبراء التراث من جامعة "نيوكاسل" دراسة منفصلة لتقييم آثار تغير المناخ على ثلاثة مواقع أخرى في المملكة المتحدة مدرجة على قائمة اليونسكو بكلفة تبلغ 1.8 مليون جنيه إسترليني (نحو 2.3 مليون دولار) وبتمويل من صندوق النتائج المشتركة التابع للحكومة البريطانية. وتضم جدار هادريان ومحمية المحيط الحيوي في شمال ديفون ومنتزه فورست فورس العالمي الجيولوجي في بريكون بيكونز.
ويهدف إلى تطوير استراتيجيات يمكن تطبيقها في المملكة المتحدة وعلى الصعيد الدولي لحماية هذه المواقع المعرضة للخطر.
وقال الرئيس التنفيذي والأمين العام للجنة الوطنية البريطانية لليونسكو جيمس بريدج "إن تصنيفات اليونسكو في المملكة المتحدة لديها سجل طويل من التعاون من موقع إلى آخر، باعتبارها شراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين، وتوفّر أرضية اختبار مثالية لهذا النوع من البرامج".