تنامي دعوات حل جماعة الإخوان بعد تفكيك خلية الأردن
عمان – تعيش جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب "جبهة العمل الإسلامي" في الأردن، قلقا متزايدا على مصيرها في أعقاب الإعلان عن "إحباط مخططات خلية لتصنيع الصواريخ تضم 16 عنصرا"، كانت "تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي"، بينهم أعضاء على صلة بالجماعة وحماس، وعلى إثرها طالبت أصوات برلمانية بحل جبهة العمل الإسلامي.
ويشهد الأردن منذ يومين حالة غير مسبوقة من التراشق بالاتهامات والاستقطاب بين قطاعات مختلفة من المجتمع بعد الإعلان عن هذه المخططات، غير أن جماعة الإخوان في قلب عاصفة الاتهامات. ومن المتوقع أن يكون هناك "مسارا جديدا يبدأ التعامل مع تنظيم جماعة الإخوان المسلمين"، والتوجه نحو" الفصل" بين الجماعة وذراعها السياسي (حزب جبهة العمل الإسلامي)".
وبدأت دعوات من مسؤولين سابقين، بمحاسبة أي حزب أو تنظيم مرتبط "بالجماعة"، وقال وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة في منشور له على منصة إكس إن "أي تنظيم أو حزب تثبت علاقته بالتنظيم الإرهابي يجب أن يعاقب قانونيا بالحل والتصنيف كتنظيم إرهابي محظور".
وينص قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022، على أن حل الحزب يتم بقرار من المحكمة تبعا لقرار الإدانة في عدة حالات، من بينها "المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر بدعم التنظيمات والجماعات التكفيرية والإرهابية أو الترويج لها".
وأول إعلان كان عن وجود أشخاص متهمين بالقيام بإعداد سلاح وتأهيل وتدريب ووجود مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، كان من خلال تصريح لوزير الإعلام الأردني مساء الثلاثاء، تلاه تسجيلات لاعترافات لأبرز أعضاء الخلية، وبعد ساعتين جاءت الاعترافات أوسع وأوضح وأكثر إقناعا، لدرجة أن منهم من تحدث عن تصنيع الطائرات المسيرة.
وكشفت دائرة المخابرات العامة الأردنية، عن القبض على "16 ضالعا بتلك المخططات تم متابعتهم منذ العام 2021"، فيما تم بث اعترافات موسعّة لعدد من أعضاء الخلية في وقت لاحق مساء، أكد بعضهم انتماءهم التنظيمي "لشعب إخوانية" في الجماعة.
وظهر في الاعترافات المصوّرة 8 من المتهمين في القضية، وتم الكشف عن هوية وأسماء 4 آخرين، فيما لم يتم الكشف عن هوية أو تسجيل اعتراف المتهم الرئيسي إبراهيم محمد.
ونُشرت اعترافات 3 متهمين هم عبدالله هشام ومحسن الغانم ومعاذ الغانم، في قضية تصنيع الصواريخ، مؤكدين انتماءهم لـ"إخوان الأردن"، كما نقلوا أبرز تحركاتهم لنقل فكرة تصنيع الصواريخ في الأردن.
وفي قضيتي التجنيد، نُشرت اعترافات العضو في جماعة الإخوان المسلمين خضر عبدالعزيز، الذي أكد انتسابه للجماعة منذ 1975، حيث يترأس حاليا المكتب الإداري لشعبة إخوان مدينة الزرقاء وحزب "جبهة العمل الإسلامي". وقال في التسجيل، إنه قدم دورة "فكرية وأمنية متقدمة، لاثنين من شباب الإخوان المسلمين النشيطين"، كما تمت الإشارة إلى أيمن عجاوي ومحمد خليل، بأنهما مسؤولين في القضية.
ونشر في قضية التجنيد الثانية اعترافات على لسان المتهم مروان الحوامدة المنتمي للإخوان منذ 13 عاما، والمتهم أنس أبو عواد، وتحركاتهما خارج الأردن للقاء عناصر والتنسيق للتدريبات والتجنيد لشباب أردنيين، وعقدت عدة لقاءات منها لقاء في منطقة العزيزية بالسعودية، بحسب ما نُشر من اعترافات.
وفي قضية الطائرات المسيرة، نشرت السلطات الأردنية، اعترافات للمتهم علي قاسم والمتهم عبد العزيز هارون، تحدثوا فيها عن حيثيات التخطيط مع متهمين اثنين آخرين، هما عبدالله الهدار وأحمد خليفة، حول كيفية تصنيع طائرات مسيّرة مشابه لطراز "جلايدر".
وأعلنت الحكومة الأردنية عبر المتحدث الرسمي لها محمد المومني، أن الخلية "ارتبطت بأربع قضايا رئيسية وفق مهام منفصلة شملت؛ تصنيع صواريخ قصيرة المدى يصل مداها بين 3- 5 كم، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروعاً لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج".
