
اسرائيل تغتال 10 من كبار قادة قوة الرضوان في حزب الله
بيروت - قُتل إبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان، وحدات النخبة في حزب الله، إلى جانب قادة كبار آخرين اليوم الجمعة في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وفق ما أكده مصدر مقرب من الحزب، في ضربة موجعة للجماعة اللبنانية التي خسرت خلال الاشتباكات الدائرة أبرز قياداتها العسكرية، بينما يأتي هذا التطور وسط مخاوف من توسع الصراع بعد تهديد الحزب المدعوم من إيران بردّ عسير على تفجيرات أجهزة الاتصال التي أسفرت عن عشرات القتلى وخلفت آلاف المصابين.
وأوضح الجيش الإسرائيلي في بيان "في وقت سابق اليوم أغارت طائرات حربية بشكل دقيق في منطقة بيروت وبتوجيه استخباري لهيئة الاستخبارات العسكرية وقضت على المدعو إبراهيم عقيل رئيس منظومة العمليات في حزب الله والقائد الفعلي لقوة الرضوان في حزب الله"، مضيفا "في الغارة تمّ القضاء مع عقيل على قادة كبار في قيادة منظومة العمليات وقوة الرضوان".
وقال متحدث باسم الجيش مع "إبراهيم عقيل تمت تصفية نحو عشرة مسؤولين من قوة الرضوان التابعة لحزب الله".
وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن عقيل والقادة الآخرين الذين قتلوا في غارة الجمعة "كانوا يخططون لهجوم على شمال إسرائيل وينوون التسلل إلى المجتمعات الإسرائيلية وقتل المدنيين الأبرياء".
وأعلن حزب الله عن تنفيذ العديد من الهجمات على أهداف إسرائيلية بصواريخ كاتيوشا، فيما ينذر هذا التصعيد غير المسبوق باندلاع الحرب بين الطرفين، خاصة بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي عن نقل قواته إلى الشمال.
وقتل 14 شخصا على الأقل وأصيب 59 آخرون جراء الغارة الاسرائيلية التي استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحة اللبنانية.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية أن المبنى المستهدف المكون من 10 طوابق أُصيب بـ4 صواريخ، لافتة إلى الغارة تسببت كذلك بانهيار مبان أخرى مجاورة.
ويعد عقيل المطلوب من واشنطن الرجل العسكري الثاني في حزب الله بعد فؤاد شكر، الذي قتل في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية في 30 يوليو/تموز.
واغتالت إسرائيل خلال الآونة الأخيرة العديد من قيادات حزب الله من بينهم وسام الطويل القائد البارز في قوة الرضوان وحسين برجي قائد وحدة الطائرات المسيرة وطالب عبدالله المعروف أيضا باسم الحاج "أبوطالب" الذي كان يتولى قيادة "وحدة النصر" على الجبهة.
وأكد مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق أن الجيش تمكن من تصيفة نحو نصف عدد القادة العسكريين في حزب الله وهو ما نفته الجماعة اللبنانية.
وقالت هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية 'راديو كان' اليوم الجمعة إن نحو 150 صاروخا أطلقت من لبنان عبر الحدود.
وأعلنت جماعة حزب الله اللبنانية اليوم الجمعة أنها شنت سبع هجمات منفصلة على أهداف إسرائيلية بصواريخ كاتيوشا.
وذكرت مصادر أمنية في لبنان وقناة "المنار" التابعة لحزب الله أن ضربات إسرائيلية استهدفت اليوم الجمعة ثلاث قرى على الأقل في جنوب لبنان. وأظهرت لقطات بثتها القناة تصاعد سحابة دخان من موقع أحد الهجمات.
وقال حزب الله في سلسلة بيانات منفصلة على منصة تلغرام إنه "قصف المقر المستحدث للفرقة 91 في اييليت هشاحر ومقر قيادة فرقة الجولان 210 في نفح، بصليات من صواريخ الكاتيوشا".
وأضاف "كما قصفنا مقر قيادة الجمع الحربي لفرقة الجولان في ثكنة يردن ومقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف، بصليات من صواريخ الكاتيوشا".
ولفت إلى أنه استهدف "مقر قيادة لواء المدرعات 188 التابع للفرقة 36 في ثكنة العليقة ومقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا، بصليات من صواريخ الكاتيوشا".

وحثت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) اليوم الجمعة على خفض التصعيد على الفور بعد زيادة كبيرة في الأعمال القتالية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية اليوم الجمعة إثر أعنف ضربات جوية إسرائيلية فيما يقرب من عام من الاشتباكات مع جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
وقالت اليونيفيل صباح اليوم الجمعة إن الساعات الاثنتي عشرة الماضية شهدت تصاعدا كبيرا في الأعمال القتالية عبر الخط الأزرق وفي جميع أنحاء منطقة عملياتها.
