مصر تشرع أول قانون لتنظيم شؤون اللاجئين
القاهرة - وافق مجلس النواب المصري الثلاثاء، نهائيا على مشروع قانون لجوء الأجانب الجديد الذي قدمته الحكومة بهدف تقنين أوضاع اللاجئين، والذي يهدف إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية.
ويُعد مشروع القانون الذي قدّمته الحكومة، الأول من نوعه لتنظيم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، خاصة بعد أن شكت القاهرة مراراً من عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين إلى أراضيها.
ويتضمن قانون لجوء الأجانب الجديد تشكيل لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تتبع مجلس الوزراء، وتتولى جمع البيانات والإحصائيات الخاصة بأعداد اللاجئين، وكذلك الفصل في طلبات اللجوء، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.
ووفقا لتشريع القانون، يُقدم طلب اللجوء إلى اللجنة المختصة من طالب اللجوء أو من يُمثله قانوناً، وتفصل اللجنة في الطلب خلال ستة أشهر لمن دخل إلى البلاد بطريق مشروع، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بغير طريق مشروع، مع وضع الاعتبارات الإنسانية في الحسبان، بحيث تكون الأولوية في الدراسة والفحص للأشخاص ذوي الإعاقة أو المسنين أو النساء الحوامل أو الأطفال غير المصحوبين أو ضحايا الاتجار بالبشر والتعذيب والعنف الجنسي.
غير أن تبعية اللجنة لمجلس الوزراء أثارت انتقادات من قبل بعض المنظمات الحقوقية بشأن مدى استقلالية اللجنة، خاصة أن الحكومة هي التي تُموّلها، وبالتالي فإن أعضاءها "موظفون عموميون وليسوا مستقلين"، وهو ما يختلف عن الوضع القائم والذي تتولى فيه مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بدرجة كبيرة، تنفيذ القوانين واللوائح المعنية بتحديد وضع اللاجئ في مصر، بغض النظر عن التوجه السياسي للحكومات المتعاقبة، بحسب بيان مشترك لمنظمات حقوقية مصرية.
وأعربت منظمات حقوقية مصرية عن مخاوفها من القانون الجديد، وأصدرت 22 منظمة بياناً مشتركاً، حذرت فيه من خطورة إصدار القانون.
وطرحت أسئلة بشأن معايير اختيار وتدريب موظفين اللجنة المزمع تشكيلها للإشراف على عملية اللجوء، وكذلك المعايير التي ستستند إليها اللجنة في إصدار قراراتها، بجانب مدي استقلاليتها، معتبرة أن القانون لم يأخذ بعين الاعتبار المشكلات الحقيقية التي يعاني منها اللاجئون في مصر، فبدلاً من أن ينص على تشجيع دمجهم في المجتمع والاستفادة من إمكانياتهم، اتجه إلى تقليص فرص الاندماج، وفرض عقوبات قاسية على أفعال غير واضحة، مثل "مخالفة الأمن العام والنظام العام"، أو ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي، متجاهلاً بذلك الحقوق السياسية التي يكفلها القانون الدولي للاجئين.
لكن الكثير من المصريين لا يرون مبررا لهذه المخاوف، ويؤكدون أن الحكومة تحرص على توصيف الـ 9 ملايين أجنبي لديها بأنهم "ضيوف الدولة"، يختلف وضعهم القانوني من شخص لآخر، ووفقاً لإحصاءات رسمية ينقسم الأجانب إلى لاجئين وهم الكتلة الأقل من بين جميع الأجانب، ويمثلون نحو نصف مليون لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مصر، ويحصل هؤلاء من المفوضية على دعم مالي وقانوني محدود.
كما تقدم المفوضية دعماً إلى قطاع الصحة الحكومي على هيئة مستلزمات طبية، وإلى قطاع التعليم في هيئة دعم مالي بناءً على عدد المدارس التي سجلت استقبالها للاجئين.
وسبق هذا التشريع، اجتماعات عدة للحكومة، لإجراء حصر لما تتحمله الدولة من تكلفة لرعاية الأجانب من مختلف الجنسيات، والذين تقدر الحكومة أعدادهم، بأكثر من 9 ملايين شخص من نحو 133 دولة يُمثّلون نسبة 8.7 بالمئة من حجم سكان البلاد، وفق بيان صادر في أبريل/نيسان الماضي.
وتضمن القانون الجديد العديد من المزايا للاجئين، حيث تنص "المادة 18" على أن يكون للاجئ الحق في العمل، والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، كما يكون له الحق في ممارسة المهن الحرة حال حمله لشهادة معترف بها بعد الحصول على تصريح مؤقت من السلطات المختصة بالبلاد، وذلك كـله على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة.
كما ينص القانون في "المادة 14" على أن يكون للاجئ الحرية في الاعتقاد الديني، ويكون لأصحاب الأديان السماوية منهم الـحق في ممارسة الشعائر الدينية بدور العبادة المخصصة لذلك.
ويأتي إقرار هذا القانون جاء بعدما استقبلت مصر أعدادًا ضخمة من اللاجئين خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد الحروب في المنطقة، حتى احتلت المرتبة الثالثة عالميًا بين الدول الأكثر استقبالًا لطلبات اللجوء خلال عام 2023، وفق تقرير مجلس النواب.
فيما أشار رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي قبل عدة أشهر إلى أن الدولة المصرية تتكلف 10 مليارات دولار سنويا تكلفة استقبال هؤلاء اللاجئين.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تسجل أكثر من 800 ألف لاجئ فقط "يعيشون جنباً إلى جنب مع المجتمعات المضيفة، وهو ما يعتبر دليلا على التزام مصر بمبدأ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين بالسعي إلى إيجاد بدائل للمخيمات".