معارضة إسرائيلية أميركية لمخرجات قمة القاهرة
الرياض – انتقدت إسرائيل خطة طرحتها دول عربية في قمة غير عادية بالقاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة، متهمة هذه الدول باستخدام الفلسطينيين "بيادق" ضدها طيلة 77 عاما، في توافق مع البيت الأبيض الذي علق على الخطة بأنها لا تعالج حقيقة أن القطاع غير صالح للسكن في الوقت الحالي، بينما أعلنت السعودية دعمها الكامل لمقررات القمة، فيما من الصعب التكهن إذا ما كانت هذه النتائج مؤثرة على أرض الواقع.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية بعد وقت قليل من انتهاء القمة إن خطة إعادة الإعمار "لم تتناول" حقائق الوضع بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأضافت الوزارة "لم يتم ذكر الهجوم الإرهابي الوحشي لحماس، والذي أسفر عن مقتل الآلاف من الإسرائيليين واختطاف المئات، ولم تصدر أي إدانة لهذا الكيان الإرهابي القاتل".
وجددت إسرائيل دعمها لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين ونقلهم إلى الأردن ومصر، قائلة إن الدول العربية رفضتها دون إعطائها فرصة.
وانتقدت أيضا اعتماد البيان على السلطة الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي قالت إنها "أظهرت في السابق فسادا ودعما للإرهاب".
من جهته، قال البيت الأبيض إن "خطة إعادة إعمار غزة التي تبنتها الدول العربية لا تعالج حقيقة أن القطاع غير صالح للسكن في الوقت الحالي".
وأضاف أن "الرئيس دونالد ترامب، متمسك بمقترحه لإعادة بناء غزة خالية من حماس". وتابع "لا يمكن لسكان غزة العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة".
واختتمت القمة العربية الاستثنائية أعمالها الثلاثاء، بإصدار بيان ختامي أكدت فيه على أولوية استكمال وقف إطلاق النار في قطاع غزة والضفة الغربية، داعيةً مجلس الأمن الدولي إلى نشر قوات حفظ سلام لحماية الشعب الفلسطيني.
كما شددت على أن السلام يظل الخيار الاستراتيجي للعرب، وفقا لرؤية حل الدولتين.
وأعلنت السعودية دعمها الكامل لقرارات القمة العربية غير العادية "قمة فلسطين" التي عقدت في مصر والتي تهدف إلى تأكيد رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وأوضح وزير الإعلام سلمان بن يوسف الدوسري في بيان لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة الاسبوعية التي عقدها مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد رئيس المجلس الأمير محمد بن سلمان أن المجلس أكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حقوقه المشروعة بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت الثلاثاء في القاهرة اعتمد المشروع المصري لإعادة إعمار قطاع غزة.
وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، ذكر أبو الغيط أن البيان الختامي للقمة دعا مجلس الأمن لنشر قوات حفظ سلام في غزة والضفة الغربية.
وأدان مجلس الوزراء السعودي "قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، داعيا "المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة وتفعيل آليات المحاسبة الدولية وضمان الوصول المستدام للمساعدات".
وحذّر القادة العرب في قمتهم من "أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني، كما دعوا إلى توحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة "منظمة التحرير الفلسطينية"، ما من شأنه تهميش حركة حماس غير المنضوية فيها.
وتوافق القادة على إنشاء صندوق ائتماني لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب، وحضوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه لتسريع هذه العملية.
ووفق الخطّة، سيصار إلى تشكيل لجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية من التكنوقراط لإدارة غزة، قبل أن تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع.
وخلال القمة، عرضت مصر خطة بقيمة 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهو مبلغ يعادل تقديرات الأمم المتحدة، لإعادة بناء قطاع غزة.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الخطة ستضمن بقاء سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة على أراضيهم، وذلك ردا على خطة الرئيس الأميركي لنقلهم إلى مصر والأردن لإعادة بناء القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
غير أنّ السيسي لم ينتقد خطة ترامب التي أثارت ردود فعل دولية معارضة مطلع شباط/فبراير الماضي، وأكد أن الرئيس الأميركي "قادر على وضع نهاية للتوترات في منطقتنا".
ولاحقا أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنّه سيطلب من منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع وزاري طارئ ستعقده في جدة الجمعة اعتماد خطة إعادة إعمار غزة.
وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي إنّه "في السابع من آذار/مارس إن شاء الله القادم في جدة سيكون هناك اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وسنسعى إلى اعتماد هذه الخطة أيضا حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية".
وانعقدت القمة في وقت وصلت مفاوضات اتفاق الهدنة في قطاع غزة إلى طريق مسدود على ما يبدو، مع انتهاء المرحلة الأولى منه السبت بدون اتفاق على المرحلة الثانية.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس والدولة العبرية حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، بعد حرب مدمّرة استمرّت 15 شهرا، وأعقبت هجوما غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وللانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، اشترط وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الثلاثاء "نزعا كاملا للسلاح من قطاع غزة وخروج حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وعودة رهائننا".
وسيطرت حركة حماس على السلطة في غزة عام 2007، بعدما أطاحت إثر معارك طاحنة بحركة فتح والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عبّاس الذي يمارس مذاك سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.
وقال عبّاس (89 عاما) في القمة إنّ "دولة فلسطين تتولى مهامها في قطاع غزة من خلال مؤسساتها الحكومية، وقد تم تشكيل لجنة عمل لهذا الغرض".
كما أعلن الرئيس الفلسطيني الاستعداد "لإجراء انتخابات عامة وتشريعية خلال العام المقبل، في حال توفرت الظروف في غزة والضفة والقدس الشرقية".
ورحّبت حركة حماس باعتماد القمة خطة إعادة إعمار غزة، مؤيدة "تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لمتابعة ملف الإغاثة وإعادة الإعمار وإدارة غزة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية".
وبموجب الخطة، فإنّ هذه اللجنة ستعمل "تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، وذلك تمهيدا لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة".
وتركّز المرحلة الانتقالية في هذه الخطة على رفع الأنقاض وإزالة الألغام وتركيب مساكن مؤقتة لأكثر من 1.5 مليون شخص في القطاع.
وستتبع ذلك مرحلتان من إعادة الإعمار، تشمل الأولى بنى تحتية أساسية ومساكن دائمة، بينما تشمل المرحلة الثانية ميناء تجاريا ومطارا.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تأييده القوي للخطة، وقال "أرحّب وأؤيد بشدّة مبادرة الجامعة العربية لتعبئة الدعم لإعادة إعمار غزة، والتي تم التعبير عنها بوضوح في هذه القمة. إنّ الامم المتحدة مستعدة للتعاون التام في هذا المسعى".
وانقضت في الأول من آذار/مارس المرحلة الأولى من الاتفاق، وقد شهدت إفراج حماس عن 33 رهينة بينهم 8 قتلى، فيما أطلقت إسرائيل سراح نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.
ومع نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي امتدت ستة أسابيع، لا تزال الخلافات بين الجانبين على التفاصيل تحول دون الانتقال إلى المرحلة الثانية.
ووافقت الدولة العبرية ليل السبت الأحد على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق حتى نيسان/أبريل بناء على مقترح أميركي.