العيون على السعفة الذهبية في ختام كان السينمائي

المهرجان يستعد لمهمة أخيرة هي إعلان الفائزين بجوائزه لهذا العام.

كان (فرنسا) - بعد ما يقرب من أسبوعين عرضت خلالهما أفلام للمرة الأولى وأقيمت المؤتمرات الصحفية لنجوم السينما والحفلات الشاطئية التي استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح، يستعد مهرجان كان السينمائي لمهمة أخيرة هي إعلان الفائز بجائزة السعفة الذهبية لهذا العام.

وتعلن لجنة تحكيم مهرجان كان برئاسة جولييت بينوش مساء السبت اسم الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية للدورة الثامنة والسبعين من الحدث السينمائي، بعد منافسة مفتوحة جدا، وفي ظل ارتفاع حظوظ بعض المرشحين بينهم المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي.

وعقب انقطاع التيار الكهربائي عن جنوب شرق فرنسا بما يشمل مدينة كان ومحيطها السبت، أكد منظمو المهرجان أن الحفلة الختامية لن تتأثر بذلك وستُقام "في ظروف طبيعية"، مشيرين إلى أن "قصر المهرجانات انتقل فورا إلى نظام تغذية كهربائية مستقل ما يسمح بالمحافظة على كل الفعاليات والعروض المقررة اليوم بما يشمل حفلة الختام، في ظروف طبيعية".

وبحلول فترة ما بعد الظهر، ازداد النشاط في مقر المهرجان وسط مدينة شهدت حركة شبه متوقفة، إذ أغلقت المطاعم وانتشرت عناصر الشرطة في الشوارع لتنظيم السير بدلا من إشارات المرور.

وفي هذا السياق غير المعتاد، ينتظر الجميع اسم الفيلم الذي ستُعلن لجنة التحكيم فوزه في نهاية مسابقة كانت مفتوحة.

وقد تبعث لجنة التحكيم برسالة سياسية قوية من خلال تتويج الأوكراني سيرغي لوزنيتسا أو السويدي المصري طارق صالح، أو تكافئ إحدى المواهب الشابة أو تصنع التاريخ من خلال منح سعفة ذهبية ثالثة للأخوين داردين.

ويعقد أعضاء لجنة التحكيم التسعة برئاسة النجمة الفرنسية اجتماعا مغلقا لاختيار من بين 22 عملا سينمائيا الفيلم الذي سيخلف "أنورا" للمخرج الأميركي شون بيكر الذي فاز عام 2024.

وستمنح لجنة التحكيم ست جوائز أخرى على الأقل، بينها جائزتا أفضل ممثلة وأفضل ممثل، خلال الحفلة الختامية التي تنطلق عند الساعة 18.40 (16.40 بتوقيت غرينتش).

وترك جعفر بناهي (64 عاما) انطباعا قويا من خلال فيلم "مجرد حادث" الذي يتناول معضلة سجناء سابقين يسعون إلى الانتقام من جلادهم.

ويذكّر موضوع هذا الفيلم الذي يحمل على السلطات الإيرانية ولاقى استحسان النقاد بما حصل مع بناهي الذي سُجن مرتين في إيران، وقد يعرّضه هذا العمل الذي صوّره بشكل سري لملاحقات.

وقال بناهي لوكالة فرانس برس خلال المهرجان "ما يهمّ هو أن الفيلم قد أُنجز. لم آخذ وقتا للتفكير في ما قد يحدث. أنا حيّ طالما أصنع أفلاما".

وشكّل حضور بناهي في مهرجان حدثا بارزا، إذ كان ممنوعا من مغادرة الأراضي الإيرانية لـ15 عاما.

وعكست الدورة الثامنة والسبعون بالإضافة إلى إيران، الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وشهدت تصريحات تعبّر عن مواقف سياسية، أهمها كلمة للنجم روبرت دي نيرو هاجم فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وشهد المهرجان الذي امتدّ على أسبوعين مرور كوكبة من النجوم على سجادته الحمراء، من دينزل واشنطن وتوم كروز الذي حضر لمواكبة أحدث أفلام سلسلة "ميشن إمباسيبل"، وصولا إلى سكارليت جوهانسون في أول تجربة إخراجية لها، ونيكول كيدمان.

ومن بين الأفلام الأخرى التي نالت استحسان النقاد، "مدعيان عامان" Two Prosecutors للمخرج سيرغي لوزنيتسا والذي يقدّم تأمّلا في الظلم التعسفي عن طريق العودة إلى عمليات التطهير التي كانت تُنفَّذ في عهد جوزيف ستالين خلال ثلاثينات القرن العشرين.

