مباحثات حاسمة في الدوحة لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق هدنة غزة

رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وموفدي ترامب وبايدن ورئيس الوزراء القطري سيبحثون التفاصيل المتبقية للصفقة قبل عرضها على قادة حماس.
حماس تؤكد إسرائيل لم تسلم الخرائط التي ستوضح المناطق التي ستنسحب إليها قواتها

الدوحة - قال مصدر مطلع على المفاوضات إن "جولة أخيرة" من المباحثات الهادفة إلى التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة على وشك أن تبدأ الثلاثاء في قطر بغية وضع حد للحرب المتواصلة منذ أكثر من 15 شهرا، فيما يتطلع الفلسطينيون في القطاع وعائلات الرهائن في إسرائيل لإقراره.
وأوضح المصدر طالبا عدم الكشف عن هويته "جولة أخيرة من المباحثات متوقعة اليوم في الدوحة" مضيفا أن اجتماعات الثلاثاء "تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل المتبقية من الصفقة" بحضور رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وموفدي الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. ويلتقي الوسطاء بشكل منفصل مع مسؤولي حماس على ما أفاد المصدر.
وقال بايدن في كلمة ألقاها الاثنين لسرد إنجازاته في السياسة الخارجية "الاتفاق... من شأنه أن يحرر الرهائن ويوقف القتال ويوفر الأمن لإسرائيل ويسمح لنا بزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير للفلسطينيين الذين يعانون بشدة في هذه الحرب التي بدأتها حماس". وإذا نجحت تلك المساعي، سيتوج اتفاق وقف إطلاق النار جهود محادثات متقطعة على مدى أكثر من عام ويؤدي إلى أكبر عملية لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين منذ الأيام الأولى للصراع عندما أفرجت حماس عن حوالي نصف المحتجزين لديها مقابل إطلاق سراح 240 فلسطينيا احتجزتهم إسرائيل.
وشدد المسؤول المطلع على المحادثات، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن قطر سلمت مسودة الاتفاق إلى الجانبين في محادثات في الدوحة.
وأوضح جيك سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي للصحفيين أمس الاثنين "أعتقد أن هناك فرصة جيدة لإنجاز هذا الأمر... الطرفان على وشك أن يتمكنا من إبرام هذه الصفقة".
وأفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الكرة الآن في ملعب حماس. وذكر موقع أكسيوس الإخباري أن بلينكن سيقدم اليوم الثلاثاء خطة لما بعد الحرب في غزة.
وذكر مسؤول إسرائيلي أن المفاوضات بلغت مراحل متقدمة للإفراج عما يصل إلى 33 رهينة ضمن الاتفاق. ووفقا للسلطات الإسرائيلية، لا يزال هناك 98 رهينة في غزة.

وطرح بلينكن اليوم الثلاثاء خطة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، قائلا إن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن ستسلم "خارطة الطريق" لفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب خطة لكي يتابعها في حالة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.

وفي كلمة ألقاها في المجلس الأطلسي في واشنطن في أيامه الأخيرة في منصبه، قال بلينكن إن واشنطن ترى أن تضطلع سلطة فلسطينية معاد هيكلتها بإدارة غزة ودعوة شركاء دوليين للمساعدة في إنشاء إدارة مؤقتة للقطاع والإشراف على عملها.

وأضاف بلينكن في كلمته أن قوة أمنية ستتشكل من قوات تابعة لدول شريكة وأفراد فلسطينيين هوياتهم معروفة، فيما قاطعه متظاهرون مرارا خلال إلقائه كلمته واتهموه بدعم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

وقال "نبذل جهودا حثيثة منذ أشهر عدة مع شركائنا لوضع خطة مفصلة لما بعد الصراع من شأنها أن تسمح لإسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة ومنع حماس من العودة إلى الحكم وتوفير الحكم والأمن في قطاع غزة والمساعدة على إعادة إعماره". ولم يعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب ولا فريقه ما إذا كانوا سينفذون الخطة.

