النفط الليبي يدفع ثمن تحوله إلى ورقة ضغط بيد الأطراف المتصارعة
طرابلس - خلص تقرير نشره موقع "بيتروليوم إيكونومست" البريطاني إلى تراجع الثقة الدولية في قطاع النفط الليبي بسبب تواتر الإغلاقات التي أدت إلى شلل الإنتاج والتصدير في العديد من المناسبات، فيما يبدو أن القطاع الذي يشكل مصدرا رئيسيا لإيرادات البلاد يدفع ثمن تحوله إلى ورقة ضغط في يد الأطراف المتصارعة.
وأشار التقرير إلى انتشار حالة من عدم اليقين في صفوف الشركات الأجنبية التي تدير العديد من حقول النفط في ليبيا، وسط مخاوف من استدامة إنتاج وتصدير الخام في ظل الانقسامات السياسية واحتدام النزاع بين سلطة في الشرق وأخرى في الغرب.
وتتضاعف هذه المخاوف في وقت يشكك فيه مراقبون في جدوى الاتفاق الذي أنهى أزمة المصرف المركزي وأعاد الإنتاج إلى مستوياته السابقة.
وشهدت ليبيا خلال الصراع الذي نشب من أجل السيطرة على المصرف المركزي تراجعا حاد في إنتاج الطاقة بعد غلق الحقول والموانئ، بينما انخفضت صادرات النفط الشهر الماضي إلى نحو 400 ألف برميل يوميا من 1.02 مليون برميل يوميا.
ومنذ نحو أسبوعين أقر مجلس النواب الليبي تعيين ناجي محمد عيسى محافظا جديدا لمصرف ليبيا المركزي، بعدما تفاقمت الأزمة التي تسببت في إغلاق منشآت نفطية وأدت إلى خسائر مالية كبرى.
واندلعت الأزمة بعد أن أقال محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي ومقره طرابلس، محافظ المصرف المركي الليبي الصديق الكبير، في خطوة أثارت غضب فصائل الشرق التي أصدرت أوامرها بإيقاف الإنتاج النفطي في كامل البلاد.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الجمعة أن إنتاج النفط وصل إلى 1.3 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات و209405 ألف برميل مكافئ من الغاز، ما يشير إلى استعادة الطاقة الإنتاجية بعد الغلق.
وأشار التقرير البريطاني إلى أن "تعيين عيسى لن يساهم كثيرا في تهدئة التوترات بين الأطراف المتنافسة في شرق البلاد وغربها"، وعزى ذلك إلى أن "الحصار النفطي ممارسة متجذرة في البنية الحاكمة المعقدة في ليبيا، وهو ما يضمن حالة دائمة من انعدام الاستقرار".
وتابع "على الرغم من أن الحكومة في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة هي من تحظى بالاعتراف الدولي وبالتالي السيطرة على العائدات النفطية، فإن الحكومة في الشرق هي التي تسيطر على غالبية الإنتاج النفطي لهذا تعمل بشكل دوري على وقف الإنتاج، للاستفادة بحصة أكبر من العائدات".
وأشار إلى "ضعف الدبيبة، لكونه ليس منتخبا، بل جرى تعيينه من خلال مفاوضات وساطة قادتها الأمم المتحدة في نهاية العام 2020".
وشهد قطاع النفط في ليبيا خلال السنوات الماضية عدة إغلاقات للعديد من الحقول والموانئ، من قبل مجموعات مدنية وعسكرية تحت عناوين مختلفة، ومن بينها التقاسم العادل للإيرادات.
وأشارت تقارير دولية إلى أن القطاع تكبد خلال الأعوام الماضية خسائر مالية تقدر بنحو 100 مليار دولار بسبب حالة من الارتباك والأزمات المتوالية والسجالات المتكررة.
ولا تزال الأزمة الليبية تراوح مكانها بعد أن أخفقت جهود أممية في التوصل إلى حل لمعضلة الجمود السياسي، بينما يتّهم العديد من الليبيين الفرقاء بإفشال كافة المبادرات الهادفة إلى إخراج البلاد من متاهة المرحلة الانتقالية، باعتبارهم من أبرز المستفيدين من الوضع الحالي.
ولطالما دعا الليبيون إلى إبعاد قطاع النفط الذي يمثل الدخل الرئيسي للبلاد عن دائرة الصراعات السياسية والنزاع على السلطة، بينما لا تلوح في الأفق أي بوادر انفراج.
ويبلغ إنتاج ليبيا النفطي حاليا نحو 1.2 مليون برميل يوميا وتهدف إلى إنتاج 1.4 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام ومليوني برميل في العام 2025.