الكلمة الفصل لتحالفات العائلات في الانتخابات البلدية في البقاع اللبناني

البقاع الشمالي تركيبةً متنوعة تتداخل فيها السياسة والعائلية والمذهبية، وتشهد بلداته تكون التحالفات والأصوات المعارضة التي تخرج عن إرادة "الثنائي" الشيعي.

بيروت - تعكس الانتخابات البلدية في العديد من المناطق اللبنانية طبيعة الانقسام السياسي والاصطفافات التقليدية، وفي البقاع تسجل الأحزاب غيابا ملحوظًا عن المشهد السياسي لصالح تحالفات العائلات.

ويشكل البقاع الشمالي تركيبةً متنوعة، تتداخل فيها السياسة والعائلية والمذهبية، وتشهد بلداته تكون التحالفات والأصوات المعارضة التي تخرج عن إرادة "الثنائي الشيعي التقليدي في المنطقة حزب الله وحركة أمل، وبعد التحولات التي حصلت جراء الحرب الأخيرة وتداعيات سقوط النظام السوري، تبدو  الطائفة الشيعية تحت الأنظار.

وتحاول الأحزاب ذات الثقل الانتخابي قراءة المشهد العام ومراقبة التوجّهات العائلية بدقة لمقاربتها لأن مصلحتها تكمن في عدم تقديم عائلة على حساب أخرى وألا تكون طرفًا في المعادلات البلدية خوفًا من انعكاس هذا الأمر لاحقًا على مقاربتها للاستحقاق المقبل الانتخابات البرلمانية.

وتؤكد الأوساط الحزبية فقط أن إجراء الانتخابات ضروري ومهم للمرحلة المقبلة، لما تمثله من نهضة تنموية مطلوبة اليوم، خصوصًا بعد جملة الأحداث التي عاشها لبنان عمومًا والبقاع الغربي على وجه الخصوص بما فيها الحرب الإسرائيلية فالقرى والبلدات البقاعية تحتاج إلى دماء جديدة تواكب إعادة الاعمار.

وفي البقاع الغربي وخصوصًا في القرى ذات الغالبية السنية يبدو أن العائلات هي من تقوم برسم خارطة المشهد السياسي من دون تحرك حزبي، هذا الأمر جعل الانقسامات تطاول العائلة الواحدة، والشارع المحلي منقسم على نفسه دون ملامح سياسية حزبية واضحة، وانعكس التقارب العائلي على اللوائح الانتخابية التي تضمنت تحالفات الأضداد السياسية وهناك أحيانا الانتماء السياسي والحزبي الواحد موزع على أكثر من لائحة .

وبدا ذلك واضحا في بيان عائلات وعشائر بلدة الخيارة في البقاع الغربي، الذي جاء فيه " قضى التوافق على تجنيب البلدة اية صراعات بلدية واعادة تسمية الرئيس قاسم مظلوم لولاية كاملة ست سنوات والتوافق ايضا شمل تسمية الاعضاء التسعة".

وأضاف "ان هذا التوافق الذي سعى اليه الرئيس الحالي محمد مظلوم اشاع جوا من الارتياح بين مختلف عائلات البلدة والاهم انه سيكرس المجلس القادم بالاتفاق نحو المشاريع الانمائية واستمرار عملية النهوض الانمائي في الخيارة، التي كان قد اشرف عليها رجل الأعمال الرئيس الحالي محمد مظلوم الذي حول الخيارة الى واحة نموذجية بيئية في المنطقة".

وختم البيان "ان بلدية الخيارة كانت دوما في الطليعة، وفي عهد الرئيس محمد مظلوم استقطبت العديد من القيادات السياسية والعسكرية والحزبية والجمعيات والهيئات الدولية، والاهم كان ان لها دورا سياسيا بارزا على صعيد المنطقة سياسيا واجتماعيا وتنمويا واقتصاديا".

ويرى متابعون انه حتى اللحظة يغيب أي مشروع توافقي في البلدات البقاعية عدا تلك التي تخضع لسيطرة الثنائي الشيعي الذي يسعى جاهدًا لبلورة مجالس بلدية بـ "التزكية" لتجنيب هذا القرى معارك انتخابية، لكنه يصطدم دائمًا بالمؤثرات العائلية لذلك فإن الحراك السياسي الحزبي في منطقة البقاع الغربي يغيب عن تفاصيل الانتخابات البلدية.

ويتبع حزب الله استراتيجية تقوم على تفادي أي انقسامات داخل البيئة الشيعية، وفي الدوائر التي يمتلك فيها نفوذاً واسعاً، لذلك فإن مدينة بعلبك وأغلب البلدات الشيعية ضمن محافظة بعلبك الهرمل، تتجه نحو تزكية اللوائح بالتوافق بين الثنائي وحلفائه التقليديين والعائلات.

والأمر نفسه ينطبق على البلدات التي يتشارك فيها "الثنائي" المجالس البلدية مع الطوائف المسيحية والسنّة، حيث تسير الأمور نحو توافق مشروط، يحافظ فيه "الثنائي" على حصته وتمثيله، بما فيها رئاسة المجالس البلدية وعدد الأعضاء، مع الحرص على إنفاذ تفاهمات مع شخصيات غير مستفزة وتلقى قبولاً ورواجاً عند البيئة الشيعية.

ويأمل أهالي البقاع أن تكون انتخابات البقاع البلدية القادمة فرصة حقيقية للأهالي لاختيار قيادات قادرة على الارتقاء بمستوى قراهم وبلداتهم. بينما التركيز على انتخاب مجالس بلدية مؤهلة هو خطوة ضرورية نحو تحقيق التنمية الثقافية والبيئية والإنشائية التي يتطلّع إليها سكان البقاع. فالأمل معقود على جيل جديد من القيادات، يمتلك الرؤية والمعرفة والإرادة اللازمة لتحويل هذا الأمل إلى واقع ملموس.