أزمة سيولة تحد من قدرة بغداد على تنفيذ مشاريع واعدة

تفاقم الأزمة المالية مع تراجع أسعار النفط ينذر بعجز حكومة السوداني عن تمويل المشاريع المبرمجة.

بغداد - يلقي نقص السيولة بظلال من الشك على تنفيذ العشرات من المشاريع التنموية التي أقرتها حكومة محمد شياع السوداني التي تواجه تحدّي إيجاد منافذ لتنفيس أزمة مالية ينتظر أن تتفاقم نتيجة تراجع أسعار النفط، ما أثار مخاوف من عجز البلاد عن الإيفاء بتعهداتها المالية وأبرزها تأمين رواتب موظفي الدولة. 

وأشار موقع "زاوية" الإماراتي المتخصص في الشؤون الإقتصادية، إلى أن "العراق خصص أكثر من 100 مليار دولار لتنفيذ مشاريع خلال الأعوام المقبلة في عدة مجالات من بينها البنية التحتية والكهرباء والمياه والإسكان والسياحة"، مضيفا أن "نقص السيولة يهدد بعجز بغداد عن تمويل كافة المشاريع المبرمجة".

وأشار إلى أن "العراق أصدر الشهر الماضي سندات بلغت قيمتها 2.3 مليار دولار في محاولة لمعالجة عجز الموازنة المتزايد"، في خطوة ضاعفت المخاوف بشأن الوضع الاقتصادي والمالي، كما أثارت جدلا واسعا حول استراتيجيات الحكومة التي تواجه انتقادات بسبب إخفاقها في تنويع مصادر الاقتصاد الذي ظل معتمدا بشكل كلي على صادرات النفط.
ويشكل النفط نحو 95 بالمئة من إيرادات الدولة العراقية، ما يجعل الميزانية شديدة الحساسية لتقلبات الأسعار العالمية، فيما يؤدي أي انخفاض حاد في أسعار الخام إلى تراجع كبير في الإيرادات وزيادة العجز.

واعتبر التقرير أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها حكومة السوداني تناقض تطميناتها بشأن الوضع المالي، لا سيما مع تأخر مشروع ميزانية 2025.

وكشف أن "وزارة المالية أصدرت في الربع الأول من العام الحالي سندات بقيمة تزيد عن 7 تريليونات دينار عراقي (5.4 مليارات دولار) لتسديد رواتب موظفي القطاع العام"، مردفا أن "هذه الأموال لم تكن كافية ما دفع الحكومة إلى السماح للوزارة سحب ما يقارب 3 تريليونات دينار عراقي (2.3 مليار دولار) من مدخرات الضرائب لخمس سنوات لصرف رواتب شهر أبريل/نيسان والأشهر التالية".

ونقل الموقع عن أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسوم قوله إن "بغداد حققت أرباحا صافية تتخطى 30 تريليون دينار عراقي (23 مليار دولار) من تصدير النفط خلال الربع الأول من العام 2025 وذلك بناء على متوسط سعر خام بلغ حوالي 72 دولارا للبرميل"، مستدركا أنه "رغم ذلك فإن الحكومة استخدمت مدخرات الضرائب لدفع رواتب موظفي الدولة فقط".

وتوقع تدهور الوضع المالي في ظل انخفاض أسعار النفط التي قد تستمر في التراجع لتصل إلى 50 دولارا للبرميل.

وتواجه الحكومات المتعاقبة في البلد النفطي انتقادات بسبب تركيزها على زيادة الإنفاق الحكومي، خاصة على الرواتب والمعاشات التقاعدية التي تستنزف نحو 40 بالمئة من الميزانية، مما حدّ من قدرة البلاد على الاستثمار والتنويع الاقتصادي.

كما يعد الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية من الأسباب الرئيسية لتبديد الأموال العامة وسوء إدارة الموارد، مما يقلل من الإيرادات المتاحة ويزيد من النفقات غير الضرورية.

وفشلت الحكومات المتعاقبة في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، ما أبقى البلد مرتهنا إلى تقلبات السوق  فيما أدى عدم الاستقرار السياسي والأمني إلى عرقلة جهود التنمية الاقتصادية.

ويرى مراقبون أن العراق اعتمد خلال الأعوام الأخيرة سياسات مالية تهدف إلى زيادة الإنفاق العام دون أن يقابلها تحسينات في البنية التحتية أو زيادة الإنتاجية، مما أدى إلى عجز مالي دون تحقيق عوائد اقتصادية مستدامة.

وتلجأ بغداد غالباً إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي لتمويل العجز، مما يزيد من حجم الدين العام ويفاقم أعباء خدمة الدين المستقبلية.

ويشكل العجز المالي تحديا كبيرا يواجه العراق ويتطلب معالجة جذرية من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل ومكافحة الفساد وترشيد الإنفاق وتحقيق الاستقرار.