تقرير أميركي يرصد تنامي التبادل التجاري بين المغرب وواشنطن

المملكة أحد البلدان القليلة التي تستفيد من اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والوحيدة على مستوى القارة الإفريقية.

الرباط – اكّد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن المغرب لا يزال بعد مضي عقدين من توقيعه لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية أحد البلدان القليلة جدا التي تستفيد من هذه الاتفاقية والوحيدة على مستوى القارة الإفريقية، مما ضاعف إجمالي التجارة الثنائية بين البلدين.

وأشار التقرير الصادر عن المعهد مؤخّرا إلى أن توقيع الاتفاق أتى على إثر أحداث 11 سبتمبر/أيلول بهدف تلبية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة ومكافأة المغرب على تعاونه في مكافحة الإرهاب وجهوده في تعزيز التسامح، وفق ما نقله موقع "هسبريس".

وأضاف أن الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش سعت الى توسيع روية الولايات المتحدة لمنطقة تجارية حرة أكبر في الشرق الأوسع، بينما حرصت السلطات المغربية على تعزيز العلاقات الثنائية لا سيما الأمنية ونجحت في الحصول على وضع حليف رئيسي غير عضو في حلف شمال الأطلسي.

ومنذ دخولها حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني من عام 2006 تضاعف إجمالي التجارة الثنائية بين البلدين بأكثر من أربعة أضعاف، حيث انتقل من حوالي 1.3 مليارات دولار في عام 2006 إلى 5.5 مليارات دولار في عام 2023. وتركزت المبادلات التجارية بين واشنطن والمغرب خاصة في صادرات المملكة من الأسمدة وأجهزة أشباه الموصلات والمركبات الآلية في حين يستورد الوقود وقطع غيار الطائرات والتوربينات الغازية، وفق التقرير ذاته.

وساهم تخفيض التعريفات الجمركية من الجانب المغربي في منح ميزة تنافسية للمنتجين الأميركيين الذين رحبوا بفرص أكبر للوصول الى السوق المغربية لا سيما في قطاع الزراعة. وفي المقابل رحبت المملكة بفرصة تنويع شركائه التجاريين والاندماج في الأسواق العالمية، والحد من اعتماده على أوروبا على الرغم من ضعف نسبة الواردات الأميركية من السلع والخدمات الأجنبية.

ولفت التقرير الأميركي الى أنه رغم ارتفاع المبادلات التجارية بين البلدين الا أن الإمكانيات الاقتصادية الكاملة للاتفاقية لم تتحقق بالكامل حيث ارتفع العجز التجاري في الرباط من أقل من مليار دولار في عام 2006 الى حوالي 1.8 مليارات دولار بحلول 2023.

وأضاف المصدر ذاته أن المملكة شهدت، خلال العقدين الماضيين، نموا اقتصاديا ملحوظا فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 63 مليار دولار في عام 2005 إلى ما يقرب من 131 مليار دولار في عام 2022، مؤكّدا أن النمو غير مرتبط باتفاقية التبادل التجاري بل ساهمت فيه عوامل مناخية مثل هطول كميات هامة من الأمطار التي غذت القطاع الزراعي لسنوات، إضافة الى استغلال عدد من المستثمرين للموقع الجغرافي للبلاد لتقريب سلاسل الإمداد العالمية خلال جائحة كوفيد - 19 والسياسات الحكومية المتعلقة بالاستثمار والمشاريع الأساسية للبينة التحتية مثل خط القطار فائق السرعة.

وشهدت حصة الصادرات المغربية من الأسمدة الى الولايات المتحدة ارتفاعا من 7 بالمئة عام 2008 إلى 23 بالمئة عام 2021. كما عرفت حصة المنسوجات زيادة طفيفة بحيث انتقلت من 8 بالمئة إلى 12 بالمئة خلال الفترة ذاتها. وبقي هذا النمو معتدلا رغم حصول المملكة على تنازلات كبيرة خلال مفاوضات (MAFTA).

وقدم تقرير معهد واشنطن خطة عمل للبلدين من أجل إعطاء انطلاقة جديدة للاتفاقية، حيث أوصى بتحفيز الاستثمار في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية للوصول إلى الأسواق الأميركية، مشيرا الى أن قانون خفض التضخم الأميركي لعام 2022 يشجّع المستثمرين على تمويل الصناعات التي تقلل من الكربون خاصة مع البلدان التي وقّعت اتفاقيات تجارة حرة ثنائية.

وأكّد على ضرورة أن تدفع الاتفاقية الرباط نحو إجراء الإصلاحات الداخلية التي من شأنها أن تفتح أسواقها أكثر وترفع من نموها الاقتصادي، لافتا الى أن منظمة التجارة العالمية كانت قد أشادت عام 2016 بالمملكة نظير الإجراءات العديدة التي اتخذتها لتحسين نظامها التجاري بما في ذلك تنفيذها لخطة المغرب الأخضر الهادفة إلى تقليل العجز التجاري مع تعزيز التنمية المستدامة.

وساهم التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة في جذب بعض الاستثمارات الأميركية حيث تنشط حالياً في المغرب حوالي 150 شركة أميركية.

وحققت صادرات المنتجات الغذائية والسمكية المغربية إلى واشنطن 4.3 مليارات درهم مغربي (نحو 440 مليون دولار) خلال عام 2023. وتعتبر الأخيرة الوجهة الأولى لصادرات الحوامض المغربية إذ بلغت قيمتها 1.3 مليار درهم (نحو 133 مليار دولار) في عام 2023 متجاوزة بذلك كندا وفرنسا وهولندا وروسيا.