قطاع التعليم في اليمن يئن تحت وطأة نقص الكتب والمعلمين
عدن - رغم مرور ثلاثة أسابيع على بدء العام الدراسي الجديد في مدينة عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في جنوب وشرق البلاد، لم يتمكن كثير من الطلاب من الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية وما تعانيه المدارس من نقص في الكتب والمعلمين.
ورغم أن التعليم الحكومي مجاني في اليمن، يواجه علي عمر صالح (50 عاما) وهو موظف حكومي في عدن، ظروفا اقتصادية ومالية خانقة جعلته عاجزا عن توفير المتطلبات المدرسية لأولاده الثلاثة.
وقال صالح بنبرة غضب لرويترز "مش قادرين نوفر أكل يومنا بثلاث وجبات، فكيف نقدر نوفر مصاريف المدارس وتكاليف مستلزماتها المتعددة لثلاثة من أولادي".
وأضاف "مع موجة الغلاء الحاد لم نتمكن من توفير أي شيء، ولهذا اضطرينا لإجبار أولادنا على ارتداء ملابس العام الماضي ومسايرة الوضع بما هو متوفر، ماذا نعمل ليس أمامنا خيار آخر".
ووفقا للتقديرات الرسمية هناك أكثر من 2.5 مليون طالب وطالبة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في جنوب وشرق البلاد.
وأكد عبدالله عبده حسن (44 عاما) الذي يملك مغسلة للملابس في عدن أنه اضطر هذا العام إلى إبقاء ولديه (15 و17 عاما) للعمل معه في محله الذي هو مصدر دخل أسرته المكونة من تسعة أشخاص، بدلا من الذهاب للمدرسة في ظل ما يعتبره "عدم جدوى التعليم".
وتواجه الحكومة صعوبات في إنجاح العملية التعليمية هذا العام مع وجود نقص كبير في المدرسين نتيجة "إحالة الكثير منهم إلى التقاعد وعدم إحلال بدلا عنهم، لسد فجوة غياب الكادر التعليمي، الذي تشهده معظم المدارس"، وفق ما قاله محمد علي لملس وكيل وزارة التربية والتعليم في عدن.
وأشار إلى نقص الكتب المدرسية والتجهيزات الفنية المتصلة بالدراسة "علاوة على أن كثيرا من المدارس مدمرة بسبب الصراع، وكذلك انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما يؤثر على الطلاب وتحصيلهم العلمي".
وبحسب تقارير للأمم المتحدة، فإن الأزمة الاقتصادية باليمن رفعت معدل التضخم إلى نحو 45 في المئة والفقر إلى نحو 78 في المئة كما وصلت البطالة بين الشباب إلى 60 في المئة تقريبا.
ويرى ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن بيتر هوكينز أن وجود 4.5 مليون طفل خارج المدرسة في اليمن بمثابة "قنبلة موقوتة"، محذرا من أن ذلك يعني أنه "في غضون ما بين خمس وعشر سنوات، ربما يكون الجيل القادم أميا، وربما لا يعرف الحساب، ولديه القليل جدا من المهارات الحياتية".
وتقول أم أحمد (45 عاما) وهي موظفة حكومية في عدن "هذا العام صدمت بأسعار القرطاسية والمستلزمات الدراسية، لأبنائي الأربعة، وجميعهم في سن الدراسة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كل الأشياء سعرها مرتفع مقارنة بالعام الماضي".
وتصف أم محمود (50 عاما) الأرملة المقيمة في عدن ولديها ثلاثة أولاد أسعار المستلزمات الدراسية بأنها "موجعة… ارتفعت أسعار الدفاتر بأكثر من 200 في المئة عن الأعوام السابقة".
وشدد الباحث المتخصص بالشؤون الاقتصادية والمالية وحيد الفودعي لرويترز على أن "تكاليف المستلزمات الدراسية تشكل عبئا إضافيا على الأسر اليمنية في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية وقلة مصادر الدخل".
وحذر من أن حرمان الأطفال من التعليم بسبب عدم قدرة الآباء على تلبية متطلباتهم "لا يعني فقط فقدانهم فرصة اكتساب المعرفة، بل يعرضهم أيضا لخطر الانخراط في سوق العمل المبكر أو حتى في النزاعات المسلحة".