عودة التوتر تهدد بتجميد التعاون البرلماني بين فرنسا والجزائر

صحيفة فرنسية تقول إن مصيري باريس وفرنسا مرتبطان ارتباطا وثيقا، لافتة إلى أن الرهانات وجودية ولا يمكن تركها في أيدي المتطرفين وغير المسؤولين.

الجزائر –  تهدد التطورات المشحونة الأخيرة بين الجزائر وباريس التعاون البرلماني بين البلدين، حيث أشارت تقارير فرنسية الى توقعات تنذر بإلغاء زيارة وفدا برلمانيا فرنسيا مشكلا من أعضاء في لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الفرنسية إلى الجزائر، كانت مقررة الشهر المقبل، ما يشير الى مرحلة جديدة من الأزمة وتجميد التفاهمات بين الطرفين.

وعاد التوتر ليكبّل مجددا العلاقات بين البلدين رغم المحاولات العديدة للتهدئة وإعادة البناء، حيث أشارت تقارير جزائرية الى تجميد تنقلات رجال اعمال من الجانبين، فيما أعلنت مصادر عن الغاء وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان زيارته الى البلد المغاربي كان يفترض أن تُجرى قبل نهاية الشهر لبحث قضايا خلافية حادة في المجال.

وقال البرلماني والرئيس الأسبق للجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الفرنسية بلخير بلحداد وهو من أصل جزائري، في تصريح للصحيفة الفرنسية "ليمانتي" إن شكوكا تحوم حول اتمام هذه الزيارة في ظل عودة التوترات الأخيرة بين الجزائر وفرنسا، فيما كان مجلس الأمة قد علق قبل أسابيع التعاون مع مجلس الشيوخ الفرنسي.

وتحمّل السلطات الجزائرية مسؤولية الأزمة كاملة الى وزير الداخلية الفرنسي برونو روتيار، فيما جدد الأخير دعوته الى تشديد الضغط على الجزائر واستخدام أدوات أخرى في حال استمرت في رفض استعادة مواطنيها المطرودين من فرنسا، معتبرا أنه بات شخصيا الهدف الرئيسي للنظام الجزائري.

وقال روتايو في تصريح سابق لإذاعة "آر تي إل"، "لدينا العديد من الأدوات، مثل التأشيرات والاتفاقات"، مضيفا أن "فرنسا أمة عظيمة. إنها ليست مجرد مسألة دبلوماسية، بل تتعلق أيضا بكرامة الشعب الفرنسي الذي لم يعد يرغب في أن تهيننا الجزائر".

وأثار توقيف موظف قنصلي جزائري متهم بالضلوع في خطف مؤثر لاجئ في فرنسا، موجة تصعيد جديدة في الأيام القليلة الماضية بعد هدوء نسبي في العلاقات، فيما أعلنت السلطات الجزائرية اثني عشر موظفا يتبعون لوزارة الداخلية الفرنسية أشخاصا غير مرغوب فيهم، ومنحتهم مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد، بينما ردت باريس على ذلك بطرد اثني عشر موظفا قنصليا جزائريا واستدعاء السفير الفرنسي للتشاور.

وخلقت الأزمة بين باريس والجزائر انقساما في الساحة السياسية الفرنسية، إذ تطالب بعض الشخصيات بمزيد الضغط على السلطات الجزائرية والذهاب أبعد من ذلك بإلغاء عدة اتفاقيات ثنائية، بينما يدفع آخرون باتجاه الحوار من أجل التوصل إلى حلول تطوي صفحة الخلافات مع الشريك التاريخي والتي تبدو أنها دخلت منعطفا يصعب الخروج منه.

وانخرط دارمانان في الخطاب الداعي لإقامة علاقة قوة مع الجانب الجزائري، بينما جدد رئيس لجنة المالية بالبرلمان الفرنسي وعضو حزب فرنسا الأبية أريك كوكريل اتهاماته إلى وزير الداخلية، مجددا الدعوة للتهدئة.

وشددت صحيفة "ليمانتي" على ضرورة وقف هذا التصعيد على وجه السرعة، قائلة "لا مصلحة لأي من البلدين في مثل هذا المواجهة"، مضيفة أن "مصيري فرنسا والجزائر مرتبطان ارتباطا وثيقا، فالرهانات وجودية ولا يمكن تركها في أيدي المتطرفين وغير المسؤولين الذين لا تخدم خياراتهم الانتهازية لا الشعب الجزائري ولا الشعب الفرنسي".

والأربعاء، عاد وزير الخارجية الفرنسي جان نوال بارو للتأكيد أنه حتى لو ردت باريس "بحزم" على القرارات الجزائرية، فسيكون من الضروري "على المدى الطويل" استئناف الحوار "لصالح الفرنسيين"، مؤكدا أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحل التوتر بشكل مستدام" معتبرا أن من يدعو إلى غير الحوار "غير مسؤول".