وقال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي "يساورنا القلق من التصعيد المتزايد عبر الخط الأزرق ونحث جميع الأطراف المعنية على خفض التصعيد على الفور". ويشير الخط الأزرق إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أنه ليس لديه علم بما إذا كانت إسرائيل قد أخطرت الولايات المتحدة قبل تنفيذ ضربات في بيروت اليوم الجمعة، مطالبا الأميركيين بشدة بتجنب السفر إلى لبنان أو مغادرته إذا كانوا هناك بالفعل.
وأضاف كيربي في حديثه للصحفيين أنه لا يستطيع التعليق على أحدث موجة من الضربات لكنه أكد مجددا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسعى إلى تجنب التصعيد في المنطقة.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم الجمعة إن استهداف إسرائيل مرة أخرى للضاحية الجنوبية لبيروت، يثبت مجددا أنها "لا تقيم وزنا لأي اعتبار إنساني وقانوني وأخلاقي"، واعتبر أنها "ماضية في ما يشبه الإبادة الجماعية".
وأضاف ميقاتي أن "العدو الإسرائيلي ماض في ما يشبه الإبادة الجماعية، وقد شهدنا أبشع صورها في العدوان الذي حصل يومي الثلاثاء والأربعاء وحصد عشرات الشهداء وآلاف الجرحى".
وأكد أن "هذا العدوان الجديد جاء برسم الضمير العالمي والمجتمع الدولي الساكت عن انتهاك الحق الإنساني والعدالة والقوانين".
وفي سياق متصل قال مصدران أمنيان إن حزب الله اللبنانية سلم عناصره أجهزة بيجر جديدة تحمل علامة "غولد أبوللو" قبل ساعات من تفجير الآلاف منها في هجمات هذا الأسبوع، مما يشير إلى أن الجماعة كانت على ثقة من أن الأجهزة آمنة على الرغم من عمليات التفتيش المستمرة للمعدات الإلكترونية لرصد التهديدات.
وقال أحد المصدرين إن أحد أعضاء الجماعة المتحالفة مع إيران حصل على جهاز بيجر جديد يوم الاثنين وانفجر في اليوم التالي وهو لا يزال في علبته.
وقال المصدر الثاني إن جهاز بيجر تسلمه عضو كبير قبل أيام قليلة أدى إلى إصابة أحد مرؤوسيه عندما انفجر.
ويوم الأربعاء، انفجرت مئات من أجهزة لاسلكية أخرى (ووكي توكي) وتسببت الانفجارات في مقتل 37 من بينهم طفلان على الأقل وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف.
وقال مصدر لبناني مطلع على مكونات أجهزة "ووكي توكي" التي تستخدمها جماعة حزب الله وانفجرت هذا الأسبوع إن بطارياتها كانت ممزوجة بمركب بي.إي.تي.إن شديد الانفجار. وذكر المصدر أن الطريقة التي تم بها زرع المادة المتفجرة في البطارية جعلت من الصعب للغاية اكتشافها.
وتقول مصادر أمنية لبنانية وفي حزب الله وفي الغرب إن إسرائيل هي المسؤولة عن الهجمات. ولم تنف الدولة العبرية أو تؤكد ضلوعها في الأمر وكثفت أيضا الضربات الجوية على لبنان.
وقال أحد المصادر الأمنية إن الفحوص لم تكن بسبب شكوك معينة في أجهزة البيجر تلك لكنها كانت في إطار مسح روتيني للمعدات بما في ذلك أجهزة الاتصال لرصد أي مؤشرات على وجود متفجرات أو آليات تجسس.
ووقوع تلك الهجمات وتوزيع الأجهزة رغم الفحص الروتيني عليها للتحقق من عدم اختراقها هز سمعة حزب الله كأكثر الجماعات قوة في "محور المقاومة" الذي تدعمه إيران والمؤلف من عدة جماعات مناهضة لإسرائيل في أنحاء الشرق الأوسط.
وفي خطاب بثه التلفزيون الخميس، قال حسن نصر الله الأمين العام للجماعة إن الهجمات "ضربة كبيرة وغير مسبوقة" في تاريخها.
وقال اثنان من المصادر الأمنية ومصدر استخباراتي إن حزب الله شك في أن المزيد من الأجهزة ربما تعرضت للاختراق بعد انفجار أجهزة البيجر يوم الثلاثاء.
وأضاف المصدران أن الجماعة في المقابل كثفت عمليات مسح أنظمة الاتصالات لديها وفحصت كل الأجهزة بدقة. كما بدأت التحقق من سلاسل التوريد، لكنها لم تكن قد انتهت من الفحص حتى ظهر يوم الأربعاء عندما انفجرت أجهزة الـ"ووكي توكي".

وقال أحد المصادر إن حزب الله يعتقد أن إسرائيل اختارت تفجير الأجهزة لأنها كانت تخشى من أن يكتشف حزب الله أنها مفخخة.
وأضافت ثلاثة من المصادر أن تحقيقات حزب الله جارية لمعرفة مكان وتوقيت وطريقة تفخيخ الأجهزة. وقال نصر الله نفس الشيء في خطابه الخميس.
وذكر أحد المصادر الأمنية أن حزب الله أحبط عمليات إسرائيلية سابقة استهدفت أجهزة تستوردها الجماعة من الخارج، بدءا من هواتفها الأرضية الخاصة وحتى وحدات التهوية في مكاتبها، ويشمل ذلك اختراقات مشتبها بها في العام الماضي.
