غياب إيران وتركيا عن مؤتمر بغداد للمياه يعكس حجم الخلافات

رئيس الوزراء العراقي يعلن عن إطلاق مبادرة إقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، منتقدا محدودية التعاون بين دول الجوار في مجال المياه.

بغداد - يشير غياب إيران وتركيا عن مؤتمر بغداد للمياه، الذي تم خلاله إطلاق مبادرة لحماية نهري دجلة والفرات، إلى استمرار الخلافات بين الدول الثلاثة حول حصة العراق من مياه النهرين، فيما لم تفض مفاوضات ماراثونية إلى التوصل إلى اتفاق لتسوية الأزمة التي فاقمت معضلة الجفاف في العراق.

واعتبرت وزارة الموارد المائية العراقية مشاركة دول الجوار في المؤتمر دون المطلوب، فيما يبعث عدم إرسال أنقرة وطهران وفودا لحضور الفعالية برسائل تفيد بعدم استعدادهما للانخراط في المبادرة.

ويعاني العراق من عدة صعوبات للحصول على حصته الكافية من المياه من جارتيه تركيا وإيران، حيث أن نهري دجلة والفرات وروافدهما ينبعان من أراضي هاتين الدولتين.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال المؤتمر عن إطلاق مبادرة إقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، مشيرا إلى محدودية التعاون بين دول الإقليم في المجال.

وقال إن "الشراكة المسؤولة على المستويين الوطني والدولي في إدارة المياه يمكن أن تفتح الطريق نحو الحلول المستدامة وتقليل آثار التغير المناخي والحفاظ على ثروة المياه".

ونقل موقع "شفق نيوز" عن المتحدث باسم الوزارة قوله إن "الحضور اقتصر على إدارات عامة وهو ما لا يرقى إلى حجم التحديات التي يواجهها ملف المياه في المنطقة"، مضيفا "كنا نأمل أن تكون مشاركة دول الجوار بمستوى أعلى"، لافتا إلى أن بغداد وجهت دعوات رسمية إلى كل من تركيا وسوريا وإيران للمشاركة في المؤتمر، فيما عزا غياب الدول الثلاثة إلى "إدارة دبلوماسية".

ويشكل ملف المياه إحدى أبرز الملفات الشائكة بين العراق وجارتيه إيران وتركيا، حيث قامت أنقرة خلال الأعوام الأخيرة ببناء العديد من السدود الكبرى على نهري دجلة والفرات ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول.

ولطالما أكدت بغداد أن هذه السدود أدت إلى انخفاض حاد في تدفق المياه إلى أراضي البلاد وأثرت على الزراعة والأمن الغذائي، كما قامت إيران بتحويل مجاري بعض الأنهار وروافدها التي تصب في العراق، مما أدى إلى جفاف بعض الأنهار الفرعية وانقطاع مياه الشرب وتضرر المحاصيل الزراعية في بعض المناطق العراقية.

ويشهد العراق موجات جفاف متكررة بسبب شح الأمطار، مما تسبب في تفاقم أزمة نقص المياه وجعل البلاد أكثر اعتمادًا على المياه القادمة من تركيا وإيران.

وهددت الحكومة العراقية في وقت سابق برفع شكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية ضد إيران بسبب قطعها للمياه، في إطار ضغطها على بغداد لتحقيق مكاسب في عدة قضايا.

ويُتوقع أن تزداد حدة الجفاف في المستقبل بسبب تغير المناخ، مما سيضاعف الضغط على الموارد المائية المحدودة.

وشهد العراق في أكثر من خروج مظاهرات عارمة طالب خلالها المحتجون بحلول عاجلة لأزمة المياه، فيما اتهم بعضهم تركيا بتعطيش بلادهم بسبب السدود التي شيدتها على النهرين وأدت إلى حبس مياههما ومن أبرزها سد أليسو الضخم على نهر دجلة الذي تناهز سعته التخزينية 11 مليار متر مكعب.

ولا توجد اتفاقيات واضحة وملزمة قانونيا تحدد حصص المياه العادلة للدول المتشاطئة على نهري دجلة والفرات وروافدهما، فيما تعتبر تركيا أن النهرين ليسا دوليين، بل عابرين للحدود ينبعان من أراضيها ولا ترى نفسها ملزمة بتقديم حصة محددة من المياه للعراق وسوريا، بينما تستند بغداد إلى مبادئ القانون الدولي التي تنص على الحق في الحصول على حصة عادلة ومنصفة من المياه المشتركة.

ووقع العراق اتفاقية تعاون في مجال المياه مع تركيا في أبريل/نيسان 2024 تمتد على 10 أعوام وتهدف إلى تطوير سبل التفاهم واعتماد رؤية لتخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود، لكن خبراء قللوا من أهمية الاتفاق بالنظر إلى ضبابيته معتبرين أنه لا يلزم أنقرة بتحديد حصة معينة.

وتبلغ حاجيات بغداد المائية سنويا ما بين 42 و50 مليار متر مكعب تشمل الزراعة والشرب والصناعة والحفاظ على البيئة، في وقت تتراجع فيه حصة البلد من مياه دجلة والفرات بسبب السياسة التركية والإيرانية.

ويعاني العراق من مشاكل في إدارة موارده المائية الداخلية، بما في ذلك شبكات الري القديمة والمتهالكة والتبذير في استخدام المياه في بعض القطاعات، وعدم وجود استراتيجيات فعالة للحفاظ على الماء.