تعديل مفاجئ في المناهج التعليمية يربك آلاف المدرسين في مصر

الحكومة المصرية تتعهّد بمحاربة الدروس الخصوصية باعتبارها واحدة من أكبر التحديات.

القاهرة – أحدث إلغاء بعض المواد الدراسية من مناهج مرحلة التعليم الثانوي في مصر، واستبعاد البعض الآخر من المجموع الكلي إرباكا لدى آلاف المدرسين الذين باتوا متخوفين من فقدان مورد رزق إضافي.

وكشف قرار مفاجئ لوزير التربية والتعليم المصري محمد عبداللطيف عن ضغوط يتعرض لها نظام التعليم في البلاد ومعاناته من نقص الموارد والمنافسة الشديدة.

ويؤثر قرار حذف إضافة اللغة الأجنبية الثانية للمجموع الكلي للدرجات اللازم للقبول بالجامعات وإلغاء مواد الجيولوجيا وعلم النفس والفلسفة على مئات آلاف الطلاب الذين يكافح كثير منهم لتعديل خططهم لاستكمال تعليمهم وإيجاد فرصة عمل.

وسيُكلَف عشرات آلاف المعلمين ممن أُلغي احتساب المواد التي يدرسونها ضمن مجموع الدرجات الكلي بمهام أخرى وقد يجدون صعوبات في تعويض الدخل الإضافي الذي كانوا يتحصلون عليه من الدروس الخصوصية.

ومن بين هؤلاء المعلمين معلم اللغة الفرنسية حسين أبوالعينين الذي يدرس لطلاب المرحلة الثانوية منذ 40 عاما. وبما أن اللغة الأجنبية الثانية تصبح مادة نجاح ورسوب فقط دون أن تضاف للمجموع، وفقا للقرارات الجديدة، فلن يتلقى الطلاب دروسا خصوصية فيها مما سيؤثر على دخل بعض المدرسين.

واضطر مدرس الفرنسية إلى الاستغناء عن عدد من مساعديه في مراكز الدروس الخصوصية التي يرتادها. وأردف قائلا "المشكلة أن المدرسين المساعدين من المتخرجين حديثا، لكنهم مهددين بالبطالة، فهم لم يتم تعيينهم أو توظيفهم. ويمثل العمل في مراكزالدروس الخصوصية مورد رزق لهم".

ولم يبق لأبوالعينين سوى راتبه الشهري الذي تدفعه الحكومة ويقول إنه لا يكفي لعيش "حياة كريمة"، مضيفا " المدرس الذي كان يشتغل في هذه المراكز خسر ما يقارب 80 بالمئة". ويقول " لو كان مرتبي يوفر لي هذه الحياة كنت تخليت عن الشغل في آخر النهار والليل وبقيت مع أولادي وأحفادي"، متابعا "أريد أن أعيش"

وتعهدت الحكومة المصرية بمحاربة الدروس الخصوصية التي تعتبرها واحدة من أكبر تحديات نظام التعليم في البلاد، لكن المنتقدين يقولون إن تدني أجور المعلمين وتدهور المناهج التعليمة أدى إلى نفور الطلاب من المدارس الحكومية.

وقال مصطفى راضي مدير مركز للدروس الخصوصية "دائما ما نتفاجأ في بداية الأمر من القرارات الوزارية" مضيفا " نحن لا ننتبه ونكون غير مدركين هل هذا القرار  صائبا أو لا". وأرف "أسعار محاضرة الثانوية العامة  بخمسين جنيه ( دولار)  في المركزر فكم ستكون في الخاص؟ لا أكيد سيكون أعلى و مايعادل أربع أضعاف ايضا".

وأوضح محمد عبداللطيف خلال مؤتمر صحفي في أغسطس/آب إن القرارات الجديدة هدفها رفع العبء عن كاهل الطلاب وأولياء الأمور من خلال تقليل عدد المواد التي تحتسب في مجموع درجات امتحانات الثانوية العامة. وأضاف أن تقليل المواد أو دمج بعضها سيساعد المعلمين على إدارة وقتهم بشكل أفضل، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تطوير قطاع التعليم.

وقال فريدي البياضي النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي إن "الاعتراض الأساسي كان على طريقة التطوير وتوقيت التطويرأو ما سُمي تطوير، هل هو فعلا تطوير أو لا؟" موضحا "ما أعلنته الحكومة إنه الأمر ده كان دراسة اتعملت من خبراء وحصل حوار مجتمعي بشأنها والتساؤل كان ده اللي أنا قدمته رسمي في البرلمان للسيد رئيس الوزراء والسيد وزير التربية والتعليم إنه يعني امتى حصل هذا الحوار؟"

 وتابع البياضي "الوزير يقول إنه كان هناك حوار لكن لا ندري متى ومع من؟ ولم نسمع عنه. كان يجب أن يكون هناك شفافية. وأرف "إذا أجري الحوار بعيد عن البرلمان ولجانه المتخصصة وهو ما يبيحه الدستور للوزارة بأخذ قرارات طالما أنها ليست قوانين، لكن جرى العرف والمنطقي إن هناك لجان متخصصة في البرلمان تضم نواب يمثلون الشعب، وبالتالي كان لا بد إنه يكون التشاور داخل هذه اللجان المتخصصة ومنها لجنة التعليم التي  لم يتم مشاركتها القرار".

ويرى منتقدون إن القرارات هدفها الحد من الإنفاق الحكومي على التعليم. وبحسب مركز الحلول السياسية البديلة بالجامعة الأميركية في القاهرة، زاد الإنفاق المالي الحكومي على قطاع التعليم مع ارتفاع التضخم لكنه انخفض بنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقا لوزارة المالية والموازنة الحكومية المعتمدة، بلغ إجمالي الإنفاق المالي بـ1.9 بالمئة حتى عام 2023-2024 بعد أن كان 2.1 بالمئة في العام السابق. ويُلزم الدستور الحكومة بإنفاق إجمالي أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم العام.

ولفت محمد سيد الباحث في وحدة الحق في التعليم بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية "هو بشكل خاص لدينا مشكلة في الإنفاق على التعليم في مصر، الذي تراجع خلال العشر السنوات الأخيرة، ففي 2015 و2016 كانت النسبة 2.8 بالمئة ووصلت في آخر موازنة إلى 1.72 في المئة"، مضيفا "كان أمامنا فرصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفي 2017 كان من المفروض أن نكون قد حققنا الحد الأدنى المنصوص عليه في الدستور لكن الحكومة تتحيل كل سنة على هذه النسب".