أحمد عطاف من تونس: الأوضاع المحيطة بنا لا يرتاح لها بال
الجزائر/تونس - بحث وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف الذي بدأ الاربعاء زيارة رسمية الى تونس، مع الرئيس التونسي قيس سعيد، تعزيز التعاون وتوحيد الرؤى والمواقف بشأن المسائل الإقليمية والدولية، بينما تواجه الجزائر تحديات أمنية كبيرة بسبب الوضع الأمني المتأزم في منطقة الساحل عموما وتوترات أثارتها السلطات الجزائرية مع بعض دول المنطقة.
وأكد عطاف خلال لقائه سعيد أن التنسيق الجزائري - التونسي لم يعد ضروريا فحسب، بل صار حتمياً في ظل "الأوضاع المحيطة بنا إقليمياً، وقارياً ودولياً التي لا تبشر البتة ولا يرتاح لها بال"، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي في "إطار الحرص على ترسيخ تقاليد التشاور والتنسيق البيني، وهي التقاليد التي تجمع بين قائدي البلدين".
وأوضح أن الأوضاع في القارة الإفريقية، تشهد تردياً مقلقا من كل النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية، مضيفا "يكفي التذكير بالعدد المخيف لمواطن النزاعات والأزمات والحروب التي صارت تطغى على المشهد القاري في أركانه الخمس دون استثناء، وبدرجة أكبر في منطقة الساحل الصحراوي"، معتبرا أن "منظومة العلاقات الدولية المعاصرة، في شقيها السياسي والاقتصادي، تشهد تلاشياً مقلقاً، لاسيما من ناحية التجاهل المتزايد لأبسط القواعد والقوانين الدولية، أو من ناحية تحييد دور المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، أو حتى من ناحية الانتكاسات المتكررة التي تتعرض لها تعددية الأطراف أمام تصاعد منطق الانطوائية، ومنطق القوة، ومنطق اللاقانون بعينه".
وفي ظل التوترات المستمرة في منطقة الساحل، يبرز تراجع دور الجزائر كوسيط إقليمي، بعدما كانت قد حاولت في الماضي أن تكون وسيط سلام يحظى بالثقة بين مالي والمتمردين الطوارق، كما أن قرار باماكو وحليفتاها النيجر وبوركينا فاسو باستدعاء سفرائها لدى الجزائر التي اتهموها بإسقاط طائرة بلا طيار تابعة للجيش المالي قرب الحدود الجزائرية نهاية مارس/آذار الماضي حيث أخذت الحادثة منحى تصاعديا يهدد بمزيد من التوتر في العلاقات.
ويرجح مراقبون أن المرحلة المقبلة ستكون فارقة بالنسبة للجزائر، حيث سيكون عليها إما اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية لإعادة العلاقات مع مالي ودول منطقة الساحل إلى مسارها الصحيح، أو الاستمرار في سياستها التصعيدية التي قد تؤدي إلى مزيد من العزلة.
وتأتي قضية تدفق المهاجرين الوافدين من دول الساحل والصحراء، والتي باتت تشكل انشغالاً مقلقاً بالنسبة للبلدين في الفترة الأخيرة، أيضا ضمن برنامج الزيارة، حيث بحث الطرفان تنفيذ مخرجات الاجتماع الذي عُقد في الجزائر منتصف الشهر الماضي بين وزير الداخلية إبراهيم مراد ونظيره التونسي خالد النوري، وبحضور قادة ومسؤولي الهيئات الأمنية للبلدين، بشأن التدابير المشتركة الخاصة بتأمين الحدود ومجابهة الجريمة المنظمة العابرة لها، لاسيما مكافحة الهجرة غير النظامية والتهريب بمختلف أشكاله.
كما تشير تقارير محلية الى أنه من المنتظر أن تكون آخر ترتيبات القمة الثلاثية المقبلة، التي تجمع قادة ليبيا والجزائر وتونس المقررة في طرابلس الفترة المقبلة محل محادثات بين وزير الخارجية التونسية محمد علي النفطي ونظيره الجزائري الذي كان من المقرر أن تلتئم في طرابلس خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أنها أُرجئت لأسباب غير معلومة، ما فسح المجال للمؤوّلين، بين من يرجح فرضية الخلافات التي لم تعد تسمح باستمرار المبادرة كإطار فضفاض، وبين من يربط التأجيل بالوضع الداخلي في ليبيا.
وكانت القمة الثلاثية الأولى في تونس قد أثارت الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت تهدف إلى تقويض دور الاتحاد، فيما يرى مراقبون أن قصر المرادية يفضل التعامل مع دول المنطقة بشكل ثنائي أو في إطار تحالفات محدودة، بدلاً من إطار إقليمي شامل.