وأكد المسؤول الحكومي في رد على استفسارات صحفية خلال إيجاز متلفز أن أعضاء الخلية، لديهم "انتماءات سياسية وهم منتسبون لجماعة غير مرخصة ومنحلة بموجب أحكام القانون، وسوف نجعل الرأي العام الأردني يسمع من المتهمين بالفيديو الذي سينشر".
وأسندت محكمة أمن الدولة إلى هؤلاء المتهمين عددا من التهم بعد انتهاء الإجراءات القانونية، وأسندت لبعض المتهمين تهمة جناية التدخل بتصنيع أسلحة بقصد استخدامها على وجه غير مشروع، وتهمة خيانة والقيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام، وتهمة تصنيع الصواريخ لاستخدامها أيضا بوجه غير مشروع.
وعلى إثر التطورات المتسارعة، أصدرت جماعة الإخوان التي صدر فيها قرار قضائي "باعتبارها منحلة" في 2020، بيانا قالت فيه إن ما تم الإعلان عنه هي "أعمال فردية على خلفية دعم المقاومة لا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمت لها بصلة".
وأضافت الجماعة في بيانها، إن المرحلة "تتطلب وعيا وطنيا صادقا وتكاتفا مسؤولا وترسيخا للوحدة الوطنية وتمتينا للجبهة الداخلية على قاعدة المصالح الوطنية العليا".
وصدرت عشرات البيانات الحزبية والشعبية والعشائرية المنددة بالمخططات، وقال رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي في بيان إن العبث بأمن الوطن "جريمة وخيانة تستوجب أقصى العقوبات"، وأن اللجوء إلى "الفكر "المليشياوي في ظل دولة قوية يعد جريمة لا تغتفر".
ودعت كتل برلمانية وأحزاب سياسية في بيانات منفصلة، إلى محاسبة المتورطين في المخطط "الإرهابي"، كما دعت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الحالي، إلى محاسبة التنظيمات التي ينتمي لها أعضاء التنظيم، في إشارة إلى جماعة الإخوان.
كما برزت ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي تندد بجماعة الإخوان، وجاء في تعليق:
كما عبر ناشطون عرب عن عدم استغرابهم مما جرى في الأردن لأن تاريخ الجماعة معروف بمثل هذه الممارسات في دول عديدة:
وكتبت ناشطة:
ويشكّل الكشف عن الخلية ومخططاتها الكاملة التي بدأت تحركاتها في عام 2021 بحسب الإعلان الرسمي، محطة مفصلية جديدة في العلاقة بين مؤسسات الدولة الأردنية وجماعة الإخوان، قد تمتد إلى حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذي حصد 31 مقعدا في البرلمان الحالي من أصل 138 مقعدا، في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في سبتمبر/ أيلول 2024، والتي جاءت في أعقاب عملية تحديث سياسي واقتصادي وإداري في البلاد.
وجاء هذا الفوز بعد 4 سنوات من صدور قرار قضائي قضى باعتبار جماعة الإخوان "منحلة" رسميا، ما أفقدها شخصيتها الاعتبارية والقانونية.
ولم يصدر أي تصريح أو تعليق من "حزب جبهة العمل الإسلامي" حول القضية حتى ليل الثلاثاء، فيما أوقفت السلطات الأردنية ليل الاثنين، مدير مكتب كتلة الحزب خالد الجهني.
كما سُجلت عدة اعتقالات سابقة بين صفوف قيادات ونشطاء في "الحركة الإسلامية" وخلال الأيام السابقة، كان آخرها منع محاولة للتظاهر في موقع الجندي المجهول في منطقة الأغوار المحاذية للحدود، ومنع فعالية شعبية في محيط السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية بالعاصمة عمان.
ويرى خبراء أن هذه الأحداث تؤكد على ضرورة تحريك ملف جماعة الإخوان المسلمين "المنحلة" قانونيا، والتي صدر فيها قرار قضائي قطعي بذلك من محكمة التمييز في 2020.
ومنحت الحكومة الأردنية في 2015، ترخيصا جديدا لمجموعة من المنتسبين السابقين لجماعة الإخوان المسلمين "الأم"، وفق مسار فك الارتباط عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث حصل التنظيم الجديد على الترخيص "كجمعية" مسجلة جديدة، ولم تصوّب الجماعة "الأم" وضعها قانونيا.
ومساء الأربعاء، تحدث نائب عن أن مجلس النواب يستطيع أن يجمد أو يلغي عضوية أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب.
وكانت هناك ردود مباشرة للمجتمع الأردني، أبرز ردود الفعل كانت إصدار بيانات من أبناء العشائر والقبائل والتجمعات السكانية في الأردن.
والأردن حليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، وشارك بفعالية في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.
وتتمتع المملكة باستقرار نسبي مقارنة بدول أخرى في إقليم ملتهب، وأحبطت سابقا العديد من المخططات لاستهداف أمنها واعتقلت متورطين فيها.