'أوبن آي' تقتحم عالم العتاد متسلحة بالأب الروحي لتصاميم آبل
واشنطن - أعلنت شركة "أوبن آي" (OpenAI)، المطوِّرة لـ"تشات جي بي تي" (ChatGPT)، عن استحواذها على شركة ناشئة في مجال العتاد التكنولوجي تدعى آي أو (io)، أسسها المصمم الأسطوري في شركة آبل، جوني آيف، مقابل 6.4 مليار دولار، في أكبر صفقة استحواذ للشركة حتى الآن.
هذا التعاون لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة شراكة دامت عامين بين آيف والرئيس التنفيذي لـ"أوبن آي"، سام ألتمان كما كشفا في تدوينة مشتركة عبّرا فيها عن أن علاقتهما، المبنية على الصداقة والفضول والقيم المشتركة، تحوّلت بسرعة إلى مشروع طموح، حيث تطورت الأفكار الاستكشافية إلى تصاميم ملموسة.
وبحسب ما جاء في التدوينة، فإن فريق "آي أو" سيلتحق بـ"أوبن آي" للعمل بشكل أكثر قربًا مع فرق البحث والهندسة والمنتجات في مقر الشركة في سان فرانسيسكو. لكن جوني آيف لن ينضم كموظف مباشر في "أوبن آي"، بل ستتولى شركته لاففروم (LoveFrom) الإشراف على تصميم كافة منتجات الشركة، بما في ذلك البرمجيات، حسب ما أفادت به وكالة بلومبرغ (Bloomberg).
وجوني آيف، الذي غادر آبل سنة 2019 بعد مسيرة دامت 27 عامًا وكان فيها من أبرز مصممي المنتجات، معروف بتصاميمه البسيطة والأنيقة واهتمامه بالتفاصيل الدقيقة مثل الخطوط والتغليف. من أشهر ابتكاراته: كمبيوتر "آي ماك" الملوّن، أول "آيبود"، "آيفون"، "ماكبوك إير"، "آبل ووتش"، و"إيربودز". وفي عام 2012، منحته الأميرة آن وسام الفروسية في قصر بكنغهام، وهو تكريم وصفه بأنه "مُثير ومتواضع للغاية".
تأسست "آي أو" قبل سنة فقط، ضمن مشروعه الإبداعي الأكبر "لاففروم"، وهو استوديو تصميم يضم معماريين وفنانين ومهندسين وموسيقيين وكتّابًا.
ومن بين زبائنها "لاففروم": دار المزادات "كريستيز" (Christie’s)، شركة "إير بي إن بي" (Airbnb)، وشركة "فيراري" (Ferrari). ويُقال إن آيف يُشرف أيضًا على تصميم المقر الرئيسي لـ"لاففروم" في سان فرانسيسكو، والذي سيكون أيضًا مقرًا لمشروعه الجديد مع "أوبن آي".
تُشير هذه الصفقة إلى أن "أوبن آي" تتجه بجدية نحو دخول عالم الأجهزة المادية، خاصة في ظل توظيفها خبراء في مجال العتاد والروبوتات، مثل كايتلين كالينوفسكي (Caitlin Kalinowski)، التي كانت تقود مشروع نظارات الواقع المعزز في "ميتا".
ووفق ما كتبته في منشور على "لينكد إن" (LinkedIn)، فإن دورها في "أوبن آي" يركز على "الروبوتات والشراكات لجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من العالم المادي".
كما استثمرت "أوبن آي" في شركة روبوتات تُدعى فيزيكال إنتيليجنس (Physical Intelligence)، تهدف إلى نقل الذكاء الاصطناعي العام إلى المجال الفيزيائي.
ويأتي هذا التوسع في وقت يتدفق فيه التمويل على "أوبن آي"، إذ تُقدّر قيمتها السوقية الآن بـ300 مليار دولار، حسب "بلومبرغ". وفي مارس/آذار، أغلقت جولة تمويلية بقيمة 40 مليار دولار بقيادة مجموعة "سوفتبانك" اليابانية. كما أن "مايكروسوفت" تملك حصة 49% بعد استثمارها 13 مليار دولار سنة 2023.
