أهم متاحف العالم تضع خططا تجديدية لمساحاتها ومجموعاتها
باريس - تعمل بعض المتاحف الكبيرة على تكييف مساحاتها ومجموعاتها للاستجابة بشكل أفضل لتحديات التغير المناخي والأعداد المفرطة من السياح، وذلك على غرار المشروع المستقبلي لتجديد متحف اللوفر والذي يهدف إلى وضع حدّ للتدافع أمام لوحة الموناليزا.
وتقول مديرة متحف اللوفر لورانس دي كار التي كانت حذرت في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي من الحالة المتدهورة للمتحف، في ظل "الطفرة السياحية، والمسائل الأمنية، وحالة الطوارئ المناخية، والثورة الرقمية، يتعرض نموذجنا لتغيير تام. وفي كل مكان، يعيد شركاؤنا الدوليون النظر في مساحاتهم".
ويُعدّ اللوفر أكثر متحف في العالم استقطابا للزوار، إذ استقبل نحو تسعة ملايين خلال العام الماضي، 80 في المئة منهم سياح أجانب، ليتقدّم بذلك على متحف "بريتيش ميوزييم" ومتاحف الفاتيكان ومتحف متروبوليتان في نيويورك.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن يناير/كانون الثاني الماضي عن مشروع "ضخم" لمتحف اللوفر الذي يواجه مشكلات صيانة مقلقة.
وتتمثل خطة التجديد بإنشاء مدخل كبير جديد بحلول عام 2031 لتخفيف الضغط على الهرم الزجاجي عند المدخل الرئيسي للمتحف، إلى جانب زيادة سعر تذكرة الدخول للزائرين غير الأوروبيين، بالإضافة إلى إنشاء قاعة خاصة للوحة الموناليزا واستحداث بطاقة دخول إضافية للراغبين في الاطلاع على هذا العمل الفني، فـ80 في المئة من زائري المتحف البالغ عددهم 30 ألفا يوميا، يزورونه لرؤية تحفة ليوناردو دافنشي والتقاط صور سيلفي ذاتية معها.
وفي مدريد، وجد متحف "برادو" الذي حقق نسبة استقطاب بلغت 3.5 ملايين زائر عام 2024، حلّا بفتح أبوابه يوميا "لتوزيع أعداد الزوار بشكل أفضل"… وبمنع التقاط أي صورة.
وتوضح إدارة المتحف "إذا زار 8500 شخص برادو يوميا، فيعني ذلك 8500 صورة مُلتقطة في المكان نفسه، ربما أمام لوحة لاس مينيناس أو لوحة حديقة المباهج الأرضية".
وفي متحف اللوفر الذي تبلغ مساحة معارضه 70 ألف متر مربع، أُعلن عن خطة إعادة تصميم داخل مبنى سيُعاد تجديده مع صالات جديدة بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 700 أو 800 مليون يورو (726 أو 830 مليون دولار) على مدى عشر سنوات، أو حتى "مليار"، بحسب النقابات.
وكانت الدولة قد أعلنت أنّها ستساهم كحدّ أدنى بـ"160 مليون يورو على مدى 15 عاما (166 مليون دولار)"، بحسب وزارة الثقافة.
وأضافت أنه سيتعين على متحف اللوفر الاعتماد على موارده الخاصة (التذاكر، الرعاية، الترخيص لمتحف اللوفر في أبوظبي) وعن طريق إيجاد وسائل أخرى كرفع سعر تذكرة الدخول للزوار من خارج الاتحاد الأوروبي (30 يورو) اعتبارا من 2026.
وفي لندن، حيث المجموعات الدائمة للمتاحف مُتاحة مجانا للزوار والمعارض الموقتة تستلزم شراء بطاقات، أنجز متحف "ذي ناشونال غاليري" أعمالا مهمة في إطار الذكرى المئوية الثانية لتأسيسه.
وتتمثل خطته في إجراء مراجعة شاملة لمدخله من أجل استقبال الزوار بشكل أفضل (أكثر من ستة ملايين سنويا قبل كوفيد و4.2 ملايين في العام 2023) وإنشاء مساحة مخصصة للبحث بالإضافة إلى مكان تعليمي.
وبحسب إدارة "ذي ناشونال غاليري"، فإن البرنامج الذي تبلغ قيمته 85 مليون جنيه إسترليني (105.4 مليون دولار)، يهدف إلى جعل المتحف أكثر فاعلية لناحية استهلاك الطاقة وأكثر "مرونة في مواجهة تأثيرات التغير المناخي".
وتُبذل الجهود لجعل المكان مُضاءً بشكل طبيعي أكثر ولتعزيز التهوية الطبيعية "حيثما أمكن" وتوفير مواد "مستدامة".
وفي نيويورك، يتراجع عدد زوار متحف متروبوليتان منذ عام 2019، ولحلّ هذه المشكلة، بادر إلى تجديد جناحه المخصص للفنانين من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر، والذي يعرض إحدى أكبر المجموعات التي تضم لوحات أوروبية في العالم.
أما أسطحه الزجاجية التي يعود تاريخها إلى العام 1939 وتم تجديدها في خمسينات القرن العشرين، فوضعها سيئ.
وأفاد مدير المتحف ماكس هولين أن أعمال التجديد التي كلّفت 150 مليون دولار، استغرقت خمس سنوات، وقد أعيد عرض المجموعات بحسب تسلسلها الزمني وعُززت إضاءتها بفضل الضوء الطبيعي للأسطح الزجاجية التي خضعت للتجديد ولمصابيح "ليد" في السقف، داخل صالات أعيد طلاؤها بالكامل.
ولفت هولين إلى أنه على غرار المتاحف الأخرى التي ترغب في استقطاب جمهور أصغر سنا وأكثر تنوّعا، اعتمد متحف متروبوليتان نهجا "أقل تركيزا على الغرب" في مجموعاته.
وبعد أعمال إضافية كلّفت عشرات الملايين، سيعاد في الربيع فتح جناح يضم منذ العام 1932 مختلف الفنون الأفريقية وفنون أوقيانيا وأميركا قبل الاستعمار الأوروبي.
وفي العام الماضي، خُصّص معرض مميز لـ"نهضة هارلم"، وهي أول حركة فنية عالمية حديثة أسسها فنانون أميركيون من أصل أفريقي.
وفتح المتحف أبوابه أيضا للتجارب الغامرة عام 2023، إذ عرض مجموعة من الفساتين من قسمه المخصص للأزياء مع صور مركّبة، لمعرضه الربيعي الذي تزامن مع أمسية "ميت غالا" التي يحضرها نجوم.
وللمرة الأولى في تاريخه، افتتح متحف اللوفر الذي يستضيف منذ مدة طويلة عروض أزياء، معرضا يضم قطعا بارزة في تاريخ عالم الأزياء والموضة.