وأضاف أنه من الضروري وضع خطة لما بعد الحرب في غزة وفتح "أفق سياسي يحظى بثقة الفلسطينيين" لضمان عدم عودة حماس، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل مرارا من أنه لا يمكن القضاء على الحركة عبر العمليات العسكرية فقط.

وتابع "تشير تقديراتنا إلى أن حماس جندت عددا من المسلحين الجدد يساوي تقريبا عدد من فقدتهم. وهذه الخطوة تشير لاستمرار الانتفاضة والحرب".

ونفى بلينكن وصول تصرفات إسرائيل إلى حد الإبادة الجماعية، وقال إنه ضغط على الدولة العبرية لبذل جهود أكبر لحماية المدنيين وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر للصحفيين "هناك تقدم، ويبدو أفضل بكثير من السابق. أود أن أشكر أصدقاءنا الأمريكيين على الجهود الضخمة التي يبذلونها لإتمام اتفاق الرهائن".
فيما ذكر مسؤول في الحركة الفلسطينية أن "المفاوضات حققت تقدما في قضايا رئيسية ونعمل لاستكمال ما تبقى قريبا".

وقال مصدر مسؤول في حماس في وقت لاحق إن الحركة لم تسلم حتى الآن ردها على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المقترح في قطاع غزة لأن إسرائيل لم تسلم حتى هذه اللحظة الخرائط التي ستوضح المناطق التي ستنسحب إليها قواتها.

وأضاف "هذه الخرائط تشمل الانسحاب من محور نتساريم وذلك لتأمين عودة النازحين إلى بيوتهم وكذلك الانسحاب من ممر فيلادلفيا على الحدود مع مصر وأيضا الانسحاب من جباليا في شمال قطاع غزة ورفح قي جنوب القطاع".

ضغوط عائلات الرهائن ساهمت في دفع نتنياهو لتقديم تنازلات
ضغوط عائلات الرهائن ساهمت في دفع نتنياهو لتقديم تنازلات

واتفق الجانبان منذ شهور بشكل عام على مبدأ وقف القتال مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس والإفراج عن فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل.
لكن حماس تتمسك بضرورة أن يؤدي أي اتفاق إلى إنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة في حين تقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب قبل القضاء على الحركة الفلسطينية.
ويُنظر الآن على نطاق واسع إلى تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني على أنه موعد نهائي للتوصل لاتفاق.
وحذر الرئيس الأميركي المنتخب من أن "أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها" إذا لم يُفرج عن الرهائن بحلول موعد تنصيبه. كما يضغط بايدن بقوة من أجل إبرام اتفاق قبل مغادرته المنصب.
وقال بلينكن إن المفاوضين يريدون التأكد من أن الرئيس المنتخب سيستمر في دعم الاتفاق المطروح على الطاولة، لذا كانت مشاركة ويتكوف، وكذلك بريت مكجورك مبعوث الرئيس المنتهية ولايته، "مهمة".
وقال مسؤول إسرائيلي أطلع الصحفيين على الاتفاق المقترح إن المرحلة الأولى منه ستشهد إطلاق سراح 33 رهينة، بينهم أطفال ونساء ومجندات ورجال فوق الخمسين وجرحى ومرضى.
وفي اليوم السادس عشر من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ستبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية التي سيتم خلالها إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين، وهم المجندون الذكور والرجال في سن الخدمة العسكرية، وإعادة جثث الرهائن الذين لقوا حتفهم.
ويتضمن الاتفاق انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل، مع بقائها في محيط الحدود للدفاع عن البلدات والقرى الحدودية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك ترتيبات أمنية في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الواقع على الطرف الجنوبي لقطاع غزة، مع انسحاب إسرائيل من أجزاء منه بعد الأيام القليلة الأولى من سريان الاتفاق.
وسيتم السماح لسكان شمال غزة غير المسلحين بالعودة مع وضع آلية للتأكد من عدم نقل الأسلحة إلى هناك. وستنسحب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم في وسط غزة.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن الفلسطينيين المدانين بالقتل أو تنفيذ هجمات أسقطت قتلى سيُفرج عنهم أيضا، لكن عددهم سيتوقف على عدد الرهائن الأحياء، والذي لا يزال غير معروف، ولن تشمل القائمة المقاتلين الذين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.

