تونس تفعّل قانونا يمنع الهواتف الذكية في المؤسسات التربوية
تونس - يطرح موضوع استعمال الهواتف الجوالة الذكية داخل المؤسسات التربوية كأحد أهم المطالب العاجلة من قبل المتدخلين في الشأن التربوي على اختلاف تصنيفاتهم، في ظل ارتفاع غير مسبوق للتجاوزات الخطيرة المسجلة بالمدارس والمعاهد التونسية وما يشير الى انهيار مدو للمعايير الأخلاقية لدى التلاميذ.
ومثلت الحادثة الأخيرة للأستاذ الذي أنهى حياته بطريقة بشعة والتي يرجّح أن تكون نتيجة حملة تنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض التلاميذ، الشرارة التي من خلالها طالب أهل القطاع بتفعيل منشور منع استخدام الهواتف الجوالة في المؤسسات التربوية ووضع حد لاستعمالها خارج اطارها.
وتعددت أوجه الفوضى والعنف الذي بلغ حد الجريمة ومست جميع جوانب العلاقة بين المربي والتلميذ التي يفترض أنّ تكون بمنأى عن كل الشوائب والتجاوزات. وتكشف الأرقام والمؤشرات ارتفاع حالات العنف المسجلة سنويا في مختلف مظاهره من عنف المربي تجاه التلميذ أو العكس هشاشة الوضع الذي باتت تعرفه المؤسسة التربوية في تونس وتبين أن العلاقة بين جميع الأطراف المكونة للمنظومة التربوية العمومية تعرف أزمة حقيقية. فالمربي مهما كان المستوى الذي يدرسه أصبح طرفا في معادلة جديدة أفرزتها هاته العلاقة المترهلة التي أصبحت تحكم وجوده مع الأطراف التي يفترض أنهم أبناؤه أو ربما حتى أقرب إليه منهم إذ أصبح اليوم إما متهما أو ضحية في العديد من قضايا العنف.
وأصدرت وزارة التربية التونسية الاثنين قرارا يمنع اصطحاب الهواتف الذكية داخل المؤسسات التربوية وحظر التصوير دون الحصول على إذن، بالإضافة الى تنظيم عملية الدخول والخروج من المؤسسة خاصة في أوقات الذروة والاجراءات المتعلقة بتفعيل قنوات التواصل بين الإداريين والسلط المحلية والأمنية لحسن التعامل مع الوضعيات التي تحتاج تدخلا من جميع الأطراف.
وتسجل وزارة التربية التونسية سنويا بين 13 ألف و21 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية وخاصة منها المدارس الإعدادية والمعاهد، وتتراوح النسبة بين 1.7 و2 في المائة وهي دون المعدلات العالمية للعنف في الوسط المدرسي.
وتعالت الأصوات في الفترة الأخيرة مطالبة بإصدار نص قانوني صريح يحجر استعمال هذه الأجهزة من قبل التلاميذ ويفرض عقوبات صارمة على عدم تطبيقه وتفعيله من قبل إدارة المؤسسة.
وكانت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسّط قد دعت الأسبوع الماضي إلى "ضرورة فرض غرامات مالية على الأولياء الذين يتورّط أبنائهم في أيّ شكل من أشكال الاعتداءات داخل المؤسسات التربوية أو التخريب".
وطالبت في بيان بـ"تشديد العقوبة الإدارية وتنقيحها بما يتماشى مع نوعية هذه الجرائم، مطالبة بـ"ضرورة تغيير القوانين الداخلية للمؤسسات التربوية خاصة في باب العقوبات والتوقّي من العنف وإلزام الأولياء بالمصادقة عليها وتحميلهم المسؤولية، في حال عدم احترامها من قبل أبنائهم وإصدار قرار فوري وصريح من وزارة التربية بمنع إدخال الهواتف الجوالة الذكيّة للمؤسسات التربوية وسنّ عقوبات قاسية للمخالفين من التلاميذ".
وأشارت المنظمة إلى "التنامي السريع لحوادث العنف المدرسي وانتشارها في مختلف المحافظات مما جعلها ترتقي إلى مستوى الظاهرة الخطيرة الناسفة لكل مقومات التعليم والعلاقة بين المربي والتلاميذ والتي وجب أن يتجنّد الجميع لمقاومتها".
وشدّدت على "ضرورة إطلاق حملة توعوية تنخرط فيها وسائل الإعلام ومختلف الوزارات والهياكل لمقاومة هذه الظاهرة الخطيرة وإقرار يوم وطني لمقاومة العنف في الوسط المدرسي".