الجزائر تحاول استقطاب موريتانيا من بوابة التعاون العسكري

الجزائر ونواكشوط يوقعان اتفاق تعاون في مجال الدفاع في ظل تحديات أمنية وسياسية مشتركة في المنطقة.
الحكومة الجزائرية تسعى إلى كسر طوق عزلتها في محيطها الأفريقي بعد أن تصدعت علاقاتها مع أكثر من دولة

الجزائر – تعكس زيارة وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي ولد حننه على رأس وفد عسكري رفيع المستوى الى الجزائر، محاولة الحكومة الجزائرية استعادة نفوذها في المنطقة وسط جملة من التطورات خاصة في علاقة بملف النزاع في الصحراء الذي يتجه المغرب لحسمه على وقع اعترافات متواترة بسيادة المملكة على كل أقاليمها الجنوبية، فيما تبرز المخاوف في جانب آخر من تداعيات ازمة دبلوماسية مع دول الجوار خاصة في منطقة الساحل زادت من عزلة الدولة النفطية التي تعمل حاليا على كسرها.

واستقبل الفريق أول السعيد شنڨريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الوزير الموريتاني الأربعاء، فيما تم التوقيع بين الطرفين في ختام اللقاء على اتفاق تعاون في مجال الدفاع.

ونقلت وزارة الدفاع الجزائرية عن شنقريحة قوله إن "التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها المنطقة تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى تعزيز العمل المشترك وفق رؤية متكاملة ومتبصرة ترتكز على الحوار والتنسيق وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في ميادين الاهتمام المشترك"، مضيفا أن "الجزائر تحرص على تعزيز علاقاتها الثنائية مع موريتانيا في شتى الميادين، لاسيما الأمنية منها".

وتعرف العلاقات الجزائرية - الموريتانية تقاربا لافتا خلال السنوات الأخيرة، حيث تم إبرام العديد من اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، بينما يرى مراقبون أن الجهود الجزائرية والتي عرفت تحركات دبلوماسية متسارعة لا تخفي المخاوف الجدية من التطورات الإقليمية الأخيرة خاصة في علاقة بملف النزاع في الصحراء الذي يتجه المغرب لحسمه على وقع اعترافات متواترة بسيادة المملكة على كل أقاليمها الجنوبية.

وتواصل السلطات الجزائرية مساعيها لمجاراة المغرب واللحاق بخطواته وحراكه الدبلوماسي الفاعل في المنطقة الذي مكنه من حجز مكانة هامة في القارة الأفريقية، بينما وجدت الجزائر نفسها محاصرة بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة مما زاد في عزلتها اقليميا ودوليا، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين الرباط ونواكشوط زخما لافتا جسدته اتفاقيات أبرمت خلال الآونة الأخيرة بين البلدين، من بينها اتفاقية للربط الكهربائي، تتويجا لمباحثات وزيارات متبادلة مهدت لتدشين صفحة جديدة في التعاون، بعد أن أدركت الحكومة الموريتانية أن مصالحها الاقتصادية واستقرارها الأمني يقتضيان تقوية الروابط مع الرباط.

ويتوقع محللون أن تتخلى نواكشوط خلال الفترة القليلة المقبلة عن الحياد الإيجابي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بما يفضي إلى اعتراف رسمي بسيادة المغرب على الإقليم، ما من شأنه أن يوجه ضربة قاصمة إلى جبهة بوليساريو الانفصالية وداعمتها الجزائر وسط تصاعد المطالب بتصنيفها "تنظيما إرهابيا" بسبب مخططاتها العدائية المزعزعة لاستقرار المنطقة.

وتواجه الجزائرتحديات أمنية هامة في المنطقة، حيث كثفت تحركاتها في الآونة الأخيرة بحثا عن كسر طوق عزلتها في محيطها الأفريقي بعد أن تصدعت علاقاتها مع أكثر من دولة، ويبدو أن القيادة العسكرية في الجزائر تريد استباق تطوّرات جديدة لا سيما على إثر أزمتها الأخيرة مع مالي وحليفتيها النيجر وبوركينافاسو.

وكانت دول الساحل الثلاث قد أعلنت مطلع الشهر الجاري استدعاء سفرائها لدى الجزائر التي اتهموها بإسقاط طائرة بلا طيار تابعة لجيش باماكو في شمال الأراضي المالية قرب الحدود الجزائرية نهاية آذار/مارس الماضي، حيث أخذت الحادثة منحى تصاعديا يهدد بمزيد من التوتر في العلاقات، بينما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أيضا غلق مجالها الجوي أمام دولة مالي.

وكانت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) قد أعربت في وقت سابق عن "قلقها العميق" إزاء تصاعد التوترات الدبلوماسية بين مالي والجزائر، داعية البلدين "إلى تهدئة التوترات وتعزيز الحوار واستخدام الآليات الإقليمية والقارية لحل النزاعات".