هل تفكّك واشنطن امبراطورية غوغل؟
واشنطن - تعكف وزارة العدل الأميركية على دراسة سيناريوهات بينها خيار تفكيك غوغل بعد إعلان محرك البحث الذي تمتلكه الشركة "محتكراً غير قانوني"، لكن هذه الطريقة ليست سوى واحدة من بين العديد من الحلول الممكنة قيد المراجعة، وفقاً لملف قضائي.
في أوراق المحكمة التي تم تقديمها بوقت متأخر من الثلاثاء، حدد محامو الحكومة سلسلة من الحلول المحتملة التي قد تسعى إليها، بما في ذلك القيود المفروضة على كيفية قيام الذكاء الاصطناعي لشركة غوغل باستخراج مواقع الويب الأخرى لتقديم نتائج البحث، ومنعها من دفع مليارات الدولارات سنوياً لشركات مثل أبل لضمان أن يكون غوغل محرك البحث الأساسي المقدم للمستهلكين على أجهزة مثل آيفون.
ويُعد طلب الثلاثاء الخطوة الأولى في عملية قانونية تستغرق شهوراً للتوصل إلى حلول يمكن أن تعيد تشكيل شركة كانت مرادفة منذ فترة طويلة لتعبير "البحث عبر الإنترنت".
كتب القائمون على إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار في الملف: "لأكثر من عقد من الزمان، سيطرت (غوغل) على قنوات التوزيع الأكثر شعبية، مما ترك المنافسين مع حافز ضئيل أو معدوم للتنافس على المستخدمين. إن معالجة هذه الأضرار بشكل كامل لا تتطلب إنهاء سيطرة (غوغل) على التوزيع اليوم فحسب، بل تتطلب أيضاً ضمان عدم قدرة الشركة على التحكم في العملية بالمستقبل".
وذكر موقع "ستات كاونتر" أن غوغل تسيطر على 90 في المئة من السوق العالمية للبحث عبر الإنترنت، فيما تصل هذه النسبة إلى 94 في المئة عبر الهواتف الذكية.
وفي أغسطس/آب، أصدر قاضي المحكمة الجزئية الأميركية، أميت ميهتا، حكماً يقضي بأن غوغل تستغل بشكل غير قانوني هيمنة محرك البحث الخاص بها لقمع المنافسة وخنق الإبداع. وقد حدد جدولاً زمنياً للمحاكمة ومناقشة الحلول المقترحة في الربيع المقبل ويخطط لإصدار قرار بحلول أغسطس 2025.
90 في المئة من السوق العالمية للبحث
وستجري وزارة العدل تحقيقاً خلال الأسابيع المقبلة وتطرح اقتراحاً أكثر تفصيلاً في الشهر المقبل.
وقالت لي آن مولولاند، نائبة رئيس الشؤون التنظيمية في غوغل، رداً على الدعوى، إن وزارة العدل "تشير بالفعل إلى طلبات تتجاوز بكثير القضايا القانونية المحددة... قد تكون لتجاوز الحكومة صلاحياتها في صناعة سريعة الحركة عواقب سلبية غير مقصودة على الإبداع الأميركي ومستهلكي أميركا".
وقالت شركة غوغل بالفعل إنها تخطط لاستئناف حكم ميهتا. ويتوقع جورج هاي، أستاذ القانون في جامعة كورنيل، الذي كان كبير خبراء الاقتصاد في قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل معظم السبعينات، أن تستغرق عملية الاستئناف ما يصل إلى خمس سنوات.
خلال محاكمة مطولة في واشنطن، ركز كثير من الأدلة على الصفقات التي أبرمتها غوغل مع شركات التكنولوجيا الأخرى لضمان أن يكون محرك البحث الخاص بها هو الوسيلة الأساسية لدى المستهلكين. في عام 2021 وحده، أنفقت الشركة أكثر من 26 مليار دولار لتأمين تلك الاتفاقيات، وفقاً لشهادة المحاكمة.
نتيجة لذلك، ركزت أغلب التكهنات حول الحلول المحتملة على ما إذا كان سيتم منع غوغل من إبرام مثل هذه الصفقات. وفي الملف المقدم يوم الثلاثاء، أشار المحامون إلى صفقات التوزيع هذه بعدّها "نقطة انطلاق لمعالجة السلوك غير القانوني للشركة".
وتقترح الحكومة الأميركية كذلك إمكان منع عملاق التكنولوجيا من استخدام المتصفح كروم ومتجر التطبيقات الخاص به غوغل بلاي ستور ونظام التشغيل للأجهزة النقالة أندرويد، لإعطاء محركه للبحث ميزة تفضيلية. ولفتت وزارة العدل إلى أن الحد من الترابط بين مختلف منتجات الشركة قد يمر عبر تغيير "هيكلي"، ملمحة بذلك إلى احتمال تقسيمها.
وردت "غوغل" في بيان نشرته على موقعها: "الفصل بين (كروم) و(أندرويد) سيدمرهما مع أمور كثيرة أخرى أيضاً". وأضافت أن فصلهما بطريقة قسرية "سيغير النموذج الاقتصادي وسيرفع كلفة الأجهزة وسيقضى على قدرة (أندرويد) و(غوغل بلاي) على المنافسة مع (آيفون) و(آب ستور)".
اما بالنسبة لتشارك محتمل لبيانات البحث والنتائج مع أطراف أخرى، فرأت الشركة ومقرها في ماونتن فيو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، أن ذلك "يطرح خطرا على حماية بياناتكم وسلامتكم".
ورأت غوغل أن توصيات الحكومة الأميركية "تتجاوز المسائل القانونية المطروحة في ملف" القضية.
وفي متصف العام 2000، هزّ قرار قضائي صناعة التكنولوجيا في عمقها، عندما أمر قاضي المقاطعة الأميركية توماس بنفيلد جاكسون بتقسيم شركة مايكروسوفت العملاقة إلى شركتين: واحدة تُعنى بتطوير أنظمة التشغيل (مثل ويندوز) والأخرى بتطوير التطبيقات (مثل أوفيس).
وأثار هذا القرار موجة من التساؤلات حول مستقبل صناعة التكنولوجيا، وأهمها كيف ستتعامل مايكروسوفت مع هذا الانقسام؟ وما هي تأثيرات ذلك على السوق والمنافسين؟
لكن سيناريو تقسيم مايكروسوفت لم يتحقق، وتم إلغاء الحكم بعد مرور ما يزيد قليلاً عن عام، ومع ذلك، فرضت عقوبات على مايكروسوفت لممارساتها الاحتكارية، مما أدى إلى بعض التغييرات في سلوكها.