نواب يطرحون مشروع قانون يقلص صلاحيات المركزي التونسي
تونس - أظهر مشروع قانون عرضه نواب بالبرلمان التونسي مقترحا يجرد البنك المركزي من السلطة الحصرية لتعديل أسعار الفائدة وسياسة الصرف ويقضي بأنه يتعين عليه اتخاذ مثل هذا القرار فقط بالتوافق مع الحكومة، لكنه سيكون مطالبا بشراء سندات حكومية أو بتمويل مباشر لخزينة الدولة.
ومشروع القانون المقترح هو أحدث خطوة قد تمهد لتقويض استقلالية البنك المركزي الذي كان قد تعرض لانتقادات مستمرة وحادة من الرئيس قيس سعيد الذي قال مرارا إنه لن يسمح بأن يكون البنك دولة داخل الدولة.
ويأتي مشروع التغيير الجوهري في قانون البنك المركزي في الوقت الذي تواجه فيه تونس أزمة مالية حادة يقول خبراء إنها نتاج سنوات من سوء الإدارة واستشراء الفساد المالي والإداري خلال عهد حكومتي 'الترويكا' بقيادة حركة النهضة الإسلامية التي قادت البلاد بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وورث سعيد الذي فاز في انتخابات الرئاسة 2019 تركة ثقيلة من المشاكل خلال عهدته الأولى، تبدو مستمرة خلال عهدته الرئاسية الثانية وهي تحديات مطروحة منذ عزل منظومة الحكم السابقة وأطلق حملة لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد وأعلن حربا على اللوبيات والكارتلات التي يتهمها وشخصيات نافذة بنهب المال العام.
وحذر 27 نائبا من أن تونس ستفلس حتما إذا لم يتم تغيير قانون البنك المركزي. وقالوا إن القانون الحالي الذي تم إقراره في عام 2016 والذي لا يسمح للبنك المركزي بتمويل الخزينة العامة في شكل قروض أو شراء مباشر للسندات الحكومية، أدى إلى خسائر فادحة للدولة تقدر بنحو 113 مليار دينار (36.6 مليار دولار).
ورفض سعيد العام الماضي استقلالية البنك المركزي قائلا إنه يجب أن يقرض الدولة مباشرة لتجنب القروض من خلال البنوك التي تحقق أرباحا ضخمة منه.
وكانت الحكومة قد طلبت في يناير/كانون الثاني تمويلا مباشرا استثنائيا للخزانة من البنك المركزي بقيمة 2.25 مليار دولار لسد العجز في ميزانية هذا العام.
وحذر محافظ البنك المركزي السابق مروان العباسي من أن شراء سندات الخزانة ينطوي على مخاطر، بما في ذلك الضغوط التصاعدية على التضخم وانخفاض قيمة الدينار التونسي.
وقال إن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد بشكل لا يمكن السيطرة عليه من التضخم الذي قد يكون بثلاثة أرقام وحذر من "تكرار السيناريو الفنزويلي في تونس".
وفي وقت سابق من هذا العام، عين الرئيس التونسي زهير النوري محافظا جديدا للمركزي خلفا للعباسي.
ومنذ 2016، اكتسب البنك المركزي سلطة مطلقة في إدارة السياسة النقدية من بينها نسبة الفائدة وسياسة الصرف والتصرف في الاحتياطيات من العملة والذهب.
ولكن مشروع القانون المقترح ينص على أن البنك المركزي يمكنه تعديل أسعار الفائدة والقيام بكل العمليات المتعلقة بالذهب والصرف في حدود صلاحياته وبالتوافق مع الحكومة.
وبموجب مشروع القانون، يتعين على البنك المركزي شراء سندات حكومية من البنوك وإقراض الخزانة بشكل مباشر بقيمة تصل إلى ثلاثة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بآجال سداد تتجاوز خمس سنوات.
وقالت مصادر مالية لرويترز إن هذه الخطوة ستمهد الطريق على الأرجح لطلب حكومي جديد من المركزي قروضا مباشرة وتسهيلات للخزانة، بما يصل إلى ثمانية مليارا دينار (2.6 مليار دولار) مدرجة في موازنة 2025، ولم تشر الحكومة إلى مصدرها.
كما ذكر مشروع القانون أنه لن يُسمح للبنك المركزي بتوقيع اتفاقيات مع جهات رقابية أجنبية إلا بموافقة رئيس البلاد.