'لعبة النهاية' عرض مصري يحتفي بستينيته بقرطاج المسرحي
تونس - تمّ عرض مسرحية "لعبة النهاية" قبل ستة عقود، لأوّل مرة من إخراج الراحل سعد أردش إنتاج فرقة مسرح الطليعة، واليوم أعيد تقديم هذا العمل الأيقوني الذي مهّد لإرساء فلسفته وصقل هويته، حيث استقبلت قاعة سينما الريو بالعاصمة التونسية، الاثنين، المسرحية التي تمثل مصر في المسابقة الرسمية ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية التي تتواصل إلى غاية 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
و"لعبة النهاية" من إنتاج فرقة مسرح الطليعة التابعة للبيت الفني للمسرح، مقتبسة عن النص المسرحي الشهير الذي يحمل العنوان نفسه للكاتب الإيرلندي صامويل بيكيت (1906 – 1989)، والعمل إعداد وإخراج السعيد قابيل، ديكور ودعاية أحمد جمال، أزياء مها عبدالرحمن، إضاءة إبراهيم الفرن، تمثيل د. محمود زكي، محمد صلاح، لمياء جعفر، ومحمد فوزي الريس.
وحافظ السعيد قابيل في هذا العمل على البناء الدرامي الأصلي للمسرحية مع تطويعها بين العبثية التي أبدع فيها بيكيت والواقع الراهن المعاصر.
ويقول المخرج عادل حسان مدير مسرح الطليعة إن "لعبة النهاية" عن نص لصامويل بيكيت، أعادته فرقة مسرح الطليعة باعتباره أول عمل قدمته الفرقة عند افتتاحها عام 1962، وذلك بمناسبة مرور ستين عاما على عرضه الأول وضمن مشروعها الاستعادي لتراث الفرقة، مشيرا إلى أن نسخة "لعبة النهاية" 2024، من إخراج السعيد قابيل، بينما حملت نسخة العام 1962 توقيع الراحل الكبير سعد أردش.
وتدور أحداث "لعبة النهاية" حول أربع شخصيات تحاصرها دائرة من الفراغ والعبث. "هام" هو رجل مسن مشلول وعاجز عن الرؤية جالس على كرسيه المتحرك لا يملك من فعل في الحياة إلا الاستمرار في إصدار الأوامر، متشبثا بالأمل في النهاية التي يتوق إليها. ومعه خادمه "كلوف" وهو شخصية أخرى في هذه الدائرة المفرغة، فهو خادم عاجز لا يستطيع التخلص من عبوديته لسيده رغم كراهيته له لكنه يظل يستجيب لتلك الأوامر التافهة في حالة من الهذيان.
والشخصيتان الأخريان في "لعبة النهاية" هما "ناج" و"نيل" يعيشان في عالم افتراضي داخل براميل صدئة، إنهما والدي "هام" كانا توفيا منذ زمن طويل، لكنهما يظلان يظهران فقط في خياله ليشتركا في حوار عجيب ومربك مع الشخصيات الأخرى، وبذلك ينطوي على هذيان متواصل لا يعكس سوى حالة من الانتظار المتواصل للموت.
تتناول المسرحية فكرة الانتظار العبثي للموت، فالرجل المسن "هام" الذي لا يستطيع الحركة أو الرؤية يظل محصورا في كرسيه المتحرك منتظرا اللحظة التي يفارق فيها الحياة. و"كلوف" الذي يحمل على كاهله عبء خدمة "هام" يقرر في النهاية محاولة الخروج من هذا الوضع العبثي إلا أنه يخشى مغادرة تلك اللعبة ليظل في دائرة من العجز والشك. وكل واحد من هاتين الشخصيتين ينتقل بين الحاضر والماضي والمستقبل في لعبة لا تنتهي حيث تتكرر الأفعال اليومية بنفس الرتابة المملة ما يعزز الإحساس باللاجدوى التي سرت في جميع مفاصل المسرحية، وهو شعور انتقل بدوره إلى الجمهور الحاضر في القاعة حيث خير بعضه المغادرة دون إكمال مشاهدة العرض، وفق ما نشرته وكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وتطرح "لعبة النهاية" أسئلة فلسفية وجودية حول معنى الحياة والموت والانتظار، فالشخصيات تظل في حالة احتضار غير واضحة المعالم وهي تدور في فلك واحد لا يتغير حيث لا شيء يحدث سوى تكرار ممل يعكس الفراغ.
ولا تخرج المسرحية عن نمط العبثية التي أبدع فيها بيكيت، إذ لا تصاعد في الأحداث ولا مفاجآت ولا تطور درامي، وإنما هو مسار خطي رتيب للأحداث المتمثلة في مجرد لعبة لا نهاية لها حيث تنتصر فيها لحظة الصمت على كل شيء وهي لحظة الموت، هذا المآل المحتوم للجميع.
وكان المخرج هشام عطوة رئيس البيت الفني للمسرح أعرب وفق ما نشرته وزارة الثقافة المصرية على صفحتها بفيسبوك، عن سعادته الكبيرة بمشاركة عرض "لعبة النهاية" ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان بأهمية أيام قرطاج المسرحية، مما يمثله ذلك من دلالة على تفرد عروض البيت الفني للمسرح وخاصة فرقة مسرح الطليعة التي طالما شاركت في مختلف المحافل الدولية، ومثلت المسرح المصري تمثيلا يفخر به الجميع.
وتتواصل العروض ضمن أيام قرطاج المسرحية، إذ تعد دورة 2024 استثنائية على صعيد المشاركات الدولية، حيث سيكون لجمهور الفن الرابع موعد مع 125 عرضا من 32 بلدا من مختلف القارات.
وتشمل العروض 12 عرضا في المسابقة الرسمية من تونس ولبنان وفلسطين والعراق ومصر والأردن والإمارات والمغرب وقطر وبنين والسنغال، و35 عرضا في الأقسام الموازية، بالإضافة إلى 13 عرضا في قسم مسرح العالم، وعرضين في تعبيرات مسرحية في المهجر و10 عروض موجهة للطفل و4 عروض في مسرح الإدماج، إلى جانب 11 عرضا في مسرح الحرية الذي يخصص لنزلاء السجون.