خطة بديلة تعيد التيار الصدري للمشهد الانتخابي

مقرب من مقتدى الصدر يؤكد أن الخطة البديلة تتمثل في تشكيل قائمة انتخابية تشريعية تمثل الصدريين دون أن تكون مدعومة رسميًا وبشكل مباشر من قيادة التيار.
الخطة البديلة ستساهم في خلط أوراق التحالفات السياسية قبل الانتخابات
الحديث عن الخطة يعكس حالة من التذبذب طبعت علاقة التيار الصدري بالانتخابات
بعض الكتل قد تبادر إلى فتح قنوات تفاوض مع التيار الصدري قبل الانتخابات

بغداد - في تطور قد يُعيد خلط التوازنات السياسية في العراق، كشف مصدر مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الاثنين، عن وجود خطة بديلة تتيح مشاركة التيار في الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر/تشرين الأول المقبل، في تراجع غير معلن عن الموقف الرافض الذي سبق وأعلنه الصدر بشكل صريح في مارس/آذار الماضي.
وقال المصدر وفق ما نقله عنه موقع " شفق نيوز" الكردي العراقي إن "قرار الصدر بمقاطعة الانتخابات ليس نهائيًا، وهناك احتمال للتراجع عنه في حال حدوث تغيرات سياسية مهمة خلال الشهرين المقبلين"، مشيرًا إلى أن هناك خطة بديلة مطروحة للنقاش داخل الدوائر المقربة من الصدر في الحنانة، معقل زعيم التيار في النجف.

احتمال التراجع عن المقاطعة في حال حدوث تغيرات سياسية مهمة خلال الشهرين المقبلين

وتقوم الخطة البديلة، وفق المصدر، على تشكيل قائمة انتخابية تمثل الصدريين، دون أن تكون مدعومة رسميًا ومباشرًا من الصدر، على غرار ما حدث مع قائمة سائرون التي نافست بقوة في انتخابات 2018 وحصلت على المرتبة الأولى حينها.
ويعكس الحديث عن هذه الخطة حالة التذبذب والتردد التي طبعت علاقة التيار الصدري بالعملية الانتخابية في العراق منذ انسحابه المفاجئ من البرلمان في يونيو/حزيران 2022، والذي جاء على خلفية احتجاجات سياسية ومواجهات حادة مع الإطار التنسيقي الشيعي. وكان الصدر قد وجّه حينها نوابه البالغ عددهم 73 إلى الاستقالة الجماعية، معلنًا رفضه المشاركة في أي انتخابات تحت مظلة من وصفهم بـ"الفاسدين".
وفي مارس/اذار الماضي، شدد الصدر على عدم مشاركته في الانتخابات، مبررًا قراره باستمرار الفساد وسيطرة المصالح الطائفية على مفاصل العملية السياسية، قائلاً إن "العراق يعيش أنفاسه الأخيرة". كما دعا أنصاره إلى مقاطعة التصويت وعدم الترشح، معتبراً أن المشاركة "إعانة على الإثم"، في خطاب يحمل نبرة حاسمة.
ومع ذلك، ظل موقف التيار ملتبسًا، لا سيما مع استمرار تحركات تنظيمية على الأرض، من بينها دعوات لتحديث السجلات الانتخابية، وزيارات لقيادات صدرية لمناطق ذات ثقل انتخابي. كما أفادت تقارير بأن العديد من الكتل السياسية، من مختلف المكونات، أرسلت ممثلين عنها إلى النجف لاستطلاع موقف الصدر من الانتخابات، وسط قناعة متزايدة بأنه لا يزال عنصرًا حاسمًا في المشهد السياسي.
ويُعد الإعلان – غير الرسمي حتى الآن – عن احتمال عودة التيار الصدري، عاملًا مفاجئًا من شأنه إعادة رسم التحالفات الانتخابية القائمة، وخصوصًا في صفوف القوى الشيعية. فبعد انسحاب التيار الصدري، تشكل ما يُعرف بـ"الإطار التنسيقي" كتحالف سياسي شيعي يقود المشهد، متحالفًا مع قوى سنية وكردية لتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
ويخشى كثير من الساسة داخل هذا الإطار من تأثير عودة الصدر على توازن القوى، خاصة أنه يحظى بقاعدة شعبية واسعة بين الشباب وفقراء المدن، ويتمتع بتنظيم سياسي وديني شديد الانضباط. ووفق مصادر سياسية مطلعة، فإن بعض الكتل قد تبادر إلى فتح قنوات تفاوض مع التيار الصدري، طمعًا في تحالفات انتخابية قبل إغلاق باب تسجيل الكيانات السياسية.
وتثير عودة التيار الصدري المحتملة إلى المشهد الانتخابي تساؤلات حول التوقيت والدوافع. فهل هي مناورة سياسية تهدف للضغط على خصومه السياسيين؟ أم أنها قراءة جديدة للواقع العراقي المتغير في ظل التحديات الاقتصادية والاحتقان الشعبي المتزايد؟
ويقول محللون إن مقتدى الصدر يدرك أن الغياب التام عن العملية السياسية قد يؤدي إلى فقدان نفوذه التدريجي داخل الدولة، وإن اللجوء إلى خطة بديلة عبر قائمة غير مباشرة يمنحه مرونة في التحكم دون تحمّل تبعات مباشرة لأي فشل انتخابي أو سياسي.
ورغم كل المؤشرات، لا يزال القرار النهائي للمشاركة قيد الانتظار، وربما يُحسم في اللحظات الأخيرة قبيل إغلاق باب تسجيل القوائم الانتخابية. وتبقى العوامل السياسية والأمنية وتطورات العلاقة مع الأطراف الشيعية الأخرى، خاصة الإطار التنسيقي، حاسمة في تحديد ما إذا كان التيار سيخوض الاستحقاق المقبل بالفعل.
ويبقى من المؤكد أن مجرد احتمال عودة الصدريين سيزيد من حدة المنافسة ويغير من طبيعة الاصطفافات، خاصة في المحافظات الجنوبية التي تشكل معقلًا أساسيًا للتيار. كما قد يسهم هذا الإعلان – ولو بشكل غير رسمي – في رفع نسبة المشاركة الشعبية، التي تراجعت بشكل حاد في الانتخابات الأخيرة وسط مقاطعة واسعة وسخط عام على الأداء السياسي.