تهديد مباشر لـ"آيفون"
عودة جوني آيف إلى مجال تصميم الكمبيوترات تأتي في لحظة حرجة بالنسبة لآبل. فحتى كبار مسؤوليها يرون أن أجهزة الذكاء الاصطناعي قد تُهدد مستقبل "آيفون". إذ قال إيدي كيو (Eddy Cue)، مدير خدمات آبل، في شهادة أمام المحكمة مؤخرًا إن هذه الأجهزة قد تُستبدل "آيفون" خلال عشر سنوات، رغم أن الفكرة قد تبدو "مجنونة"، بحسب تعبيره.
في الوقت نفسه، لا تزال المساعد الرقمي "سيري" متأخرًا عن منافسيه مثل "تشات جي بي تي" و"جيميني" (Gemini) من غوغ"، إذ يظل في جوهره نظامًا للرد على الأسئلة وليس محادثًا ذكيًا. وقد اضطرت آبل إلى التعاون مع "أوبن آي" لدمج "تشات جي بي تي" ضمن ميزات "آبل إنتليجنس" (Apple Intelligence).
ورغم أن "أوبن آي" لم تكشف بعد عن الأجهزة التي تعمل عليها، فإنها وعدت بالكشف عنها العام المقبل. وأعادت هذه الخطوة للأذهان الحقبة الذهبية لآيف، حين لم يكن أي منتج جديد من آبل يطلق دون فيديو أنيق بصوته الهادئ يشرح التصميم بدقة.
انا متأكد تمامًا أننا على حافة جيل جديد من التكنولوجيا يمكن أن يجعلنا أفضل مما نحن عليه
وفي الفيديو الجديد الذي أعلن فيه عن شراكته مع "أوبن آي"، قال آيف: "أنا متأكد تمامًا أننا على حافة جيل جديد من التكنولوجيا يمكن أن يجعلنا أفضل مما نحن عليه".
أما سام ألتمان، فقال إنه متحمّس للعمل مع آيف لإطلاق "جيل جديد من الحواسيب المدعومة بالذكاء الاصطناعي".
وحاولت شركات عديدة حاولت خوض غمار أجهزة الذكاء الاصطناعي، لكن معظمها لم يحقق النجاح. من بينها شركة هومين (Humane)، التي أسسها موظفون سابقون في آبل، وابتكرت دبوسًا صغيرًا بمسقط ضوئي يُجري مكالمات ويُجيب على الأسئلة. لكن منتجها الذي بلغ سعره 700 دولار لم ينجح في السوق، وانتهى بها المطاف إلى بيع الشركة لـ"إتش بي" (HP).
كما طُرح جهاز رابِت آر1 (Rabbit R1) بسعر 199 دولارًا، ويستخدم نموذجًا من "أوبن آي" للرد على الأسئلة، لكنه تلقى تقييمات سيئة. وقال آيف لبلومبرغ إنه "منتج سيئ".
من جهتها، حققت نظارات "راي بان" الذكية من شركة "ميتا" نجاحًا لافتًا، إذ باعت أكثر من 2 مليون وحدة، وتُتيح إجابات صوتية باستخدام نماذج "لاما" (LLaMA) للذكاء الاصطناعي، مع كاميرات مدمجة لتصوير الفيديو.
أما غوغل، فقد أعلنت مؤخرًا عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة ونظارات ذكية تجريبية تعمل ببرمجية "أندرويد إكس آر" (Android XR) ستُنتجها شركات مثل "واربي باركر" (Warby Parker). وتُمكِّن مساعدها "جيميني" من الدخول في "وضع الوكيل" لإنجاز المهام، لكنها لا تزال غير قادرة على استبدال "سيري" كمساعد افتراضي على أجهزة آبل.