هل يمد الذكاء الاصطناعي يده لقطاع رعاية المسنين أم يجرده من إنسانيته؟
لندن – هل يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل قطاع رعاية كبار السن بدء من روبوتات لتدريب مقدمي الرعاية وأجهزة استشعار تراقب الأشخاص أثناء نومهم، وصولا الى تطبيق يمكنه اكتشاف ما إذا كان شخص ما يتألم.
ويستخدم قطاع الرعاية بشكل متزايد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي (AI) لرعاية السكان المسنين المتزايدين في المملكة المتحدة.
ورغم ذلك، حث الخبراء الناس على التفكير في المخاطر المحتملة من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع.
تقول الدكتورة كارولين غرين من جامعة أكسفورد: "الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون جزءًا من الحل، لكنه لا يمكن أن يكون الحل الكامل".
وتضيف غرين، مديرة الأبحاث في معهد أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والتي تحدثت في قمة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الاجتماعية في مارس:
أشارت إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تكون عرضة للتحيزات، مما يعزز التمييز والأحكام المسبقة، كما عبرت عن المخاوف المتعلقة بمشاركة البيانات الشخصية مع هذه التكنولوجيا.
وتابعت: "في الوقت الحالي، لا توجد سياسة حكومية رسمية توجه استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الاجتماعية".
وأضافت: "ما إذا كان هذا سيكون مفيدًا للأشخاص الذين يحتاجون الدعم، يعتمد على السياسات التي ستُوضع، وعلى الخيارات التي سيستمر الناس في الحصول عليها، مثل إمكانية رفض استخدام الذكاء الاصطناعي في رعايتهم، كما يعتمد على ما إذا كانت هناك نية للسماح للتكنولوجيا بتولي الرعاية والتفاعل الإنساني بالكامل".
يعتمد على السياسات التي ستُوضع
واختتمت: "نحتاج إلى أن نكون حذرين جدًا فيما يتعلق بالخيارات التي سيملكها الناس مستقبلًا، وكيف سيبدو شكل الرعاية الاجتماعية في ظل الذكاء الاصطناعي".
تقليل السقوط
توماس تريدينك، مدير شركة AllyCares، يستخدم أجهزة استشعار لمراقبة غرف المقيمين في دور الرعاية ليلًا، والاستماع لأي أمر غير عادي.
ترسل هذه الأجهزة تسجيلات صوتية لأي حادث إلى مقدمي الرعاية المناوبين ليقرروا كيفية التصرف.
وقال من دار "أوك لاندز" في ساوثامبتون، حيث يُستخدم هذا النظام، إن ذلك وفّر على الموظفين القيام بجولات تفقدية ليلية متكررة، مما ساعد السكان على النوم بشكل أفضل.
وأضاف: "موظفو الرعاية يقدمون العناية لمن يحتاجها فعلًا".
ويؤكد أن النظام ساعد في تقليل الحالات الصحية القابلة للمنع، مثل السقوط والتهابات الصدر، قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى دخول المستشفى.
كريستين هربرت، ابنة المقيمة بيتى (99 عامًا)، قالت إنها كانت مترددة في البداية عندما علمت أن والدتها "تُراقب" عبر الذكاء الاصطناعي، ووصفت التقنية بأنها "جهاز مراقبة للأطفال".
لكنها شعرت بالاطمئنان بعد أن أُطلعت على البيانات التي أظهرت كيف تتم مراقبة والدتها دون إزعاجها أثناء الليل.
تطبيق لاكتشاف الألم
في دار "إلمبروك كورت" في أوكسفوردشير، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف ما إذا كان السكان يعانون من الألم.
قالت آيسلين موليي، نائبة مدير الدار: "قد يكون من الصعب جدًا تحديد ما إذا كان المقيم غير القادر على الكلام يتألم".
ويستخدم الموظفون تطبيقًا على الهاتف يُدعى "Painchek"، حيث يمسح وجه المقيم بحثًا عن مؤشرات الألم، ثم يجيبون على بعض الأسئلة، ليحصلوا فورًا على نسبة مئوية تشير إلى مستوى الألم.
وأكدت موليي أن هذا أحدث "فرقًا كبيرًا"، إذ ساعدهم في التعاون مع الأطباء المحليين لتحديد الأدوية المناسبة.
كما استخدموه لطمأنة العائلات بأن أحبّاءهم في الرعاية التلطيفية لا يعانون.
وشددت على أن البيانات مشفرة ومحمية بكلمات مرور، ولا يراها إلا موظفو الدار فقط.
روبوتات لتدريب مقدمي الرعاية
في معهد الروبوتات بجامعة أكسفورد، يأمل الباحثون أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي أيضًا لتدريب مقدمي الرعاية.
ماركو بونتين، الباحث المساعد، وفريقه طوّروا روبوتًا يتفاعل مع اللمس البشري، حيث يمكن برمجته ليشعر بالألم في مناطق معينة، ويرتجف إذا كان اللمس قاسيًا.
سيُختبر هذا الروبوت مع طلاب العلاج الوظيفي في جامعة أكسفورد بروكس.
قال بونتين إن الفريق يأمل في استخدام الروبوت كـ"توأم رقمي" للمرضى، حيث يمكن برمجته بنفس الحالات الصحية، مما يسمح لمقدمي الرعاية بممارسة مهاراتهم بأمان.
وأضاف: "مع تزايد عدد كبار السن، يصبح من الصعب توفير الرعاية للجميع، لذا فإن التوأم الرقمي يمكن أن يساعد المعالجين المهنيين في متابعة حالات مرضاهم دون الحاجة للتواجد الدائم معهم".