المغرب يُشدّد الرقابة على الفساد المالي وتمويل الارهاب

بنك المغرب يصدر بالتعاون مع هيئات مختصة دليلا شاملا يسلط الضوء على الأطر التشريعية والمؤسساتية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح.

الرباط – أصدر بنك المغرب (البنك المركزي) بالتعاون مع عدة هيئات مغربية مختصة، النسخة الأولى من الدليل العملي الشامل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في خطوة عملية لتوجيه المؤسسات المالية والاقتصاديين لتطبيق أفضل الممارسات الدولية، فيما يعكس التزام المملكة بتعزيز الشفافية ومكافحة الجرائم المالية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

ويسلط هذا الدليل الضوء على الأطر التشريعية والمؤسساتية التي أنشأها المغرب لمواءمة سياساته مع المتطلبات الدولية في هذا المجال، حيث يقدم تعريفات نظرية لهذه الظاهرة والمخاطر التي تشكلها المعاملات المالية غير المشروعة على نزاهة النظام المالي العالمي. كما يوضح مسؤوليات المؤسسات في الامتثال للقوانين الوطنية. 

ويستعرض الدليل مهام الفاعلين في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال مثل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية واللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، فضلاً عن سلطات الرقابة المالية منها هيئة سوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بينما يتناول دور مجموعة العمل المالي (FATF) في وضع معايير دولية تساعد الدول على تعزيز قدرتها على التصدي لكافة أشكال الجرائم المالية.

وتعتبر مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب أولوية بالنسبة للمغرب، وذلك لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني والأمن والاستقرار، إذ تواصل المملكة جهودها لتطوير منظومتها لمكافحة هذه الجرائم، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي وتحديث الإطار القانوني والمؤسساتي.

وتعمل السلطات المغربية على إحكام الرقابة وتحصين النظام المالي ضد أي اختراقات قد تستغل القنوات الاقتصادية لتمرير أموال غير مشروعة، عبر تشريعات تتماشى مع المعايير الدولية.

وتطبق الرباط تدابير رقابية صارمة على المؤسسات المالية والمهن غير المالية المحددة لمنع استغلالها في عمليات مشبوهة وغير قانونية، إذ تتخذ السلطات إجراءات حازمة لملاحقة ومحاكمة المتورطين في هذه الجرائم، فيما ينص القانون المغربي على عقوبات صارمة على المخالفين.

وتحظى جهود المملكة في هذا المجال بتقدير دولي واسع، وهو ما مكن المغرب في فبراير/شباط 2023 من الخروج من القائمة الرمادية للملاذات الضريبية، في خطوة شكّلت اعترافا بجهود المملكة في مكافحة غسل الأموال، كما أقامت الدليل على التزام البلاد بالشفافية وتطبيقها لكافة القوانين الدولية في المجال.

وأكد المحلل الاقتصادي محمد جدري في تصريح لموقع العمق المغربي المحلي، أن المغرب أظهر التزاما قويا بمكافحة الأنشطة غير القانونية، مثل تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما مكنه من الخروج من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، معتبرا أن الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الصدد كانت ضرورية لضمان استقرار السوق وجذب المستثمرين الأجانب.

ولفت إلى أهمية الاستثمار في تحفيز الاقتصاد الوطني المغربي مع التركيز على الاستثمارات الخارجية والداخلية، لا سيما في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن دليل بنك المغرب يشمل مفاهيم أساسية حول مصادر تمويل الاستثمارات غير القانونية، كما يعرض إجراءات وقائية يجب أن تتبعها المؤسسات لمكافحة هذه الجرائم، قائلا "إن هذا التحرك يهدف إلى ضمان أن تكون الاستثمارات المغربية خالقة للثروة، ومولدة للفرص الاقتصادية، بما يسهم في تحقيق النمو المستدام".

وأوضح جدري أن عدم وجود المغرب في اللائحة الرمادية لا يسهم فقط في تحسين بيئة الاستثمار، بل يفتح أيضا الباب أمام فرص الحصول على تمويلات وقروض بأسعار تفاضلية، وهو ما يعد عاملا أساسيا في دعم المشاريع المستقبلية.