تشكيل حكومة يمينية في فرنسا لا يوحي بإنهاء الأزمة
باريس - أعلن الأمين العام للرئاسة الفرنسية أليكسي كولر اليوم السبت تشكيل حكومة جديدة، وذلك على أمل إنهاء حالة الغموض السياسي المستمرة منذ شهرين ونصف الشهر بعد انتخابات مبكرة غير حاسمة أسفرت عن برلمان معلق، بينما أثارت التشكيلة التي وصفت بـ"اليمينية" غضب اليسار واليمين المتطرفين.
وقال كولر إن أنطوان أرمان أصبح وزيرا للمالية وتولى جان نويل بارو منصب وزير الخارجية والمحافظ الراديكالي برونو روتايو حقيبة الداخلية، فيما تولى سيباستيان لوكورنو، حليف الرئيس إيمانويل ماكرون، مجددا حقيبة الجيوش كما احتفظت رشيدة داتي، وهي شخصية مثيرة للجدل، بحقيبة الثقافة وستعقد الحكومة أول اجتماعاتها عصر الإثنين في الإليزيه.
ويبدو التوجّه اليميني طاغيا في الحكومة والممثل الوحيد لليسار فيها هو وزير العدل ديدييه ميغو وهو اشتراكي سابق مغمور كان انسحب من الحياة السياسية.
وانتقد زعيما اليسار المتطرف واليمين المتطرف في فرنسا الحكومة اليمينية لرئيس الوزراء ميشال بارنييه ودعا زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري جان - لوك ميلانشون إلى "التخلص منها في أسرع وقت ممكن"، بينما اعتبر زعيم "التجمع الوطني" اليميني جوردان بارديلا أنها "تؤشر إلى عودة الماكرونية، نسبة للرئيس إيمانويل ماكرون ولا مستقبل لها".
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تكليف كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي السابق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلن الوفد المرافق له مساء الجمعة أن التشكيلة النهائية للحكومة أُرسلت إلى قصر الإليزيه.
لكن بعض الأسماء التي أعلنت سابقا أثارت القلق في أوساط الغالبية الرئاسية، وندد بها اليسار ومنهم ثلاثة وزراء منتمين لليمين، بينهم برونو روتايو زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذي تولى حقيبة الداخلية والسيناتورة لورانس غارنييه عن حزب الليبراليين التي اختيرت لوزارة العائلة.
ويعتزم ريتايو المنتمي لليمين الليبرالي المحافظ والمدافع الشرس عن النظام والسلطة والحزم، اتّباع سياسة صارمة بشأن الهجرة، وهو ملف يثير قلق الفرنسيين ويشعل بانتظام سجالات سياسية، بينما عُرفت غارنييه بمواقفها المناهضة لزواج المثليين وللإجهاض الاختياري.
وفي مواجهة التردد وباسم "المصلحة الجماعية"، دعا ماكرون حلفاءه إلى "مساعدة" رئيس الوزراء في تشكيل حكومته.
وحض النائب السابق الوسطي جان لويس بورلانج "أصدقاءه" عبر موقع "إكس" على "تخطي تحفظاتهم لأن الوضع السياسي والمالي والدولي للبلاد خطير جدا"، فيما بدت أصوات أخرى داخل المعسكر الرئاسي غير مقتنعة أيضا بهذه الحكومة.
وأعرب أحد زعماء الغالبية السابقة عن أسفه لعدم توضيح "أي غموض" بشأن السياسة التي سيتبعها ميشال بارنييه، معتبرا أن "لا شيء واضحا فيما يتعلق بالهجرة والضرائب والأخلاقيات البيولوجية"، بما يشمل الممارسات الطبية وكل ما له صلة بالممارسات البشرية والتكنولوجيا الحيوية.
وأفاد عدد من المشاركين في اجتماع زعماء أحزاب تنضوي في الحكومة أن بارنييه أكد أنه لن يزيد الضرائب على الطبقات الوسطى.
وأشاد رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة نواب معسكر ماكرون غابريال أتال بهذا القرار بعدما هدد نواب الكتلة بعدم المشاركة في حكومة تخطط لزيادة الضرائب.
وأعلن بارنييه في بيان سابق أنه يرغب في "تحسين الخدمات العامة وخصوصا المدارس والصحة وضمان الأمن وتنظيم الهجرة وتعزيز الاندماج".
وأكد المكتب أن بارنييه يعتزم "تشجيع الشركات والمزارعين وتعزيز الجاذبية الاقتصادية لفرنسا وضبط المال العام".
وأوضح رئيس الوزراء الأربعاء أن الوضع المالي في البلاد "خطير جدا" ويصل دين فرنسا إلى 110 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويقدر العجز العام بنحو 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يحدد ميثاق الاستقرار الأوروبي سقف هذا العجز عند 3 في المئة، والدين عند 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو.
وعبّر اليسار الذي تمثله أكبر كتلة في الجمعية الوطنية عن غضبه من الحكومة التي تضم شخصيات يمينية.
وتظاهر آلاف الأشخاص اليوم السبت في شوارع باريس للتنديد بـ"حكومة ماكرون - بارنييه"، بدعوة من حزب الخضر واليسار الراديكالي (حزب فرنسا الأبية) وجمعيات ومنظمات طلابية وبيئية ونسوية.
وقالت رئيسة كتلة الحزب في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو "إنها مسألة كرامة شعب بأكمله، بعد انتخابات نكرها وسرقها الرئيس".
وكتبت المنظمات في دعوتها إلى التظاهرات أن ميشال بارنييه "رئيس وزراء يميني متشدد ومعاد للمجتمع ومعاد للمهاجرين وله ماض معاد للمثليين ولن يتمكن من الحكم إلا باتفاق دائم مع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن".