هيئة تحرير الشام تسيطر على مدينة حماة

قسد تسيطر على مواقع مهمة في ريف حلب الشمالي من الفصائل الموالية لتركيا وتتقدم نحو مطار كويرس العسكري.
الجيش السوري يقرّ بالانسحاب من مدينة حماة
الجولاني يحث العراق على عدم السماح للحشد الشعبي بالتدخل في سوريا

دمشق - قالت مصادر من المعارضة السورية اليوم الخميس إن قواتها دخلت إلى مدينة حماة الاستراتيجية في وسط سوريا حيث تخوض معارك طاحنة مع قوات النظام داخل أحياء المدينة.

وأقر الجيش السوري بالفعل بأنه انسحب من مدينة حماة، رابع كبرى مدن البلاد، بعد وقت قصير من إعلان فصائل معارضة دخولها إلى أحيائها، لأول مرة منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011.

وأوضح في بيان أنه "على مدى الأيام الماضية، خاضت قواتنا المسلحة معارك ضارية لصد وإفشال الهجمات العنيفة والمتتالية التي شنتها التنظيمات الإرهابية على مدينة حماة من مختلف المحاور وبأعداد ضخمة مستخدمة كل الوسائط والعتاد العسكري، ومستعينة بالمجموعات الانغماسية"، وفق "بغداد اليوم".

وتابع "خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنودنا والمجموعات الإرهابية وارتقاء أعداد من الشهداء في صفوف قواتنا، تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، رغم تكبدهم خسائر كبيرة في صفوفهم".

وأوضح  أنه "حفاظاً على أرواح المدنيين من أهالي مدينة حماة وعدم زجهم في المعارك داخل المدن، قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة".

وأكد الجيش السوري حسب البيان أنه "سيواصل القيام بواجبه الوطني في استعادة المناطق التي دخلتها التنظيمات الإرهابية".

وقال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني اليوم الخميس إن "لا ثأر" بعد دخول الفصائل المعارضة الى مدينة حماة في وسط سوريا التي شكلت مسرحا لانتفاضة نفذتها جماعة الإخوان المسلمين قبل أربعة عقود وسحقتها دمشق بالقوة.

وفي مقطع فيديو مقتضب نشرته إدارة عمليات الفصائل على تطبيق "تلغرام"، خاطب الجولاني أهالي المدينة "أبشّركم أن إخوانكم المجاهدين الثوار بدأوا بالدخول الى مدينة حماة لتطهير ذاك الجرح الذي استمر في سوريا لمدة 40 عاما"، مضيفا "أسال الله عز وجل أن يكون فتحا لا ثأر فيه بل فتحا كله رحمة ومودة".

كما حث الجولاني رئيس الوزراء العراقي على عدم السماح للحشد الشعبي المدعوم من إيران بالتدخل في سوريا، وحذر من تصعيد التوتر بالمنطقة.

وتمكّنت هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة المتحالفة معها الأربعاء من تطويق مدينة حماة من ثلاث جهات، بعد هجوم خاطف من الشمال.
وبعد سيطرتها على عشرات البلدات ومعظم مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، وصلت الفصائل المسلحة الثلاثاء إلى "أبواب" مدينة حماة التي تعتبر استراتيجية للجيش لأن حمايتها ضرورية لتأمين العاصمة دمشق الواقعة على مسافة حوالى 220 كيلومترا إلى الجنوب، بحسب المرصد.

وقال حسن عبدالغني القيادي في قوات المعارضة على مواقع للتواصل الاجتماعي في وقت سابق "قواتنا بدأت التوغل في مدينة حماة".
لكن مصدرا عسكريا سوريا في وقت لاحق إنه "لا صحة للأنباء التي توردها مصادر الإرهابيين حول وصولهم إلى منطقة جسر المزارب أو دخولهم أي حي من أحياء مدينة حماة، وجميع قواتنا بعرباتها وآلياتها المنتشرة على أطراف المدينة تتمركز في نقاط متقدمة وتشكل خطوطا دفاعية منيعة في مواجهة أي محاولة تسلل للإرهابيين".