ومن الأفلام المفضلة لدى الجمهور "موجة جديدة" New Wave، وهو عمل يوجه المخرج الأميركي ريتشارد لينكليتر من خلاله تحية إلى جان لوك غودار، وفيلم "قيمة عاطفية" Sentimental Value للنروجي يواكيم تريير، وهو فيلم ميلودراما يجمع بين الضحك والدموع وحظي بتصفيق حار من الجمهور لعشرين دقيقة تقريبا، ما يشكل مدة قياسية.

ويتنافس الممثل السويدي ستيلان سكارسغارد على جائزة أفضل ممثل، وكذلك البريطاني جوش أوكونور (الأمير تشارلز في "ذي كراون") الذي يشارك في فيلمين، والأميركي خواكين فينيكس الذي يقدم أداء قويا في "إيدينغتون" Eddington.

ومن بين الأدوار النسائية البارزة، تؤدي الممثلة الأميركية جينيفر لورانس دور أم تنحدر إلى الجنون في فيلم "داي، ماي لوف" Die, My Love. وتبرز الممثلة الفرنسية الجديدة ناديا ميليتي في فيلم "لا بوتيت ديرنيير" La petite derniere الذي يتمحور على امرأة مسلمة تكتشف مثليتها الجنسية.

وفاز الفيلم الجمعة بجائزة "كوير بالم" التي تُمنح لأفضل فيلم عن المثلية الجنسية. وقد يكافئ مهرجان كان مخرجته الممثلة الفرنسية حفصية حرزي (38 عاما)، ليواصل بذلك تجدده بعدما كافأ في السنوات الأخيرة مواطنتيها جوليا دوكورنو وجوستين ترييه.

ومن الأسماء التي كان لها حضور قوي الصيني بي غان (35 عاما) مع العلم أنّه أثار انقساما عميقا بين النقاد. وفي فيلم يحمل عنوان "ساوند أوف فالينغ" Sound of Falling، تتناول المخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي (41 عاما) التي تشارك للمرة الأولى في المهرجان، متاهة من الصدمات العائلية التي تنتقل من الأمهات إلى البنات.

من ناحية أخرى، قد تمنح لجنة التحكيم السعفة الذهبية للأخوين البلجيكيين جان بيار (74 عاما) ولوك (71 عاما) داردين، عن فيلم "الأمهات الشابات" Jeunes meres. وإذا فازا سيصبحان أول مخرجين ينالان السعفة الذهبية ثلاث مرات.

وقالت الممثلة رينوتي راينسفه بطلة فيلم "سينتيمنتال فاليو" (القيمة العاطفية) من إخراج ترير إن هذه الجوائز يمكنها أن تصنع أو تحطم مسيرة مهنية، مضيفة أن فوزها بجائزة أفضل ممثلة في عام 2021 عن فيلم "ذا وورست بيرسون إن ذا وورلد" (أسوأ شخص في العالم) غير حياتها تماما.

وأحد المؤشرات على الفيلم الذي يمكن أن يفوز بجائزة السعفة الذهبية هو اختيار أفلام اشتراها الموزع المستقل نيون الذي نجح في اختيار الفيلم الفائز في مهرجان كان في المرات الخمس السابقة.

واشترى الموزع الأميركي حتى الآن ثلاثة أفلام هي "سينتيمنتال فاليو" الذي نال بعد عرضه تصفيقا حارا استمر نحو 15 دقيقة، و"إت ووز جاست أن أكسيدينت" (كان مجرد حادث) للمخرج الإيراني جعفر بناهي و"ذا سيكريت إيجنت" (العميل السري) للمخرج البرازيلي كليبر ميندونكا فيليو.

ومن بين الأفلام الأخرى المنافسة بقوة، استنادا إلى شبكة لجنة التحكيم السنوية التي أعدتها نشرة (سكرين ديلي) المتخصصة في هذا المجال، فيلم "تو بروسكيوترز" (ممثلا الادعاء) الذي يعود إلى الحقبة الستالينية وفيلم الدراما بين الأجيال "ساوند أو فولينج" (صوت السقوط) للمخرجة الألمانية ماشا شيلينسك.

وانطلقت فعاليات الدورة الثامنة والسبعون للمهرجان رسميا في 13 مايو/أيار الجاري بعرض الفيلم الكوميدي الفرنسي "اترك يوما واحدا" (ليف وان داي).