وقال المصدر "تمكنا من اكتشاف عدة أمور إلكترونية، لكن ليس أجهزة البيجر... لقد خدعونا، نرفع القبعة للعدو".
منذ بدء التصعيد على الحدود مع اسرائيل، اعتاد ايلي رميح سماع دوي القصف في بلدته في جنوب لبنان، لكنه يقول إنه عاش رعبا غير مسبوق ليل الخميس، عندما ضرب الجيش الإسرائيلي بشكل متزامن مئات الأهداف التابعة لحزب الله.
ويوضح رميح (45 عاما) وهو صاحب متجر ألبسة في بلدة مرجعيون، القريبة من الحدود مع إسرائيل، "كنا في المنزل وخلد الأطفال إلى النوم. كان كل شيء عاديا الى أن بدأت الغارات ليلا"، مضيفا "أحصيت أكثر من خمسين غارة وكدت أن أفقد صوابي"، مضيفا "كان المشهد مرعبا ولا يشبه ما عشناه منذ بدء التصعيد. أصوات لم نسمع لها مثيلا".
وأظهرت صور ومقاطع فيديو التقطها مراسلو فرانس برس في مناطق عدة في جنوب لبنان ليل الخميس كتل نار ضخمة اندلعت بعد غارات جوية كثيفة طالت محيط بلدات عدة وأحدثت دويا هائلا تردد صداه في المناطق الحدودية وتلك المجاورة لها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان شنّ غارات جوية على المئات من منصات إطلاق الصواريخ" التابعة لحزب الله، قال إنها كانت مجهزة للإطلاق باتجاه إسرائيل، إضافة إلى "نحو 100 قاذفة ومواقع بنى تحتية إضافية للإرهاب".
ويصف رميح حالة الهلع التي اعترته بعد عشرات الغارات المتلاحقة التي أحدثت دويا هائلا عصف بأرجاء منزله الواقع على تلة مشرفة على نقاط طالها القصف ويقول "حملت أطفالي وتوجهنا الى منزل أحد أصدقائنا داخل البلدة ... كنا في حالة رعب وخوف".
وعلى غرار كثر من سكان جنوب لبنان، المقيمين في مناطق قريبة من الحدود لكنها بقيت بمنأى إلى حد كبير عن الضربات الإسرائيلية، يعيش رميح منذ 11 شهرا على إيقاع التصعيد المستمر بين حزب الله واسرائيل.
ويقول بيأس يغلب على نبرة صوته "بتنا نعيش في قلق دائم، سواء قبل تفجير أجهزة الاتصال أو بعدها. نعيش خوفا من توسع الحرب، لا نعرف إلى أين سنذهب وبات الأمل بعيدا جدا عنا في لبنان".
ومنذ بدء الحرب في غزة، يستهدف حزب الله مواقع عسكرية وتجمعات جنود اسرائيليين. ويقول إن هجماته تأتي "إسنادا" لحليفته حركة حماس. وترد اسرائيل بقصف ما تصفه بأهداف وبنى عسكرية تابعة للحزب.
للوهلة الأولى، ظنّت نهى عبدو (62 سنة)، ربة المنزل المقيمة مع عائلتها في مرجعيون، أن وتيرة الغارات الكثيفة مقدمة لاتساع نطاق التصعيد، قائلة "لم نعرف ماذا يحصل، كنا نسمع صوت الطيران وإطلاق الصواريخ من دون توقف".
وتشرح "خفت كثيرا، خصوصا على أحفادي. كنا ننقلهم من غرفة إلى أخرى" قبل أن تضيف بتأثر ارتسم على ملامح وجهها "الحرب مخيفة".
وفي بلدة زوطر الشرقية، الواقعة على بعد أقل من عشرة كيلومترات عن أقرب نقطة حدودية مع اسرائيل، يروي سكان تفاصيل الليلة "المرعبة" بعدما استهدفت اسرائيل مواقع عدة قريبة بالغارات.
وتوضح زينة حرب (30 عاماً) المدرّسة التي لم تترك بلدتها منذ بدء التصعيد رغم قربها من مناطق الاشتباك "كانت الغارات غريبة لناحية الكثافة والألوان أو الدخان" الذي انبعث منها وغطى أجواء المنطقة بأكملها.
وتقول "حاولنا أن نستجمع قوتنا ونصبر ونتحمل هذه العاصفة من القصف والرعب" منذ 11 شهرا، وشهدت زينة حرب موجات عدة من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
وتوضح "نحاول أن نحافظ على أعصابنا رغم القلق الكبير الذي عشناه مع توارد الأخبار والتحذير من انفجار الهواتف وتداول الشائعات، الذي خلق لدينا حالة من الهلع، فاقمها القصف الهمجي ليلا".
وبعدما صمتت لبرهة، أضافة قائلة "أتمنى ألا تتوسع الحرب وأن تنتهي بأسرع وقت، رغم قلقنا الدائم من أن تتدحرج الأمور وتخرج عن السيطرة".