الرياض وواشنطن تقتربان من ابرام اتفاقية للطاقة النووية المدنية
الرياض – قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت لصحافيين في العاصمة السعودية الرياض الأحد إن الولايات المتحدة والسعودية ستوقعان اتفاقية مبدئية للتعاون ترتبط بطموحات المملكة في تطوير قطاع للطاقة النووية المدنية.
وأضاف رايت، الذي التقى بوزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في وقت سابق من الأحد، أن الرياض وواشنطن في سبيلهما إلى التوصل لاتفاق من أجل العمل معا لتطوير برنامج نووي مدني سعودي.
وفي أولى زياراته للمملكة منذ توليه منصبه، والتي تأتي في إطار جولة بدول الخليج، قال رايت إنه من المقرر إعلان المزيد من التفاصيل المتعلقة بمذكرة تفاهم تضم تفاصيل التعاون في مجال الطاقة بين الرياض وواشنطن في وقت لاحق من العام الجاري.
وأكد رايت أن المملكة حققت نجاحا كبيرا في هذا القطاع، مشيرا إلى أن السعودية تمتلك موارد من بينها موارد معدنية بما في ذلك اليورانيوم، ولديها رغبة في التوسع في إنتاج الطاقة من خلال الطاقة النووية التجارية.
من المقرر إعلان المزيد من التفاصيل المتعلقة بمذكرة تفاهم تضم تفاصيل التعاون في مجال الطاقة بين الرياض وواشنطن في وقت لاحق من العام الجاري.
ويتجاوز الاتفاق المزمع توقيعه كونه صفقة تجارية، ليعكس إعادة صياغة التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرياض في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.
وأضاف "بالنسبة للشراكة والمشاركة الأميركية في المجال النووي هنا، ستكون هناك بالتأكيد اتفاقية وفق المادة 123… هناك الكثير من الطرق لوضع هيكل اتفاق يحقق الأهداف السعودية والأميركية على حد سواء".
وتشير ما تعرف باتفاقية 123 مع الرياض إلى المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، وهي ضرورية للسماح للحكومة والشركات الأميركية بالعمل مع كيانات في المملكة لتطوير قطاع للطاقة النووية المدنية.
وقال رايت إن السلطات السعودية لم توافق على المتطلبات التي يشترطها القانون الأميركي. ويحدد القانون تسعة معايير لمنع الانتشار يجب على الدولة استيفاؤها، وتمنعها من استخدام التكنولوجيا لتطوير أسلحة نووية أو نقل مواد خطيرة إلى جهات أخرى.
وكان التقدم في المناقشات صعبا في السابق لأن المملكة لم ترغب في توقيع اتفاق يستبعد إمكانية تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة الوقود المستهلك، وهما مساران محتملان لصنع قنبلة نووية.
ولطالما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إنه إذا طورت إيران سلاحا نوويا فإن بلاده ستتخذ الخطوة نفسها، وهو موقف أثار قلقا بالغا لدى دعاة الحد من التسلح وبعض النواب الأميركيين بشأن إبرام اتفاق نووي مدني محتمل بين الولايات المتحدة والسعودية.
ويشترط هؤلاء تقديم ضمانات صارمة تمنع السعودية من تخصيب اليورانيوم محليًا أو إعادة معالجة الوقود، وهو ما يعتبرونه "خطًا أحمر".
ولم يشر رايت إلى أي اتفاق أوسع نطاقا مع المملكة، وهو ما كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تسعى إليه ويتضمن اتفاقا بشأن الطاقة النووية المدنية وضمانات أمنية على أمل أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وتعتقد الإدارة الأميركية أن الدعم السعودي للتطبيع ربما يتوقف جزئيا على إبرام اتفاق نووي مدني، الذي يحمل معه جملة من المكاسب.
وتتمثل الفوائد الاستراتيجية في دعم أمن إسرائيل، وبناء تحالف أوسع ضد إيران، وتعزيز العلاقات الأميركية مع واحدة من أغنى الدول العربية، في وقت تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج.
وستكون الفائدة التجارية في وضع قطاع الصناعة الأميركي في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة النووية السعودية، حيث تتنافس شركات الطاقة النووية الأميركية مع نظيراتها في روسيا والصين ودول أخرى على الأعمال التجارية العالمية.
وتسعى المملكة، وهي أكبر مُصدر للنفط في العالم، إلى توليد كميات كبيرة من الطاقة من المصادر المتجددة وخفض الانبعاثات، وذلك في إطار خطة ولي العهد للإصلاح (رؤية 2030). ومن المتوقع توليد جزء على الأقل من هذه الطاقة من الطاقة النووية.
وتؤكد الحكومة السعودية التزامها باستخدام التقنية النووية لأغراض سلمية فقط، مع وجود رقابة دولية صارمة.
والعلاقات بين البلدين في مجال الطاقة ليست جديدة، إذ إنها شهدت نقلة نوعية بعد زيارة بايدن إلى جدة في يوليو/ تموز 2022، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة، والاتصالات، والفضاء، والصحة، وكان من أبرزها تعاون في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.