وكانت حماس قد أكدت في وقت سابق ان الاتفاق يصل إلى "مراحله النهائية" مضيفة في بيان إن "اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصل إلى مراحله النهائية ويجب استمرار التشاور مع قادة فصائل فلسطينية حتى إتمامه".
وأوضحت الحركة أنها أجرت "سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع قادة الفصائل الفلسطينية لوضعهم في صورة التقدم الحاصل في المفاوضات الجارية في الدوحة".
ونقلت الحركة عن قادة الفصائل تأكديهم على ضرورة "الاستعداد الوطني العام للمرحلة القادمة ومتطلباتها"، دون ذكر تفاصيل.
وعبر قادة الفصائل عن أملهم في انتهاء هذه الجولة من المفاوضات بـ"اتفاق واضح وشامل"، وفق البيان.

ومع الحديث عن قرب التوصل لاتفاق طلب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الثلاثاء، من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التعاون لتهديد نتنياهو بالانسحاب من الحكومة.

بن غفير يطلب مؤازرة سموتريتش لإحباط توقيع صفقة في ابتزاز لنتنياهو
بن غفير يطلب مؤازرة سموتريتش لإحباط توقيع صفقة في ابتزاز لنتنياهو

وربط بن غفير وهو زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف الانسحاب بقبول زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بعد إقراره بعدم قدرته على التأثير وحيدا.
وأعلن سموتريتش، أمس الاثنين معارضته للاتفاق المنتظر لكنه لم يهدد بالانسحاب من الحكومة.
ويمكن لاتفاق بين الوزيرين أن يمنع الاتفاق، لكن بن غفير وحده غير قادر على إسقاط الحكومة حيث يملكان معا 14 مقعدا بالكنيست وهي كافية لإسقاط الحكومة حال اتفاقهما أما بن غفير فلديه 6 مقاعد وهي غير كافية لإسقاط الحكومة.
ولدى الحكومة 68 من مقاعد الكنيست الـ 120 ويكفيها 61 من أجل البقاء، وفق النظام الإسرائيلي.
وهذا ما أشار إليه بن غفير في منشور على منصة "إكس" بقوله "خلال العام الماضي، وباستخدام قوتنا السياسية، تمكنا من منع إتمام هذه الصفقة، مرارًا وتكرارًا".
وأضاف "ومع ذلك، منذ ذلك الحين، أضيفت أحزاب أخرى إلى الحكومة، والتي تدعم الآن الصفقة، ونحن لم نعد نشكل بيضة القبان" في إشارة إلى انضمام حزب "اليمين الوطني" برئاسة وزير الخارجية جدعون ساعر إلى الحكومة.
وتابع "وهذا يعني أن رئيس الوزراء لن يمتنع عن التوقيع على الاتفاق إلا إذا كانت القوة التي تعارضه كبيرة بما فيه الكفاية، ولا تسمح له بذلك".
وأقر بأن "تأثير "القوة اليهودية" ليس كافيا في التشكيلة الحكومية الحالية ليكون أداة ضغط لمنع الصفقة، وانسحابنا وحده لن يمنع تنفيذها" مضيفا "لهذا السبب فإنني أدعو صديقي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلى الانضمام إلي في التعاون الكامل ضد الصفقة الفظيعة التي يتم نسجها، وإبلاغ رئيس الوزراء معًا بشكل واضح وحاسم، بأنه إذا تمت الصفقة، فسوف ننسحب من الحكومة معًا".
ولم يرد سموتريتش على الفور على هذه الدعوة.
وتابع "أدعو رئيس الوزراء إلى العودة إلى رشده، واتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى هزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن دون إهمال أمن إسرائيل: الوقف الكامل لنقل المساعدات الإنسانية والوقود، الكهرباء والمياه إلى غزة، مع استمرار الهزيمة العسكرية لحماس حتى هزيمتها الكاملة".