وهذه المعارك التي خلّفت 704 قتلى خلال أسبوع واحد، بينهم 110 مدنيين هي الأولى بهذا الحجم منذ العام 2020 في سوريا.
وذكر المرصد أنّ الفصائل "طوّقت مدينة حماة من ثلاث جهات، حيث باتت تتواجد على مسافة تراوح بين ثلاثة وأربعة كيلومترات منها، وذلك إثر اشتباكات عنيفة تخوضها مع قوات النظام التي لم يبق لها إلا منفذ واحد باتجاه حمص جنوبا".
كما شدد على أن الجيش السوري وحلفائه حسموا معركة جبل زين العابدين في مشارف حماة وتمكنوا من ابعاد قوات المعارضة منها.
وقال وسيم (36 عاما)، وهو عامل توصيل طلبات في حي الشريعة، "الليلة الماضية كانت الأصوات مرعبة للغاية والقصف متواصل ومسموع بوضوح".
وأضاف "بالنسبة لي سأبقى في منزلي لأنه ليس هناك مكان آخر أنزح إليه. تعبنا من هذه الحالة ونحن على أعصابنا منذ أربعة أيام".
وقالت طالبة تبلغ الثانية والعشرين غادرت جامعتها في دمشق للانضمام إلى عائلتها في حماة عندما بدأ الهجوم "أتابع الأخبار ليل نهار".
وبعد إطلاقها هجوما مضادا "بعد منتصف الليل"، تمكّنت القوات الموالية للحكومة السورية من "تأمين بوابة مدينة حماة الشمالية الشرقية" وسيطرت على قرى عدّة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرا إلى اشتباكات في مناطق أخرى في المحافظة.

تعبنا من هذه الحالة ونحن على أعصابنا منذ أربعة أيام

وجرت الأربعاء "اشتباكات عنيفة" بين الجيش مدعوما بالطيران الروسي وفصائل المعارضة في شمال حماة، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأبدت منظمة هيومن رايتس ووتش مخاوفها من تعرّض المدنيين في شمال سوريا لانتهاكات جسيمة من قبل القوات الحكومية والفصائل المعارضة.
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان "يثير اندلاع الأعمال القتالية الكبرى في شمال سوريا.. مخاوف من أن يواجه المدنيون خطرا حقيقيا بالتعرض لانتهاكات جسيمة على أيدي الجماعات المسلحة المعارضة والحكومة السورية".
وشهدت حماة مذبحة في 1982 على أيدي الجيش في عهد الرئيس حافظ الأسد أثناء قمع تمرد قادته جماعة الإخوان المسلمين. ورغم مرور عقود، لم تلتئم ندوب تلك المذبحة التي دفعت بآلاف السوريين إلى المنفى.
كذلك، شهدت المدينة بعضا من أكبر التظاهرات في بداية الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية عام 2011 والتي أشعل قمعها الحرب الأهلية.
من جهتها، أعلنت وكالة "د ب أ" الألمانية للأنباء مقتل مصورها أنس الخربوطلي عن 32 عاما في قصف جوي قرب حماة.
وفي صوران الواقعة على بُعد حوالى عشرين كيلومترا شمال المدينة، أظهرت لقطات مدنيين يفرون في شاحنات فيما يقوم مقاتلون في الفصائل المعارضة بدوريات في شاحنات صغيرة شاهرين أسلحتهم.
وأفاد نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية ديفيد كاردن بأن "أكثر من 115 ألف شخص نزحوا أخيرا في أنحاء إدلب وشمال حلب".
في هذا السياق، أطلقت السلطات الكردية التي تسيطر على مناطق شمال شرق سوريا الأربعاء نداء "عاجلا" لتقديم مساعدات إنسانية في مواجهة وصول "أعداد كبيرة" من النازحين.
وقد تمكنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من تحقيق تقدم ميداني في ريف حلب الشمالي وسيطرت على العديد من المواقع الهامة من الفصائل الموالية لتركيا على غرار محطة "بابيري" لضخ المياه، التي تعد مصدراً رئيسياً لتزويد مدينة حلب بالمياه وفق المرصد السوري.
كما سيطرت قسد على العديد من البلدات مثل بلدة خفسة في ريف منبج الجنوبي شرق حلب حيث تقدمت نحو مطار كويرس العسكري التي وقعت تحت سيطرة فصائل المعارضة او ما عرف بالجيش الوطني السوري.
كما أعلنت الخارجية الروسية الأربعاء أنّ روسيا وإيران، الحليفتين الرئيسيتين لدمشق، وكذلك تركيا الداعم الرئيسي للمعارضة، على اتصال وثيق لتحقيق استقرار الوضع في سوريا.
وتنقسم سوريا المدمرة جراء الحرب الأهلية التي خلّفت نصف مليون قتيل، إلى عدة مناطق نفوذ.
بدأ الهجوم الخاطف الذي تقوده هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بعدما عمّ هدوء نسبي منذ العام 2020 مناطق الشمال الغربي بموجب اتفاق لوقف لإطلاق النار رعته أنقرة وموسكو.
وفي غضون أيام قليلة، سيطرت الفصائل المعارضة على مساحات واسعة من شمال سوريا وجزء كبير من حلب التي خرجت بالكامل عن سيطرة النظام للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأهلية، ما يمثل انتكاسة كبيرة لقوات النظام.
وقالت إيران الثلاثاء إنها مستعدة "لدراسة" إرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك.
وفي حلب، زار زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني قلعة المدينة، وفق ما أظهرت لقطات على تطبيق تلغرام نشرها الأربعاء حساب للفصائل المعارضة.

