تحول في الشراكة الدفاعية المغربية المصرية نحو تكامل استراتيجي

الشراكة المغربية المصرية الدفاعية لا تعتبر مجرد تعاون عسكري تقني، بل هي خطوة استراتيجية تعكس رغبة في تعزيز القدرات الذاتية والمساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن على المستويين الإقليمي والقاري.

القاهرة – أفادت تقارير إعلامية بأن وزير الدولة المصري للإنتاج الحربي محمد صلاح الدين مصطفى ناقش مؤخرا مع السفير المغربي لدى القاهرة محمد اَيت وعلي، فرص توسيع الشراكة في الصناعات الدفاعية بين البلدين ضمن جهود تعزيز العلاقات الثنائية ووسط تقارب لافت عززه الموقف المصري الداعم لمغربية الصحراء وانسحاب مصر من مناورات عسكرية تنظمها الجزائر احتجاجا على مشاركة جبهة بوليساريو الانفصالية فيها.

وتأتي النقاشات وسط تحولات جيوسياسية متسارعة تُعيد تشكيل التوازنات الإقليمية، استدعت من البلدين العمل على تطوير شراكتهما الاستراتيجية في مجال الدفاع.

ويحمل التقارب المغربي المصري وعمل البلدين على تعزيز هذا التقارب والشراكة في مجال الدفاع دلالات عميقة ومتعددة، تعكس توجهات استراتيجية لكليهما في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.

وتتيح الشراكة تبادل الخبرات في مجالات التدريب والتصنيع العسكري والتكنولوجيا الدفاعية، مما يساهم في تطوير قدرات البلدين كما من شأنها تعزيز التكامل العسكري بما يشمل إجراء تدريبات عسكرية مشتركة وتنسيق العمليات في مواجهة التهديدات المشتركة.

ويمكن أن تفضي هذه الشراكة إلى مشاريع مشتركة في مجال الصناعات الدفاعية، مما يقلل الاعتماد على الخارج ويخدم مصالح البلدين وهو ما يظهره اللقاء الأخير بين السفير المغربي لدى القاهرة مندوب المملكة لدى جامعة الدول العربية ووزير الإنتاج الحربي المصري.

وتعزز الشراكة بين البلدين سبل مكافحة الإرهاب والتطرف وهو تحد مشترك لا يهدد بلدا بعينه بقدر ما يهدد أمن المنطقة واستقرارها. والشراكة الدفاعية من شأنها أن تعزز التعاون في تبادل المعلومات والتنسيق لمكافحة الإرهاب العابر للحدود.

وتتشارك مصر والمغرب في العديد من المصالح الاستراتيجية في المنطقة والشراكة الدفاعية تعزز قدرتهما على حماية تلك المصالح.

ويمكن للشراكة أن تكون نواة لتكتل إقليمي قوي قادر على مواجهة التحديات واتخاذ قرارات مستقلة في ظل التغيرات الدولية المتسارعة. وتعتبر مصر والمغرب دولتان محوريتان في العالم العربي وتعاونها الدفاعي يعزز الأمن القومي العربي بشكل عام.

كما يساهم التقارب والشراكة الدفاعية بين البلدين في حفظ السلام والأمن في أفريقيا، اذ يلعب المغرب ومصر أدوارا مهمة في القارة الأفريقية وتعزيز الشراكة الدفاعية بينهما يمكن أن تعزز جهودهما في حفظ السلام والاستقرار.

كما تعكس الشراكة الدفاعية مستوى متقدما من الثقة والتفاهم بين القيادتين في البلدين وتعمق العلاقات الاستراتيجية الشاملة، في رسائل قوية إلى الأطراف الإقليمية والدولية حول وحدة الصف والتنسيق بين الدول العربية.

وتأتي الشراكة بين المغرب ومصر في ظل التحولات الجيوسياسية، فيما تسعى الدول إلى تنويع شركائها الاستراتيجيين.

والشراكة المغربية المصرية الدفاعية ليست مجرد تعاون عسكري تقني، بل هي خطوة استراتيجية تعكس إدراكا مشتركا للتحديات والفرص، ورغبة في تعزيز القدرات الذاتية والمساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن على المستويين الإقليمي والقاري.

وبحسب مصادر مصرية ومغربية ركزت المباحثات بين السفير المغربي ووزير الإنتاج الحربي المصري على توسيع حضور الشركات المصرية المتخصصة في الصناعات العسكرية بالسوق المغربية وجذب استثمارات مغربية مماثلة نحو مصر.

كما تعكس المباحثات في توقيتها حرص البلدين على تعزيز التحالف الاقتصادي الاستراتيجي، الذي أفضى إلى إطلاق 'المنتدى المصري المغربي للاستثمار والتجارة' وهو خطوة مهمة تؤسس لتجاوز الخلافات والتوترات التجارية السابقة ضمن جهود تشمل تعزيز التعاون في عدة مجالات أبرزها الصناعات الدفاعية.

ويأتي هذا الاجتماع في إطار التحالف الاقتصادي الاستراتيجي بين البلدين، الذي تجسد بإطلاق “المنتدى المصري المغربي للاستثمار والتجارة”، بهدف تجاوز التوترات التجارية السابقة وتعزيز التعاون في مجالات متعددة، أبرزها الصناعات الدفاعية.

ويمكن القول إن الاجتماع الأخير يوفر فرصة استكشافية قد تعبد الطريق لتوسيع مجالات التعاون مع ما تمتلكه مصر من خبرات واسعة في الصناعات الدفاعية تمكن المغرب من الاستفادة منها. كما يمكن للقاهرة الاستفادة من الخبرات المغربية مع التحولات التي تشهدها المملكة التي تمثل منصة استراتيجية تربط أوروبا بافريقيا.

وتناغما مع هذا التحول في العلاقات بين البلدين، كانت مصر قد اتخذت قرار جريئا برفضها الانجرار وراء محاولات الجزائر توفير غطاء شرعية وهمية لميليشيا بوليساريو وإعلان القاهرة الانسحاب من مناورات عسكرية تنظم على الأراضي الجزائرية، حرصا على علاقاتها الاستراتيجية مع المغرب ورفضا لإشراك كيان وهمي غير شرعي في تلك المناورات.

وتدرك القاهرة أن قرارها قد يسبب لها توترات وخلافات مع الشريك الجزائري، لكنها تعاملت مع التحايل والخداع الذي تمارسه الجزائر بحكمة وعقلانية ووفق موقفها المعلن الداعم لوحدة المغرب وسيادته على كل أراضيه بما فيها الصحراء محل النزاع مع الجبهة الانفصالية المدعومة جزائريا.