قطاع ألعاب الفيديو يتطلع إلى تجاوز عام من التحديات
باريس - يأمل قطاع ألعاب الفيديو، بعد عامين قاتمين واجه خلالهما تحديات عدة منها موجات صرف موظفين وإغلاق أستوديوهات، أن يتعافى سنة 2025، فيما يبحث اللاعبون الرئيسيون في السوق حاليا عن أدوات نمو جديدة.
وبحسب إحصاء لموقع "غايم إندستري لاي أوفس"، تم سنة 2024 صرف ما لا يقل عن 14500 موظف في هذا القطاع في مختلف أنحاء العالم، مقابل 10500 في العام 2023.
وقد أغلقت استوديوهات كثيرة أبوابها. وأعلنت شركة "يوبيسوفت" الفرنسية العملاقة في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري إغلاق فرعيها في سان فرانسيسكو وأوساكا. وواجه "فاير ووك" وهو أستوديو أميركي تابع لشركة سوني كان وراء الفشل التجاري لـ"كونكورد"، المصير نفسه في أكتوبر/تشرين الأول.
وعلى الرغم من أن المطورين يستخدمون الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة لبث الحياة في شخصيات يعجز اللاعب عن التحكّم بها، إلا أن استعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يتيح إنشاء محتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، لا يُستخدم راهنا "سوى بشكل هامشي"، وفق قول مؤسس وكالة "غايم ديسكافر كو" الاستشارية سايمن كارليس.
وبينما لا تزال السوق تحقق نموا مع إيرادات بواقع 187.7 مليار دولار في عام 2024 بحسب شركة نيوزو، تواجه الأستوديوهات والشركات الناشرة انخفاضا كبيرا في الاستثمارات منذ سنتين، مع تحويل الأموال إلى قطاعات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، فإن عددا من اللاعبين الرئيسيين في القطاع لا يخفون طموحاتهم في هذا المجال، فشركة إلكترونيك آرتس الأميركية، وهي ناشرة لعبة ذي سيمز، عرضت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي أدوات قادرة على إنشاء مسودات لمستويات من اللعبة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الحالي، كشف عملاق وادي السيليكون غوغل النقاب عن نظام جيني 2، وهو نموذج ذكاء اصطناعي جديد قادر على إنشاء عوالم افتراضية قابلة للعب استنادا إلى صورة واحدة.
ويقول المحلل في شركة سيركانا مات بيسكاتيلا لفرانس براس إن هذه الابتكارات مع ذلك لا تزال في مرحلة "تجريبية جدا"، مشيرا إلى أن "الشركات مهتمة به لأنه، من الناحية النظرية، يخفض التكاليف ويزيد الإنتاج"، لكنّه يرى أن استخدامه ينطوي على مخاطرة، لافتا إلى أن "اللاعبين يميلون إلى رفض ما يعتبرونه غير أصلي".
وكان لنجاح جهاز سويتش من شركة نينتيندو والذي يشكل وحدة تحكم هجينة طُرحت عام 2017 وقابلة للتشغيل على جهاز التلفزيون وكذلك في وسائل النقل، دور في توفير أفكار لمنافسيها.
وفي مقابلة مع بلومبيرغ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يؤكد فيل سبينسر رئيس قسم إكس بوكس في مايكروسوفت أنه يعمل على وحدة تحكم محمولة، وأوردت الوكالة الأميركية أنّ شركة سوني اليابانية التي تصنّع أجهزة بلاي ستايشن، تعمل على ابتكار جهاز مماثل.
ويرى بيسكاتيلا أن ذلك يستجيب "لأحد المطالب الرئيسية للاعبين، وتحديدا الشباب منهم، وهو اللعب بما يريدون في أي مكان وزمان".
ويؤكد كارليس أن الشركات المصنعة "تريد أن يشتري الأشخاص لعبة في منصتها وأن تكون هذه اللعبة قابلة للتشغيل على أي جهاز"، مشيرا إلى نجاح ستيم ديك من شركة فالف الأميركية، وهو جهاز محمول يتيح للاعبين تشغيل ألعاب مخصصة لأجهزة الكمبيوتر.
وفي أحدث حملاتها الإعلانية، سلّطت مايكروسوفت الضوء على كلاود غايمينغ، أي إمكانية اللعب من أجهزة عدة في حال كانت متصلة بالإنترنت.
ونتيجة لهذا التطور، تشهد سوق المحتويات المادية "مراحلها النهائية"، بحسب بيسكاتيلا الذي يشير إلى أنّ أكثر من 90 في المئة من الأموال التي ينفقها اللاعبون تذهب إلى المحتوى غير المادي.
ويتوقع كارليس أن "يكون المستقبل رقميا"، لكنّه لا يزال يرى نوعا من الصمود لدى نينتندو، وفي مناطق معينة من العالم ليست شبكات الإنترنت فيها قوية بما يكفي.
ومن خلال إطلاقها في ديسمبر/كانون الأول باليستيك، وهو نمط مستوحى من ألعاب إطلاق النار مثل كاونتر سترايك وليغو فورتنايت بريك لايف، تظهر شركة إبيك غيمز طموحها المتمثل في تحويل نجاحها العالمي عام 2017 إلى تجربة شاملة.
ويوضح بيسكاتيلا أن "الفكرة تتمثل في إنشاء حدائق، وجذب اللاعبين إليها، والتأكد من عدم رغبتهم في تركها مطلقا"، مشيرا إلى مثال روبلوكس التي تمكنت من الاحتفاظ باللاعبين لسنوات بدل توجّه هؤلاء إلى منتجات جديدة.
وفي العام 2025 وفي حال لم يحصل أي تأخير، وحدها جي.تي.أي 5 من روكستار تبدو قادرة على التنافس مع هذه الأسماء الكبيرة في القطاع. وقد يؤدي طرح الجهاز الذي سيخلف "سويتش" إلى انتعاش السوق.
ويقول بيسكاتيلا إنه من النادر أن "نبني آمال سنة كاملة على منتجين، لأنّ في حال أُجّل إطلاق أحدهما أو لم يحقق النجاح المتوقع"، قد يصبح القطاع في وضع "معقّد جدا".