وبثّ الحساب مجموعة لقطات يظهر فيها الجولاني، المقلّ في إطلالاته العامة، وهو يقف على درج أمام قلعة المدينة التاريخية، وأخرى يحيّي فيها عددا من مناصريه اجتمعوا حوله. وأكّد مصدر من الهيئة أن الزيارة جرت الأربعاء.
من جهته، قال طالب طبّ يعمل في مستشفى الرازي في المدينة الثلاثاء "هناك تغيّب كبير في الكادر الطبي في المشفى والأقسام تعمل بخمسين في المئة من قدرتها الاعتيادية على العمل".
وأضاف طالبا عدم الكشف عن اسمه "نحن نحاول الاستجابة لحالات الطوارئ، ونوفّر المعدّات". وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ مستشفيات حلب، التي ما يزال أقل من ثمانية منها تعمل، تعاني ضغوطا شديدة.
وفي مواجهة هجوم الفصائل المعارضة، ندّد الرئيس بشار الأسد الإثنين بـ"محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها، وإعادة رسم الخرائط من جديد".
وأوعز الأسد الأربعاء في مرسوم رئاسي، بإضافة نسبة خمسين في المئة الى رواتب العسكريين.
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" نص المرسوم الذي يفيد بـ"إضافة نسبة خمسين في المئة إلى الرواتب المقطوعة النافذة بتاريخ صدور هذا المرسوم.. للعسكريين". ولا تشمل الزيادة من هم في الخدمة الإلزامية أو المتقاعدين.
وبدعم عسكري من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، استعاد النظام جزءا كبيرا من البلاد في العام 2015، وفي 2016 استعاد حلب بأكملها بعدما سيطرت فصائل معارضة على الجزء الشرقي منها عام 2012.
وترى الباحثة في كلية لندن للاقتصاد ريم تركماني أن التقدم السريع لعناصر الفصائل المعارضة لا يعني أنهم سيكونون قادرين على الاحتفاظ بالأراضي التي سيطروا عليها.
وقالت "لقد انتشروا بسرعة كبيرة. أعتقد أنهم سيدركون بسرعة كبيرة أن حماية هذه المناطق، والأهم من ذلك، إدارتها، يفوق قدرتهم".