الخليج ورشة دبلوماسية كبرى لتحريك ملف أوكرانيا: زيلنسكي في الإمارات وفريقه في السعودية
أبوظبي/الرياض - حولت القوى الدولية المتدخلة في ملف الحرب الأوكرانية أنظارها نحو الخليج حيث من المتوقع أن تعقد اجتماعات مفصلية في السعودية والامارات لبحث إمكانيات إحلال السلام بين كييف وموسكو خاصة بعد الحديث عن وساطات وجهود دبلوماسية مكثفة لإنهاء الصراع بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط امتعاض من دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبر تخفيف الضغوط على موسكو ليس في مصلحتها ولا في مصلحة كييف.
وقد أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد أنه وصل إلى الإمارات في زيارة تحمل "برنامجا إنسانيا كبيرا" بينما وصل وفد حكومي أكراني الى الرياض وذلك قبل اجتماع متوقع بين دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وأصبحت العواصم الخليجية وخاصة أبوظبي والرياض ورشة لتحريك ملف أوكرانيا من خلال عقد وساطات بهدف انهاء الحرب وتعزيز السلام خاصة وان هذه العواصم حافظت على مسافة متقاربة من القوى المتصارعة في الملف وساهمت في اطلاق سراح اسرى روس وأوكرانيين وبالتالي حظيت بثقة القوى الدولية.
وقد التقى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الاثنين مع الرئيس الأوكراني حيث شهد الزعيمان توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن الشيخ محمد أكد خلال الاجتماع على التزام بلاده بدعم جهود التوصل لحل سلمي للأزمة في أوكرانيا ومواصلة المبادرات للتخفيف من تداعيات الحرب على الأوضاع الإنسانية.
بدوره قال زيلينسكي إنه ناقش مع رئيس الإمارات إعادة أوكرانيين محتجزين لدى روسيا مضيفا عبر تطبيق تيليغرام "وساطة الإمارات أنقذت الكثير من الأرواح"، في إشارة إلى مساعدة سابقة قدمتها الإمارات في تبادل للأسرى.
وأكد الشيخ محمد بن زايد "أهمية الاتفاقية في تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، ودفع التعاون الاقتصادي الثنائي إلى مستويات جديدة تلبي تطلعاتهما""نتطلع إلى أن تشكل الاتفاقية نقلة نوعية في مسار التعاون الاقتصادي والاستثماري لمصلحة التنمية المشتركة للبلدين".
من جانبه، أكد زيلينسكي "أهمية الاتفاقية في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي الإماراتي الأوكراني، لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما"، وفق الوكالة.
وبموجب اتفاقية الشراكة، ستحظى 99 بالمئة من واردات أوكرانيا من السلع الإماراتية، و97 بالمئة من صادرات أوكرانيا إلى الإمارات، بإعفاء فوري من الرسوم الجمركية. ومن المتوقع أن تضيف الاتفاقية 369 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي للإمارات، و874 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لأوكرانيا بحلول عام 2031، حسب الوكالة.
وأضافت أن الاتفاقية تدعم تسريع الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا، وتوفير فرص جديدة للتعاون في مجالات مختلفة مثل البنية التحتية والصناعات الثقيلة والطيران والفضاء وتكنولوجيا المعلومات. وفي عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 372.4 مليون دولار.
ونشر زيلينسكي قبل اللقاء مع الشيخ محمد بن زايد مقطع فيديو له أثناء نزوله من الطائرة في الإمارات وإجراء محادثات مع مسؤولين.
وقال عبر تلغرام "زيارة رسمية مع السيدة الأولى إلى الإمارات العربية المتحدة. الأولوية هي إعادة المزيد من أفراد شعبنا إلى الوطن من الأسر. بالإضافة إلى الاستثمار والشراكة الاقتصادية. برنامج إنساني كبير".
وأدت الإمارات وساطات مهمة بين روسيا وأوكرانيا، وساعدت في عمليات تبادل أسرى وإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا، طوال فترة الحرب.
من جانبها كتبت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدينكو المشاركة في الوفد الحكومي عبر فايسبوك " لقد بدأنا زيارة العمل للوفد الأوكراني إلى السعودية، بلقاء مع ما يقرب من 100 من رجال الأعمال المحليين.. في الأيام التالية سنعقد عشرات الاجتماعات للتحضير لزيارة فلاديمير زيلينسكي إلى السعودية".
وكان الرئيس الاوكراني أعلن الأسبوع الماضي أنه يعتزم في الأيام المقبلة زيارة الإمارات، بالإضافة إلى تركيا والسعودية. لكنّه قال الجمعة إنّه لا يعتزم لقاء مسؤولين روس أو أميركيين خلال الزيارات.
وتستعد موسكو وواشنطن لعقد قمة بين ترامب وبوتين، في ظل قلق في أوروبا وأوكرانيا من أن يحاول الزعيمان تسوية الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات بدونهما أو على حسابهما.
وقال الكرملين اليوم الاثنين إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومعه يوري أوشاكوف مستشار السياسة الخارجية للرئيس الروسي سيشاركان غدا الثلاثاء في محادثات مع مسؤولين أميركيين في السعودية بشأن العلاقات الأمريكية الروسية.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين إن الاجتماع سيركز أيضا على الإعداد لمحادثات سلام محتملة بشأن أوكرانيا.
وأضاف أن لافروف وأوشاكوف سيتوجهان للرياض اليوم الاثنين.
وقال مصدر في الرياض إن رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي كيريل دميترييف سيشارك في لقاء مع وفد أمريكي في السعودية غدا الثلاثاء للتركيز على تعزيز العلاقات وزيادة التعاون الاقتصادي.
ويمثل هذا الاجتماع أول تأكيد على أن دميترييف، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وعمل في بنك جولدمان ساكس سابقا، سيشارك في محادثات مع الولايات المتحدة.
ووصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى الرياض الاثنين قبل المحادثات مع المسؤولين الروس. وقال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في مقابلة أجرتها معه قناة فوكس نيوز إنه سيتوجه هو ومستشار الأمن القومي مايك والتس إلى السعودية مساء الاحد.
ولعبت الرياض، التي تشارك أيضا في محادثات مع واشنطن حول مستقبل قطاع غزة، دورا في الاتصالات المبكرة بين إدارة ترامب وموسكو مما ساعد في إتمام صفقة تبادل سجناء الأسبوع الماضي. وتولى الرئيس الأميركي الحالي منصبه في 20 يناير/كانون الثاني. ومن المتوقع أن يلتقي روبيو بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض.
وسعى روبيو لتخفيف المخاوف الأوروبية بشأن مستقبل الصراع في اكرانيا وتداعيته على الامن القومي في أوروبا قائلا إن أوكرانيا وأوروبا ستشاركان في أي "مفاوضات حقيقية."
وهون من مخاوف الأوروبيين بشأن استبعادهم من المحادثات الأولية بين روسيا والولايات المتحدة في السعودية حيث قال إن عملية التفاوض لم تدخل مرحلة جادة بعد وإذا أحرزت المحادثات تقدما فسيتم إشراك الأوكرانيين وأوروبيين آخرين.
وكان مبعوث ترامب لأوكرانيا كيث كيلوج اثار جدلا واسعا ومخاوف بسبب تصريحات في مؤتمر ميونيخ للأمن مطلع الأسبوع قال فيها "أن أوكرانيا وزعماء لدول أوروبية أخرى لن يكون لهم مكان في مفاوضات السلام".